فورين آفيرز: أردوغان وضع الديموقراطية التركية على طريق مسدود
كتب - عبدالعظيم قنديل:
أشارت مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، اليوم الجمعة، إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحول إلى "المهدي المنتظر" في أعين مؤيديه بعد الانقلاب الفاشل في يوليو من العام الماضي، وأصبح معارضيه أعداء الأمة الاسلامية، وبالتالي أعداء للدولة التركية، مما طمس معالم الديموقراطية في الدولة المدنية الحديثة داخل تركيا.
ووفقًا للتقرير، سعى أردوغان إلى تحويل النظام السياسي التركي إلى نظام رئاسي، بعد عام 2014، حيث يقوم، بصفته رئيسا، بتوطيد سلطات رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس الحزب الحاكم.
وكان أردوغان في أمس الحاجة إلى الفوز في استفتاء شعبي لتغيير الدستور، حتى يصبح أمرًا واقعًا، لكن حزب العدالة والتنمية لم يحصل على أكثر من 50٪ من الأصوات.
وقالت المجلة الأمريكية أن الانقلاب الفاشل كان بمثابة نقطة انطلاق لطموحات أردوغان، وقبل ذلك، كان أردوغان بالفعل أحد أقوى القادة في تركيا، مؤكدة أن أردوغان واجه، بعد نجاته من الانقلاب، خيارات المصالحة أو مزيد من الاستقطاب، لكنه نجح في استغلال ذلك باستفتاء دستوري لتحقيق طموحاته السياسية.
وبحسب التقرير، فعلى الرغم من أن الانقلاب تم تجنبه في غضون ساعات، إلا أن عملية التطهير التي تلت ذلك تحولت إلى فرصة ثمينة لمطاردة خصوم أردوغان الليبراليين واليساريين والقوميين الأكراد، وأي شخص آخر تحدى أردوغان، وذلك بعد أن ساد شعور بالخوف والغضب بين الحكومة ومؤيديها.
وفيما يتعلق بمؤيدي أردوغان، لم تكن محاولة الانقلاب هجوما داخليًا فحسب، بل كانت أيضا مؤامرة خارجية من "حلفاء أجانب" للإطاحة بأردوغان، حيث يصر مؤيدوه على أن الانقلاب كان آخر سلسلة من الهجمات التاريخية التي شنها الغرب ضد الأمة التركية والأمة، وتعد امتدادًا للحروب الصليبية، وبذلك أصبح مصير الزعيم مرتبط بمصير الأمة التركية، فمن دون أردوغان، لا يمكن أن تصبح تركيا أمة عظيمة مرة أخرى أو تفي بمهمتها التاريخية واستعادة كرامتها ومجدها، وذلك حسبما أفادت مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية.
كما ذكر التقرير أن رد أردوغان على الانقلاب، الذي أصبح أكثر استبداديا، له حيثيات ومبررات بالنسبة لأنصار أردوغان، مشيرًا إلى أن أولئك الذين لا يدعمون أردوغان لا يمكن أن يكونوا أتراك جيدين ولا مسلمين جادين، وبذلك أصبح الإسلام السياسي، والقومية التركية هي الآن جزءا لا يتجزأ من أردوغانية تركيا.
ويضيف التقرير، أصبحت تركيا لا يمكن أن تكون قوة عظمى بدونه ولا يمكن معالجة مظالم المسلمين في غيابه، لقد وضعت أردوغانية الديمقراطية التركية على طريق التدمير الذاتي، ويبدو أنه لا يوجد مخرج، ولذلك يدرك أردوغان جيدا أن الإسلاميين أنقذوا حياته. وبناء على ذلك، تمزج نظرية أردوغان، فى السلطة، بين حداثة تركيا ما بعد الاستعمار مع معاداة للغرب.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ارتدى ثياب "زعيم المسلمين" فى صراع الحضارات بين الغرب والاسلام، حيث صور الإعلام التركي التوتر بين تركيا والغرب كصراع حضاري، وبما أن أردوغانية تركيا تلغي كل المعارضة، فإن 40 مليونا من سكان تركيا، البالغ عددهم 80 مليون نسمة، أصبحوا يفضلوا السفر للخارج. وهذه يؤشر بحجم الاضطرابات الاجتماعية تركيا التي لم تشهدها منذ أواخر السبعينيات، وفقًا للمجلة الأمريكية.
يشار إلى أن الاستفتاء التركي عزز من صلاحيات الرئيس أردوغان، في إبريل الماضي، عقب 9 أشهر فقط من محاولة انقلاب عسكري حاول الإطاحة به، واتخذ الرئيس التركي إجراءات وصفت بالانتقامية أطاحت بنحو ألفين و745 قاضياً ومدعيا عاما ما بين الاعتقال والإقالة أو إدراجهم تحت طائلة المطلوبين، ضمن قوائم أخرى أكبر تتجاوز عشرات الآلاف، في قطاعات الجيش والشرطة والتعليم والمحليات والإعلام.
جدير بالذكر، تولى أردوغان رئيسا للوزراء فى عام 2003 من خلال حزب العدالة والتنمية، وظل فى ذلك المنصب لمدة 11 سنة، وبعدها فاز بانتخابات الرئاسة في أغسطس 2014، ليكون أول رئيس تركي منتخب بالاقتراع المباشر، وهو منصب يفترض أن يكون شرفيا وفقا للدستور التركي، لكنه حقق نموا اقتصاديا، مما ساعده على زيادة حصة حزب العدالة والتنمية في التصويت.
فيديو قد يعجبك: