وول ستريت جورنال تكشف عمق التدخل الإسرائيلي في الحرب الأهلية السورية
كتب - عبدالعظيم قنديل:
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الأحد، تقريرًا يكشف النقاب عن انخراط إسرائيل في الحرب الأهلية السورية على مدى السنوات الماضية، وذلك بهدف اقامة منطقة عازلة بالقرب من حدودها الشمالية، ولفت التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية دأبت في تقديم الوقود والامدادات الغذائية، إضافة إلى المساعدات الطبية إلى مسلحي المعارضة السورية.
ووفقًا للتقرير، تتواصل القوات الإسرائيلية بشكل منتظم مع قوات المعارضة السنية، وتساهم المساعدات الإسرائيلية في دفع رواتب المقاتلين وشراء الذخائر، الأمر الذي دفع القيادة الإسرائيلية إلى إنشاء وحدة عسكرية تشرف على الدعم المقدم إلى قوات المعارضة السورية، علاوة على تخصيص الجيش الإسرائيلي ميزانية محددة للمعونة المنتظمة.
وقد أجرت "وول ستريت جورنال" مقابلات مع مقاتلين مطلعين على سياسات إسرائيل داخل سوريا، حيث أكدوا أن الدولة العبرية تشارك بعمق في الحرب الأهلية السورية، فضلًا عن اعتراف إسرائيل علنًا بمعالجة حوالي 3000 سوري جريح، معظمهم من المقاتلين، في مستشفياتها منذ عام 2013، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية مثل الغذاء والملابس للمدنيين بالقرب من الحدود خلال فصل الشتاء.
وقال معتصم الجولاني، الناطق باسم جماعة فرسان الجولان المعارضة، إن "إسرائيل تقف إلى جانبنا باستمرار... لم ننجح من دون مساعدة اسرائيل".
وتابع معتصم أن قواته شنت هجومًا على قوات النظام في جنوب غرب محافظة القنيطرة التي تضم الجانب السوري من الجولان، في عام 2013، وبعد ذلك قام المقاتلون بحمل الرفاق المصابين إلى نقطة حدودية، حيث التقوا مع جنود إسرائيليين يتحدثون العربية، منوهًا إلى أن هذه اللحظة كانت نقطة تحول فتحت الاتصالات بين إسرائيل والفصيل المعتدل من مقاتلي المعارضة.
كما قال قائد فرسان الجولان، أبو سهيب،: "أن مجموعته تحصل على ما يقرب من 5000 دولار شهريا من إسرائيل، وهي ليست مرتبطة بالجيش السوري الحر المدعوم من الغرب، مضيفًا أن فرسان الجولان، التي تتخذ من محافظة القنيطرة مقرا لها، تضم نحو 400 مقاتل متحالفين مع أربع مجموعات متمردة أخرى في الجولان، وكل هذه الفصائل تحصل على مساعدات إسرائيلية، على الرغم من أن بعض هذه الجماعات الأخرى تابعة للجيش السوري الحر أو تتلقى تمويلا غربيا وأسلحة أخرى.
وأوضح التقرير أن هدف إسرائيل هو الحفاظ على تحالف المقاتلين، المدعومين من إيران للنظام السوري مثل حزب الله اللبناني، بعيدًا عن مرتفعات الجولان، على الرغم من انزعاج النظام السوري بمساعدة إسرائيل للجماعات المتمردة، لافتًا إلى أن دعم المعارضين يهدد بتصاعد التوتر مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
ومن المؤكد أن الوجود الدائم للقوات الإيرانية وحزب الله على الجانب السوري من هضبة الجولان يمكن أن يدفع الجيش الإسرائيلي إلى الانزلاق أكثر في الصراع الداخلي السوري، لاسيما وان المسؤولين الإسرائيليين لم يستبعدوا مثل هذا التصعيد، في الوقت الذي تبحث فيه الدولة العبرية عن إقامة تحالف مع الدول العربية ضد عدوهم المشترك "إيران"، وذلك حسبما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
من جانب آخر، أكد مصدر على دراية بمساعدات إسرائيل أن النقود تتحرك عبر الحدود، والمفترض أن تذهب لأغراض إنسانية، غير أن المتمردين الذين تمت مقابلتهم قالوا إنهم يستخدمون النقود لدفع رواتب المقاتلين وشراء أسلحة وذخائر، الأمر الذي لم يعلق عليه الجيش الإسرائيلي.
في هذا الصدد، ألمحت الصحيفة الأمريكية إلى أن إيران وحزب الله اللبناني قدموا دعمًا رئيسيا لقوات الرئيس السوري بشار الأسد، فضلا عن العملية العسكرية الروسية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تخشى أن تسيطر القوات الإيرانية أو الميليشيات الشيعية على قطاع من الأراضي في سوريا والعراق، الأمر الذي يمكنه من نقل الأسلحة إلى قواعد عسكرية في جنوب لبنان والجانب السوري.
من جانبه، وصف إيهود ياعري، زميل في معهد واشنطن والمحلل السياسي الإسرائيلي، دعم إسرائيل للميليشيات السورية، بسياسة "الجوار الصالح"، لافتًا إلى أن تلك السياسة بدأت في ظل وزير الدفاع السابق موشيه يعلون واستمرت تحت خليفته، أفيغدور ليبرمان، حيث تقدم إسرائيل الدعم الإنساني وتحصل في المقابل على "منطقة عازلة" بمشاركة الميليشيات المعارضة.
ويشار إلى أن إسرائيل اعتادت التعتيم على تناول عمليات قصف في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية، حيث تعتبر سوريا وإسرائيل في وضع حرب رسميا، بعدما قامت إسرائيل باحتلال جزءا من هضبة الجولان السورية في حرب 1967 وضمتها لاحقا، وهي الخطوة التي لا يعترف بها المجتمع الدولي.
فيديو قد يعجبك: