هل تتخلى كوريا الشمالية عن السلاح النووي من أجل بناء الاقتصاد؟
كتب- محمد الصباغ:
طالما دعا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون خلال فترة حكمه للدولة المعزولة إلى المضي قدمًا في تطوير الأسلحة النووية والنمو الاقتصادي في البلاد من أجل جعل كوريا الشمالية "قوة عظمى اشتراكية نووية".
لكنه أعلن اليوم السبت أن بيونج يانج سوف توقف الاختبارات النووية والصاروخية حتى لا يصبح "صدام حسين آخر أو معمر القذافي"، وأشار إلى إغلاق موقعًا للتجارب النووية.
ومن المقرر أن يلتقي الزعيم الكوري الشمالي أيضًا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت لاحق بنهاية مايو أو أوائل يونيو المقبلين، وهو تغير كبير في مسار العلاقة بين واشنطن وبيونج يانج التي شهدت توترات كبيرة بسبب التجارب الصاوخية، بل ووصلت لحد تهديد كل منهما للآخر بالاستهداف النووي.
وذكرت مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، السبت، إن العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على بيونج يانج جاءت بثمارها بعد التحول الكبير في التوجه الكوري الشمالي. وفرضت الأمم المتحدة عقوبات كبيرة على كوريا الشمالية ما ساهم في تراجع اقتصادها المتدهور أساسًا.
وتسائلت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها المنشور اليوم، حول ما إذا كان هذا التوجه في سياسة كوريا الشمالية سيكون حقيقيًا وما إذا كان الزعيم الكوري سوف يتخلى عن التجارب النووية من أجل دعم اقتصاد بلاده.
ونقلت الصحيفة عن لي يونج سوك، الوزير السابق للوحدة في كوريا الجنوبية قوله: "يحاول (كيم جونج) أن يحاكي النمو الاقتصادي السريع الذي صنعته الصين. كوريا الشمالية التي يتصورها مختلفة عن التي كان يراها والده".
كما أضاف "تابعنا فقط الجانب النووي من حكم كيم جونج اون، وحاولنا جاهدين ألا نرى الجانب الآخر. هو مستعد للتخلي عن الأسلحة النووية من أجل تطور اقتصادي. لو اقتنع بإطعام شعبه ثلاث وجبات يوميًا فقط، فلن يتخلى عن أسلحته النووية".
أما الخبير الكوري بكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس الأمريكية، فيرى أن ما يفعله الزعيم الكوري الشمالي هو عودة لأسلوب (تكتيك) قديم محاولًا إرباك الأعداء عبر المبادرات الدراماتيكية في سعيه نحو كسب التعاطف، في وقت لا ينتوب فيه التخلي عن أسلحته النووية.
كما يرى مسؤولون أمريكيون أنهم تعرضوا للخداع من كوريا الشمالية بشكل متكرر خلال محادثات نزع السلاح النووي السابقة. فعلى سبيل المثال انهار اتفاق عام 1994 حينما اتهمت الولايات المتحدة كوريا الشمالية بتخصيب اليورانيوم بشكل سري. كما انهار اتفاق آخر عام 2005 بسبب نزاع حول كيفية التأكد من توقف بيونج يانج عن تطوير برنامجها النووي.
وكان حزب العمال الكوري الشمالي تبنى قرار كيم بجعل الاقتصاد أولوية في البلاد وتعليق التجارب الصاروخية، يوم الجمعة. كما تعهد الزعيم الكوري أيضًا بعدم استخدام أو تطوير أسلحة نووية إلا لو تعرض لتهديد نووي.
لاقت الخطوة ترحيبًا كبيرًا في واشنطن وسول وبكين وطوكيو وروسيا أيضًا، على الرغم من الشكوك في أن إيقاف التجارب النووية سوف تكون خطوة نحو التخلي عن البرنامج النووي.
وسرّع كيم في السنوات الأخيرة من خطوات البرنامج الصاروخي الباليستي لبلاده، معلنًا في نهاية العام أنهم انتهوا من رادعهم النووي. وفي نفس الوقت، أشار إلى إصلاحات سوقية من أجل بناء قفزة ضخمة في بيونج يانج.
كما أعلن عن إقامة مناطق صناعية خاصة في بلاده، حيث يأمل في جذب مستثمرين أجانب وهو الحل الذي يمكن أن يكون حقيقة لو قررت القوى الدولية رفع العقوبات عن كوريا الشمالية.
وفي تقرير نيويورك تايمز، ترى الصحيفة أنه لو كان الزعيم الكوري الشمالي جادًا في العمل على نمو الاقتصاد في بلاده، فيسوف يحتاج إلى مساعدة دولية. ومثال على ذلك ما حدث في الصين في الثمانينات حينما انفتحت بكين على الغرب وانطلق الاقتصاد.
ويرى الخبير الاقتصادي من كوريا الشمالية، تشونج سونج، ان المواطنين في بلاده يرون في تصريحات الزعيم الكوري أملًا قد يحسن مستوى المعيشة في البلاد.
وأضاف أن تحول بيونج يانج إلى أن تكون كالمثال الصيني في الثمانينيات يتوقف على ردة فعل المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وما إذا كانوا قادرين على تقديم ضمانات آمنة وفرص من أجل تطور اقتصادي، وبالتالي سيعمل كيم على نزع سلاحه النووي.
فيديو قد يعجبك: