حكايات من قلب الموصل.. مصورون ينقلون حقيقة ما حدث
كتبت-هدى الشيمي ورنا أسامة:
تقول مجلة "تايم" الأمريكية إن حمامات الدماء لن تتوقف في الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، مشيرة إلى أن المعارك الشرسة والعنيفة ربما تكن الطريقة الوحيدة لانتزاعها من أيدي مسلحي تنظيم داعش، الذين عملوا على ترك آثرهم في المدينة منذ عام 2014، وعززوا وسائل الدفاع عن أنفسهم حتى يكونوا مستعدين في اللحظة التي تحاول فيها القوات العراقية استعادتها.
وأشارت المجلة إلى أن مئات الصحفيين والمصورين، ذهبوا إلى الموصل، والمناطق المحيطة بها خلال التسعة أشهر الماضية، أي منذ بدء معركة "قادمين يا نينوى" لتحريرها من أيدي مقاتلي داعش.
وأوضحت أن المصورين التقطوا صورا وجمعوا قصصا خلال الأيام والأسابيع الشاقة التي اشتبكت فيها القوات العراقية، المدعومة بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مع مقاتلي داعش والمليشيات الإرهابية، والتقوا بمدنيين، وجنود، وأجانب.
ولإيصال الصورة كاملة، ولكي يعرف العالم ماذا يحدث في الموصل، وكيف يشعر مواطنيها، طلبت المجلة من كل مصور أن يُرشح لها صورة من أرشيفه عن المدينة العراقية، ويشرح قصة أصحابها أو الظروف التي التقطت فيها.
وكانت الحكومة العراقية أعلنت تحرير الموصل في 10 يوليو الجاري، بعد معارك تسببت في أضرار كبيرة خاصة في الجانب الأيمن من المدينة، والمدينة القديمة التي تضم العديد من الآثار والمباني القديمة.
وكان المصور إيمانويل ساتولي في منطقة الزنجيلي غرب الموصل. في الصباح حاول مجموعة من الجنود العراقيين التقدم على مقاتلي داعش الذين ظلوا يقاومون بشدة. وفي إحدى اللحظات، شعر المواطنون بالشجاعة لوجود الجنود حولهم، وقرروا مغادرة منازلهم، وساروا معا في مجموعات على الطريق وسط الأنقاض.
أطلق المسلحون النار ورد عليهم الجنود لحماية المدنيين. وفي ذلك الوقت رأى المصور الصحفي امرأة تحمل طفلها المُنهك، تعود أدراجها مرة أخرى، وبدا عليها الفزع الشديد.
ويقول ساتولي: "عندما أنظر إلى الصورة مرة أخرى، أشعر بأنها تنظر بهذه الطريقة إلى منزلها، والطريق الذي اعتادت السير فيه، قبل أن تصبح واحدة من بين آلاف النازحين".
ووسط الاحتفالات بتحرير مدينة الموصل، التقطت المصورة اليس مارتينز، صورة لرجل ألقت القوات العراقية القبض عليه، لأنه كان دائما ما يتردد على نقاط تجمع الجنود ويسألهم عن أعدادهم ومواقعهم في المنطقة، وربما كان يفعل ذلك رغبة منه في فهم الوضع الحالي، والتأكد من أنه وعائلته سيعيشون في أمان.
إلا أن القوات وجدت اسئلته مثيرة للشك والريبة، فاتهموه بالتجسس لصالح داعش. وعندما أنكر ذلك، كبلوه وضربوه.
تقول مارتينز إن هذه الصورة أكثر ما علقت في ذهنها، لأنه في الوقت الذي حرر فيه المقاتلون المدينة، وأكدوا للمواطنين وللعالم أجمع أن نجاحهم في استعادة المدينة خطوة تجاه السلام والأمان في العراق، يجب أن تعمل الحكومة العراقية على القضاء على الاضطهاد والظلم الذي دفع الناس إلى الترحيب بداعش في البداية.
التقط المصور براين دينتون مجموعة محدودة من الصور، لأنه قضى فترة قصيرة هناك لم يستطع خلالها الذهاب إلى كل مكان، كما أنه أصيب بجروح طفيفة جراء انفجار سيارة مفخخة.
ويقول دينتون إن الصور التي ارتبط بها كثيرا، كانت تلك التي تظهر مدى العنف والتطرف الذي تعرضت له المنطقة، والخوف الذي ساد في المكان ولحظات الترقب وانتظار بدء القوات العراقية أول هجوم لها في المدينة.
ويشير إلى أن اليوم الذي التقط فيه هذه الصورة، كان يوما مُخيفا بالنسبة للجميع، وتضررت السيارة التي كان يركبها مع زملائه، لأنها أصيب بقذائف ورصاص داعش، وأصبح البقاء على قيد الحياة يتوقف على القدرة على التنقل.
ويصف المصور الأمريكي سينجيز يار الأوضاع في صحراء الموصل، في فبراير الماضي، ويقول إن المواطنين كانوا يسيرون في قلب الصحراء، يركلون حبات الرمال الصغيرة بأقدامهم، بعضهم يحمل حقائب صغيرة تحوي ملابسهم، وآخرين يمسكون بعصي رُبط في آخرها قماشة بيضاء، ومن بينهم كان شخص يُدعى محمد، حمل بين يديه جثة رضيعته، شهرين، والتي لُفت في قماش من الكتان المُلطخ بالدماء.
ويتذكر يار أنه التقط الصورة في يوم 23 فبراير، أي قبل يوم واحد من انطلاق عملية تحرير الجانب الأيسر من مدينة الموصل، وأجبر الهجوم العديد من العائلات، من بينها عائلة محمد، على النزوح.
وقبل رحليهم، صدمت إحدى القنابل منزلهم، فأودى الانفجار بحياة زوجته، ورضيعته وعدد غير مؤكد من المدنيين الآخرين.
كان المصور فيليب دانا في مستشفى ميداني، بالقرب من المدينة القديمة، آخر منطقة سيطرت عليها داعش في الموصل. وساد الهدوء في أنحاء المنطقة، وخلت ساحة المستشفى من المرضى والمصابين، إلا أن السكون لم يدم كثيرا، إذ أنهم سمعوا فجأة أصوات انفجارات قريبة، وبعد فترة قصيرة نُقلت مجموعة من المدنيين إلى العيادة الطبية.
خرج دانا لتفقد الأوضاع، فرأى طفلين يصرخان ويكبيان بشدة، بينما يحاول الجنود والمتطوعون إسكاتهم، بتقديم الماء والطعام لهم، إلا أنهما لم يصمتا، فحاول المصور الصحفي فهم ماذا حدث لهم.
يقول دانا: "الولدان كانا ابني عم، هربا من منزلهما بعد ضربه، وأصيبا بحالة هيستيرية من الصراخ، ولم يتمكنا من التوقف، لعلمهما بأن ابائهم أسفل الأنقاض، وتوسلا للجنود ولعمال الإنقاذ لكي يساعدوا على إخراج باقي أفراد العائلة، إلا العودة إلى هناك مرة أخرى كانت خطيرة جدا".
التقط المصور الصربي غوران توماسيفيتش صورة لأب يحمل طفلته الصغيرة ويصرخان بشدة، ويجري بشدة في الشوارع التي تراكمت الأنقاض على جانبيها، إذ تحولت المنطقة في غمضة عين إلى ساحة قتل بين مقاتلي داعش، والقوات العراقية الخاصة.
وأشار توماسيفيتش إلى أن ذلك الرجل وابنته، وغيرهم كثيرين كانوا يفرون محاولين النجاة بأرواحهم، بعضهم يرتدي أحذية وآخرين حافيين الأقدام.
ورجح المصور الصربي أن الطفلة ووالدها نُقلوا فيما بعد إلى مخيم لاجئين.
في مارس الماضي، انفصل العراقيون الذين ذهبوا للمشاركة في القتال في غرب الموصل عن عائلتهم، وقامت أجهزة الاستخبارات بفحص هويتهم وأوراقهم الرسمية، لمعرفة ما إذا كانوا مقاتلين في صفوف داعش، أو مؤيدين لهم.
سار الرجال لمسافات طويلة في الشتاء، وكان الجو بارد ورطب، وفقد أغلبهم أحذيته، فساروا في الوحل والطين حفاة، وبعضهم انهار من قسوة الأوضاع.
ويقول المصور مارتين إيم، إنه ألقى التحية على مجموعة منهم، فردوا عليه بحرارة وهزوا رؤوسهم مرحبين به، وبدا عليهم الإنهاك الشديد.
علم إيم بأن عددا منهم كانوا مقاتلين، والآخر ألقت القوات العراقية القبض عليهم لاستجوابهم، وبعضهم ضُربوا بشدة وتعرضوا لإهانة حقيقة.
وأشار المصور الصحفي إلى أن السلطات أطلقت سراح بعضهم، فعادوا إلى معسكرات اللاجئين، وانضموا إلى العائلات التي تعيش هناك، بمجرد التأكد من صحة هويتهم وبرأتهم.
وكان المقاتلون العراقيون يلقون القبض على أي رجل يأتي من مناطق مُعينة من المدينة القديمة، للاشتباه في أنه من مقاتلي داعش.
ويقول إيم : "ربما ارتكبوا أخطاء بالفعل، ولكن كيف نعرف من منهم ينتمي إلى داعش؟ ومن ألقي القبض عليه بصورة خاطئة؟"
يحكي المُصور علاء المرجاني قائلًا: "كان السادس والعشرين من فبراير حينما شاهدت أربعة مُسلّحين يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم داعش، انتُشِلوا من مجموعة من المُشرّدين على يد جنود عراقيين. وقد تم التعرّف عليهم من قِبل عناصر مدنية عملت مع قوات الأمن وكانت ترتدي أقنعة لحماية أنفسها من أي هجوم مُحتمل. وأُلقي المشتبه بهم، بمن فيهم الرجل في هذه الصورة، في مؤخرة شاحنة صغيرة".
ويتابع قائلًا: "الصورة التي التقطها كانت مهمة لقصتنا؛ لأنها أبرزت الطريقة التي يتخفّى بها المُسلّحون بين صفوف المدنيين الفارين؛ هربًا من الوقوع في قبضة السلطات"، موضحًا أن بعضهم لجأ إلى التخفيف من لُحاه الكثيفة، فضلًا عن تغيير الملابس في محاولة للاختلاط والمزج مع المدنيين.
ويُشير إلى أنه كان يُغطي الأحداث على جبهة مُقابلة حينما شاهد على مواقع التواصل الاجتماعي أن مجموعة كبيرة من اللاجئين تتقدّم إلى هذا الموقع. لذا توجّه إلى نقطة تجمّع اللاجئين، وحينها وجد أن "المُشتبه بهم كان يتم معاملتهم بطريقة غير طبيعية".
ويستطرد: "بعد التقاطي الصورة، حاول ضابط في الاستخبارات العسكرية مُصادرة الكاميرا وإبعادي جانبًا، بيد أن عملي كُمراسل ومستشار أمني لدى وكالة رويترز دفع الضابط إلى التراجع".
يحكي المُصوّر ايفور بريكيت، قائلًا: "التقطت هذه الصورة في نهاية شهر مارس، عندما كانت القوات العراقية تقاتل داعش في حي الموصل الجديدة، غربي الموصل. لقد كان هذا الفصل وحشيًا بشكل خاص في المعركة الطويلة لاستعادة الموصل من التنظيم، إذ شهد سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين نتيجة عمليات القصف التي كانت تنفّذها القوات العراقية والتحالف الدولي".
وبينما كنت ألتقط صورًا لمجموعة من المدنيين يفرّون من جبهة القتال، لاحظت أن بعض الرجال من المجموعة كانوا يحملون جثتين صغيرتين كانتا للطفل محمد حامد (5 أعوام) وشقيقته أمينة (4 أعوام)، بعد أن فارقا الحياة متأثرين بجراح أُصيبا بها في غارة جوية استهدفت عناصر متشددة تختبئ في المنزل المجاور لهما. الأصدقاء وأفراد العائلة دفنوا جثتيهما في قبر واحد ضحل في فناء مدرسة، قبل أن يلوذوا بالفرار من المدينة.
شاهدتهم بينما يُصارعون من أجل حفر حفرة كبيرة بما يكفي لدفن جثتيّ الصغيرين، في الأرض الجافة والصخرية، في الوقت الذي تنهمر فيه الغارات الجويّة كالمطر من مكان قريب.
لقد كان ذلك من أكثر اللحظات المأساوية التي مررتُ بها خلال الأشهر الثمانية الماضية التي شهدتها معركة الموصل، ولازمتني لفترة طويلة فيما بعد. خسرت الأسرة طفليها وهذا شيء مؤلم، لكن حقيقة أنه بات لِزامًا علها تركهما في قبر ليس بالعميق، دون توديعهما بالشكل اللائق، تبدو أنها "غير مُنصفة" ويصعُب تقبّلها، إلى الحدّ الذي جعلني أشعر بالعجز عن وصف فجاعة المشهد حقًا.
يقول أحمد جادالله: غادرت اربيل في وقت مبكر في هذا الصباح، في طريقي إلى الموصل مع فريق الوسائط المتعددة ومستشار أمني في سيارة مُصفّحة. وبعد مرور حوالي ثلاث ساعات بالسيارة، مررنا خلالها بالعديد من حواجز البشمركة الكردية ونقاط التفتيش العسكرية العراقية، عبرنا نهر دجلة ووصلنا إلى مقر الشرطة الاتحادية العراقية في غرب الموصل.
بعد ساعة، أقلّتنا قافلة إلى جبهة القتال في المدينة القديمة. وهناك، أثناء تغطيتي للمعركة بين الشرطة الاتحادية ومسلحي داعش، مررت بالجندي في هذه الصورة. كان يأخذ قسطا من الراحة في بُقعة أكثر أمانًا، وغطّى نفسه بشبكة هربًا من الحشرات التي كانت تجذبها جثث الموتى والمجاري المفتوحة المجاورة.
وتُظهر هذه الصورة الظروف الصعبة في جبهة القتال، حيث لا يوجد مكان لائق للنوم مع استمرار القتال. والسير في أي اتجاه خاطئ رُبما كان يدفع إلى الوقوع في قبضة داعش.
ذهبت المصورة السويدية اليونانية لولو لزيارة الحديقة الحيوانات في الموصل في أحد أيام شهر مارس الماضي. وكانت مُغلقة، والتقت هي والمجموعة التي ذهبت معها بالحارس الذي وافق على فتح الأبواب لهم، والسماح لهم بالدخول.
أصبحت الحديقة منطقة مهجورة منذ استيلاء داعش على المنطقة، وعلموا من الحارس إن أغلب الحيوانات ماتت من الجوع، ولم يعد هناك سوى أسد يُدعى "سمبا"، ودب يُدعى "لولا".
وبعد لحظات، جلب الحارس قطعة من اللحم على عصا وقدمها للأسد، وقدم للدب تفاح، فاجتمع الرجال والنساء والأطفال حول الحيوانات، وشعر الجميع حينها أن الحياة كادت أن تعود لطبيعتها، إلا أن أصوات الأعيرة النارية والقذائف ذكرهم بأن الحرب ما تزال مستمرة.
لم يكن الهدف من ذهاب الصحفية والممرضة أليكس بوتر إلى الموصل في نوفمبر 2016، تغطية الأخبار والتقاط صور لتوثيق اللحظات التاريخية والمأسوية التي تعيشها المدينة، ولكنها قررت التطوع لصالح المكاتب الصحية غير الربحية التابعة للأمم المتحدة في العراق، للعمل في المستشفيات الميدانية، والاعتناء بالمصابين في الخطوط الأمامية في المعارك.
وتقول: "عملت في أسوأ وأحلك الظروف، وبعد فترة قصيرة أصبحت مهتمة جدا بأحوال العراقيين، خاصة الحالة النفسية للمسعفين المدنيين، ومن بينهم أحمد، المُسعف الذي يظهر في الصورة".
بعد تعرفها على العاملين في المجال الطبي في الموصل، تؤكد بوتر أن المسعفين والأطباء من بين الجهات الأكثر تضررا في المدينة، نظرا لأنهم شهدوا بصورة شبه يومية مقتل أو إصابة أحد اصدقائهم أو معارفهم.
منذ انطلاق عملية تحرير الموصل، رافق المصور العراقي حور خالد فريق من القوات العراقية الخاصة، وبقى برفقتهم 20 يوما، وأشار إلى أن المناطق الواقعة خلف الخطوط الأمامية أكثر أهمية بالنسبة له عن غيرها، لأنه هناك يستطيع فهم ومعرفة الكثير عن الحرب.
استيقظ خالد مع شروق الشمس، ويقول: "وتركت أذني تعمل أكثر من عيني"، وفي أحد الأيام في شهر نوفمبر، ذهبت القوات العراقية لتنفيذ عملية، فكانوا ينتقلوا من بناية إلى أخرى، يبحثون عن مقاتلي داعش، وفي النهاية وصلوا إلى بناية شبه منهارة، وجلس بجانب مجموعة من الجنود، بينما قام آخرون بتفتيش المنزل واستجواب أهله.
ويقول خالد: "سماع شهادة ذلك الرجل المنبعثة من الغرفة المجاورة، ذكّرني بطفولتي، عندما كانت قوات صدّام حسين تقتحم بيتنا كل أسبوع تقريبا، لأننا أكراد، وكانت تسألنا إذا كانت لنا أي علاقة بقوات البشمرجة الكردية".
وبعد التقاط المصور الشاب الصورة، طلب منهم القائدة أن يغادروا المكان بعد التأكد من هذه العائلة ليس لها علاقة بداعش، إلا أن كل ما سيطر على ذهن خالد هو أن ذلك اليوم قد يكون الأول الذي تعيش فيه تلك العائلة حياتها بشكل شبه طبيعي منذ 3 سنوات، دون الخوف من فقدان أحد أبنائها.
في مايو الماضي، رافق دانيش صدّيقي، المصور الصحفي بوكالة رويترز، قائد كبير في قوات مكافحة الإرهاب العراقية، وخلال عملية تحرير الجانب الغربي من المدينة، وصلوا إلى منزل صغير على الخطوط الأمامية للقتال، وكانت جدرانه مليئة بالثقوب الناجمة عن عمليات إطلاق النار المتواصلة، بينما يواصل مقاتلو داعش إطلاق النار من على بعد عدة أمتار.
وأشار صدّيقي إلى أن أهالي تلك البناية غادروا فورا، مع اشتداد القتال، تاركين ورائهم بعض الملابس، والألعاب، والعديد من الأشياء التي شاركتهم العديد من الذكريات.
كان شهر نوفمبر حين تحرّرت مدينة قراقوش، أكبر مدينة مسيحية في العراق وتبعد عن الموصل بحوالي 30 كيلومترا، من قبضة داعش. معظم المنازل تعرّضت للنهب أو الحرق. قضى المصور أليسيو مامو، أسبوعًا هناك مع مجموعة من المصورين من قراقوش، النازحين إلى أربيل، ممن كانوا يوثّقون دمار مدينتهم ومنازلهم.
دخلنا ما يقرب من 500 منزل دمرتها داعش خلال الاحتلال. في كل منزل كانت تنبعث رائحة حريق قوية، وأينما خطوت، أتعثّر في قطع زجاج مكسورة وطوب تحت حذائي. لقد انتابتنا حالة من التوتر والهلع لأننه كان بالإمكان في أي لحظة أن نواجه منجمًا غير منفجر أو نصطدم بمُسلّح مخبأ داخل إحدى المنازل.
من بين الغرف المنهوبة والمحترقة، وجدت شيء غير متوقع؛ مركب شراعي سليم. وأعطاني هذا المركب شعورًا غريب بالسلام وإحساسًا بأن هناك دائمًا قصة يُمكن أن يُحكى عنها، ومكان للعودة.
فيديو قد يعجبك: