فيسك: مشكلة أقباط مصر أعمق من هجمات داعش
كتبت- هدى الشيمي:
قال الكاتب والصحفي البريطاني روبرت فيسك إن بابا الفاتيكان فرنسيس ترأس قدّاسا حضره حوالي 25 ألف مسيحي في استاد الدفاع الجوي بالقاهرة، في نفس الوقت توجهت حوالي 30 طالبة مُسلمة إلى المتحف القبطي بمنطقة مصر القديمة، مشيرا إلى مشاكل المسيحيين المصريين أعمق من الهجمات التي يشنها ضدهم تنظيم داعش.
وتابع فيسك قوله – في مقال بصحيفة الإندبندنت البريطانية- "حرصت الطالبات على التقاط الصور الشخصية في المتحف، وبجانب واجهة المتحف التي أسسها ماركوس سيمايكا باشا في عام 1910، وحرص أن تكون مشابهة لواجهات المساجد، حتى يؤكد التشابك القوي بين المسيحيين والمسلمين في مصر، وأن هناك ثقافة تجمعهم".
ولفت فيسك إلى رسالة البابا مع شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، والتي كانت متطابقة إلى حد كبير، وعُرضت في جميع أنحاء العالم.
ويقول الكاتب البريطاني إن الصحفيين في تغطيتهم للرسالة سلطوا الضوء على إدانة البابا وشيخ الأزهر للجماعات الإرهابية المُتطرفة، دون ذكرها، ولكن الجميع يعلم أنهما يقصدان تنظيم داعش، بالإضافة إلى حديثهم عن الهجمات الإرهابية التي شهدتها الكنائس مؤخرا.
ومع ذلك، يرى فيسك أن مشاكل المسيحيين المصريين أعمق من ذلك كثيرا.
التقى فيسك بصديق له مُسلم يُدعى أحمد، رفض كتابة اسمه بالكامل، ويعيش بالقرب من الحي القبطي بالقاهرة، في إحدى المناطق في حلوان، والتي ما يزال يوجد فيها بقايا إحدى البوابات الرومانية القديمة، والتي بناها الإمبراطور تراجان.
وتحدث الكاتب البريطاني مع صديقه عن جيرانه وأصدقائه المسيحيين، وقال له الأخير: "سأقول لك إني لدي الكثير من الأصدقاء المسيحيين، وهم أصدقاء حقيقيون، وجميعهم مقربون إلى قلبي. مثل أخوتي، ولكن المشكلة أن بعض المسلمين يرون مدى القرب بين المسيحيين وحكومة السيسي، لذلك يلومونهم إذا حدث أي شيء خطأ".
ويضيف: "اليوم، متى دار نقاش بين المسلمين والمسيحيين حول الرخاء أو الأسعار أو أي شيء يتعلق بالبلد، يتحول فجأة إلى جدال مسيحي إسلامي، أو بمعنى أدق يتحول إلى حوار طائفي".
وذكر فيسك أن الرئيس الأسبق حسني مبارك طالما أعرب عن حبه للمسيحيين، على عكس سلفه الرئيس أنور السادات، والذي حدد إقامة البابا شنودة، ما دفع البعض لاتهامه بأنه رئيس مسلم للمسلمين فقط، ما أثار غضب المسيحيين.
أما السيسي، فيقول فيسك إن بابا الأقباط كان أول الداعمين والمؤيدين له بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وأكد أن الأقباط يقفون بجانبه.
ولا توجد صعوبة في معرفة المشكلة هنا. يقول فيسك إن المسيحيين كأقلية (10 في المئة من إجمالي تعداد المصريين)، يرغبون في أن يحميهم النظام الحاكم. وخوفهم من أن الحكومة فشلت في حماية كنائسهم، وهذا ليس صحيحا، وشن أنصاف الدعاة هجمات متشددة عليهم في صعيد مصر، جعلهم أقرب للسيسي، فأصبحوا مرتبطين بالنظام نفسه.
ونوه الكاتب البريطاني إلى أن الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط عانت. فمسيحيو سوريا من أكبر الداعمين لبشار الأسد في سوريا، لأن حكومته تحاول حمايتهم، ويقوم بالعديد من الزيارات للكنائس في شمال دمشق.
وكذلك الحال في العراق، كان المسيحيون هناك يشعرون بأن نظام صدّام حسين يوفر لهم الحماية، وبعد إطاحته بأشهر، قرروا النزوح وترك البلاد خوفا على حياتهم.
ويتفق مع أحمد صديق آخر للكاتب البريطاني، والذي رفض الإفصاح عن اسمه، ولكنه يرى أن الإعلام الغربي كان له دور فيما وصلت إليه العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.
ويُنهي فيسك قوله، بالإشارة إلى الطريق الطويل الذي يمتد من البابا الحالي، إلى شيخ الأزهر، إلى داعش وصولا بالرئيس السيسي، واستخدام زيارة البابا الأخيرة للتأكيد على أن مصر آمنة.
ويقول إن المشكلة هنا هي أن أحفاد المسيح أصبحوا محاصرين بين النظام والأغلبية المسلمة في مصر. ولكنه ليس خطأهم، وليس خطأ المسلمين أيضا، ولكن هذا ما يحدث عندما يحتاج المسيحيون الحماية من الحكّام المحليين.
فيديو قد يعجبك: