داعش يتبع طريقة جديدة لاستهداف الصحفيين
كتبت- رنا أسامة:
ألغام أرضية تناثرت لتملأ أرجاء محيط أكبر مقبرة جماعية لتنظيم داعش، تلك تستهدف الصحفيين ومُحقّقي جرائم الحرب، الذين يتوافدون على المنطقة لتوثيق الأعمال الوحشية التي تُجريها الجماعة، في الوقت الذي يواصل فيه التنظيم خسارة معاقله في العراق.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الاندبندنت" البريطانية عبر موقعها الرقمي، فقد لقيت صحفية كُردية، تُدعى شيفا جاردي، حتفها في انفجار يوم السبت، بينما كانت تُجري حوارًا بمنطقة بالقرب من مدينة الموصل العراقية.
وأفادت شبكة "روداو" التي تعمل بها الصحفية الضحية، بأن قائد قوات الحشد الشعبي الذي كانت تتحدّث إليه "جاردي"، اصطدم أثناء سيره بسلك موصّل بلغم أرضي مدفون، ما أرداه قتيلًا هو والصحفية وأربعة مُقاتلين آخرين، وإصابة العديد بجروح.
وتعتقد مصادر، أوردتها الصحيفة، أن الجنود قادوا الصحفية ذات الثلاثين عامًا إلى ممر يُعرف بأنه آمن، في منطقة كان يحظر على الصحفيين الاقتراب منها في السابق وكانت محميّة بنقطة تفتيش أمنية.
وأشارت الصحيفة إلى استخدام موقع "الخسفة" في العراق، لأغراض شنيعة من قِبل داعش، خلال ثلاثة أعوام سيطرت خلالهم على المِنطقة، حتى تحوّلت إلى مِقبرة تضم ما يزيد عن 4000 جثة، وفقا لمزاعم أطلقها أهالي الضحايا.
وتقع تلك المنطقة خارج قرية العتبة، بنحو 12 ميلًا جنوب الموصل، التي تم تحريرها مؤخرًا من قبضة مُجرمي التنظيم الإرهابي. ويتوافد إليها صحفيّون وخبراء ألغام ومُلاحظون دوليّون، باعتبارها أكبر مقابر داعش الجماعية حديثة الاكتشاف، مع الاستمرار في ظهور الأدلة التي تُشير إلى استخدمها في ارتكاب أفظع الجرائم والأعمال الوحشية على يد داعش.
وتعمل منظمة هيومان رايتس ووتش على تسجيل عمليات داعش في "الخسفة"، باستخدام صور الأقمار الصناعية، التي أظهرت تعبئتها بألغام أرضية.
وقال الباحث البارز في شؤون العراق بالمنظمة، بلقيس ويلي، للاندبندنت إن: "مُعظم الضحايا الذين وقعوا في فخّ تلك المنطقة الملغومة من المساجين، الذين تم اقتيادهم إلى المكان ومن ثمّ قتلهم"، في الوقت الذي أوردت فيه عناصر محلية بأن رجالًا أيزديين حُبِسوا بداخل شاحنة وتم الدفع بالشاحنة وإلقائها في الموقع.
وكانت ألغام أرضية مزروعة من قِبل داعش قد وُجِدت في مقبرة جماعية تم اكتشافها بالقرب من "حمام العليل"، في نوفمبر الماضي، وعُثِر بداخلها على 100 جثة مقطوعة الرأس.
وتستخدم داعش آليات مرعبة لإخفاء العبوات الناسفة الخاصة بها؛ إذ تم العثور على البعض منها مُخبّأة في أجهزة منزلية ودُمى دببة وألعاب على شكل سيارات.
وأظهرت لقطات سجّلها متمردون أطاحوا بداعش خارج مدينة الباب السورية، صورًا لعملية تصنيع عبوات ناسفة من كُتل بوليسترين مُصمّمة بشكل يُماثل الصخور.
ولفتت الصحيفة إلى المجموعات المعنيّة بإزالة الأجهزة الناسفة، مُشيرة إلى المجموعة الاستشارية للألغام، المعروفة اختصارًا بـ (ماج)، التي دعت لإجراء المزيد من الجهود الدولية لمواجهة "الألغام الأرضية" في العراق.
وقال شون ساتون، المتحدث باسم (ماج) للاندبندنت: إن حجم المتفجرات التي خلّفها مُقاتلو داعش "غير مسبوق"، بعد العثور على أكثر من 100 لغم في قرية واحدة.
ويُعتقد أن داعش يجهّز آلياته الدفاعية منذ سنوات عدة، مُتبنيا في ذلك استراتيجية تقوم على زرع البؤر القاتلة بالألغام والأجهزة الناسفة، باستخدام بطاريات طويلة الأجل أو صواعق ميكانيكية.
وأشار ساتون إلى أن الألغام العسكرية التي كانت تستخدم في الماضي من قِبل الجيوش التقليدية، أصبحت تُصمم الآن ليتم تفجيرها من خلال الدبابات أو الأسلحة الثقيلة، لافتًا إلى أن الألغام محلية الصُنع التي يستخدمها داعش ذات مفعول قوي، لدرجة أن اقتراب طفل منها يكفي لتفجيرها، فضلًا على أنها رخيصة الثمن وتُستخدم بكميات هائلة.
وأضاف أن 100 كيلو جرامًا تقريبًا منها يكفي لإعاقة الشخص أو بتر ساقه، مُشيرًا إلى عثور مجموعة "ماج" على ألغام يصل وزنها إلى طن ونصف الطن.
فيديو قد يعجبك: