افتتاحية نيويورك تايمز: تجنب الجنون ومعاقبة ترامب
كتب – محمد الصباغ:
"لم يستمر الأمر طويلًا".. كانت العبارة التي بدأ بها هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية افتتاحيتها اليوم، في إشارة إلى تحرك الرئيس دونالد ترامب في قضية التغير المناخي.
قالت الصحيفة، إن ترامب احتاج فقط 10 أسابيع في الرئاسة، وخاطر بشكل كبير بمستقبل أجيال، فالرئيس أمر بإلغاء سياسات سلفه باراك أوباما المتعلقة بمواجهة ظاهرة تغير المناخ عن طريق تقليل العوادم المنبعثة من الوقود الأحفوري.
وتابعت نيويورك تايمز "بدأ الاعتداء مع تعهد الرئيس ترامب من مدينة ديترويت بمراجعة معايير الكفاءة بالنسبة لوقود السيارات والشاحنات، واستمر في ذلك بعدما وضع خطة ميزانية مقتصدة ستنهي تمويل البرامج العلمية المرتبطة بالمناخ"، ووصل الأمر إلى إصداره أمر تنفيذي الثلاثاء قد ينهي سياسة أوباما لموارد الطاقة النظيفة.
وتسببت هذه الاستراتيجية لإدارة أوباما في إغلاق مئات المصانع التي تعمل بالفحم وجمد إنشاء مصانع البعض الآخر.
وقالت الصحيفة إن هذه الخطوات التي نفذها ترامب لم تكن غير متوقعة من الرجل الذي وصف التغير المناخي بأنه كذبة اخترعها الصينيون لتدمير الصناعة الأمريكية، ومن رجل أحاط نفسه بمجموعة من الموظفين والمساعدين الذين يعرفون القليل أو يتجاهلون ظاهرة الاحتباس الحراري وتبعاتها. وأضافت أنه أيضًا رجل يعود نجاحه السياسي إلى المنح من شركات النفط والغاز والفحم.
ووصفت الصحيفة اجتماع ترامب الذي أسفر عن الأمر التنفيذي بشأن سياسة ترامب "النظيفة"، بأنه كان مفزعًا وليس بسبب الوعود الكاذبة بوظائف أكثر لعمال الفحم الذين تتراجع صناعتهم بدرجة كبيرة بسبب الغاز الطبيعي الرخيص والمضاعفة الثلاثية لمصادر الطاقة النظيفة منذ عام 2008، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأضافت أن المفزع كان في التجاهل التام للنتائج العلمية الواضحة جدًا بشأن التغير المناخي مثل ارتفاع مستوى مياه البحر، والجفاف. وأن ذلك سيسير في طريق أسوأ. وتابعت أن الأمر أصبح أسوأ بسبب إعادة إدارة ترامب تأكيدها على دعمها لمصادر الطاقة القديمة غير النظيفة في الوقت الذي تتجه فيه كل القوى الاقتصادية الأخرى نحو الموارد الأجدد والأكثر نظافة. ويؤثر ذلك على أيضًا مئات الشركات الأمريكية الكبرى التي تخشى من أنه بدون ابتكار سترتفع تكلفتهم وستفقد تنافسيتها لصالح شركات أجنبية.
وربما الأكثر أهمية، وفقًا للصحيفة، أن تجاهل ترامب نزع عن أمريكا دورها القيادي الذي اكتسبته بصعوبة، فيما يخص قضايا المناخ دوليًا.
وأبرزت أيضًا تعهد ترامب بعدم الالتزام بوعود أوباما بتقليل الانبعاثات الأمريكية المسببة للاحتباس الحراري إلى النسبة التي كانت موجودة قبل عام 2005 بحلول عام 2025. وبدون ذلك، لن تمتلك الولايات المتحدة الأدوات أو المصداقية لقيادة العالم فيما يخص العمل على تقليل الانبعاثات.
وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوات الأمريكية شديدة الخطورة، فإما أن دول كبرى ستنسحب من اتفاقية المناخ، أو سيقررون التمسك بمبادرة الاعتماد على موارد الطاقة النظيفة، والتي ستكون جيدة بالنسبة للمناخ لكن سيئة للصناعة الأمريكية.
واختتمت نيويورك تايمز افتتاحيتها بسؤال "هل هناك طرق لتجنب هذا الجنون؟" ثم تابعت أن هذا ممكنًا، فأوامر ترامب التنفيذية لن تؤثر في الحال. فهناك عام تقريبًا حتى يتم إعداد خطة بديلة بشأن الطاقة النظيفة. والولايات التقدمية مثل كاليفورنيا ونيويورك، سيتوصلون إلى مبادرات خاصة بهم لتقليل الانبعاثات الضارة. ثم يأتي الرأي العام أيضًا، الذي وفقًا للصحيفة، عاقب الجمهوريين بقوة عام 1994 حينما حوال نيوت جينجريتش، وحلفائه التراجع عن قوانين البيئة. وعاقبهم مرة أخرى عام 2008 بعد إنكارهم لتغير المناخ تحت قيادة جورج دابليو بوش.
وأضافت الصحيفة "هناك وقت كاف قبل أن يترجم تجاهل ترامب إلى سياسة فعلية يعارض فيها الرأي العام هذه الاستراتيجية المعادية للعلوم".
فيديو قد يعجبك: