مراقبو الأمم المتحدة يحاولون التثبت من مذبحة جديدة في سوريا
بيروت (رويترز)
حاول مراقبو الأمم المتحدة يوم الخميس الوصول إلى قرية قال نشطاء إن القوات السورية وميليشيات تابعة للرئيس السوري بشار الأسد قتلت فيها 78 شخصا على الاقل قبل ساعات من مناقشة الأزمة السورية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المنقسم بشأنها.
إذا تأكدت عمليات القتل في قرية مزرعة القبير بالقرب من حماة ستزيد من الضغوط على القوى العالمية لاتخاذ إجراء بعد أن شلتها انقسامات بين الغرب وأغلب الدول العربية من ناحية والمدافعين عن الأسد في روسيا والصين وإيران من ناحية أخرى.
وخرج مراقبون تابعون للأمم المتحدة متمركزون في حماة باتجاه مزرعة القبير. وقالت سوزان غوشة المتحدثة باسم المراقبين ''أرسلنا فريقا يحاول دخول المكان.''
وقال تلفزيون الدنيا السوري الرسمي يوم الخميس إن مراقبين من الأمم المتحدة وصلوا إلى قرية مزرعة القبير.
وكان الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبة قد قال في بيان في وقت سابق إن الجيش السوري أعاد المراقبين وإن مدنيين أوقفوا بعض دوريات الأمم المتحدة.
وقال مود في بيان ''تم إيقافهم في نقاط تفتيش تابعة للجيش السوري وتمت إعادتهم في بعض الحالات... وأوقف مدنيون في المنطقة بعض دورياتنا.''
وقال عدة نشطاء لرويترز إن نحو 40 امرأة وطفلا كانوا بين القتلى عندما قصفت القرية الواقعة في وسط سوريا يوم الاربعاء قبل أن يدخلها ''شبيحة'' ويطلقون النار ويطعنون العشرات حتى الموت.
ويعيد وصفهم للمشهد للأذهان مذبحة الحولة التي سقط فيها 108 قتلى مدنيين يوم 25 مايو ايار الماضي والتي حقق فيها محققو الأمم المتحدة والتي قال رئيس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إن القوات السورية وميليشيات ''الشبيحة'' هي على الارجح التي ارتكبتها.
ورفض مسؤول سوري في حماة التقارير الواردة من مزرعة القبير باعتبارها عارية تماما من الصحة وقال لوكالة الأنباء الرسمية إن السكان طلبوا تدخل قوات الأمن بعد ان قامت ''جماعة إرهابية'' بارتكاب جريمة شنعاء قتل فيها نساء وأطفال.
وكانت السلطات السورية قد انكرت مسؤوليتها كذلك عن مذبحة الحولة وألقت اللوم على متشددين إسلاميين مدعومين من الخارج.
وأظهرت لقطات مصورة قال نشطاء انها التقطت في مزرعة القبير عشر جثث على الاقل لنساء واطفال ملفوفة في ملاءات ملونة او اكفان بيضاء واشلاء من جثث محترقة.
وتساءل مصور ركز عدسته على وجه رضيع قتيل قائلا ''هؤلاء هم أطفال مذبحة مزرعة القبير...انظروا ايها العرب والمسلمون أهذا (الرضيع) إرهابي؟.''
وتلقي الاغلبية السنية في البلاد اللوم عادة في عمليات قتل المدنيين على ميليشيات الشبيحة المشكلة اساسا من الطائفة العلوية التي ينتمي لها الاسد. ويثير ذلك مخاوف من تصاعد أعمال عنف طائفية على غرار ما شهده العراق ومخاوف من تزايد التوترات بين إيران الشيعية والدول العربية التي تقطنها اغلبية سنية.
ورد المجلس الوطني السوري المعارض الرئيسي في البلاد على تقارير المذبحة الجديدة بالدعوة إلى تصعيد الهجمات العسكرية على قوات الاسد.
واعلن كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول العربي وقفا لإطلاق النار في سوريا يوم 12 أبريل نيسان في إطار خطة سلام من ست نقاط حظيت بتأييد دولي واسع النطاق لكنها فشلت في وقف إراقة الدماء.
ومن المقرر ان يرفع عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة تقريره لمجلس الأمن الدولي في نيويورك في وقت لاحق يوم الخميس.
ودعا نشطاء ومنهم المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا -التي تضم 300 مراقب والتي كان يفترض أن تراقب وقف إطلاق النار فأصبحت تراقب اعمال العنف- للتحقيق فورا في الواقعة.
وقال المرصد ''يجب الا يتذرعوا بأن بعثتهم جاءت فقط لمراقبة وقف إطلاق النار لأن العديد من المذابح ارتكبت اثناء وجودهم في سوريا.''
ويصعب التحقق من الأحداث التي تقع في سوريا منذ اندلاع انتفاضة شعبية قبل 15 شهرا بسبب القيود الحكومية المشددة على حرية دخول وسائل الإعلام العالمية.
وقال ناشط مقيم في حماة عرف نفسه باسم أبو غازي نقلا عن ناجين من مزرعة القبير إن تسع دبابات تابعة للجيش السوري من طراز تي-72 طوقت القرية التي تضم 20 منزلا في شمال غربي حماة في الساعة الثانية عصرا وبدأت في القصف.
واضاف ان الدبابات بدأت بعد ساعة في التقدم مع مقاتلين لا يرتدون الزي العسكري يحملون بنادق وسكاكين وعصيا غليظة وبدأوا في قتل الرجال والنساء والأطفال.
وأورد أسماء أكثر من 50 ضحية بعضهم من عائلة واحدة هي عائلة اليتيم لكنه قال إن بعض الجثث لم يتم التعرف عليها بسبب احتراقها. واضاف أن القاتلين أخذوا معهم جثث ما بين 25 و30 رجلا.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن الأحداث الجارية في سوريا ''مروعة'' وانه إذا تأكد وقوع مذبحة مزرعة القبير سيتعين على القوى العالمية بذل ''المزيد لعزل سوريا...وإظهار أن العالم بأسره يريد ان يرى تحولا عن هذا النظام غير الشرعي.''
وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيلي قبل مغادرته متوجها إلى لبنان الذي امتدت إليه بالفعل التوترات الدائرة في سوريا المجاورة إن الصراع السوري ''يهدد بالانتشار في المنطقة''.
وقال دبلوماسيون من الامم المتحدة إنهم يتوقعون ان يقدم عنان لمجلس الامن اقتراحا جديدا لإنقاذ خطة السلام الفاشلة يتمثل في تشكيل ''مجموعة اتصال'' من القوى العالمية والاقليمية.
وتقول الجماعات المعارضة في سوريا إنها لم تعد ملتزمة بوقف إطلاق النار الذي أعلنه عنان وتريد أسلحة ودعما أجنبيا.
وعرض الزعماء الغربيون القلقون من تدخل عسكري جديد في العالم الإسلامي تعاطفهم لكنهم لا يبدون استعدادا لمواجهة الجيش السوري الذي تمده روسيا وإيران بالسلاح.
وفي واشنطن يوم الأربعاء حثت الولايات المتحدة والسعودية من بين عشرات الدول الغربية والعربية الأعضاء في مجموعة ''اصدقاء سوريا'' على فرض المزيد من العقوبات على سوريا مثل حظر السلاح ومنع السفر والمزيد من العقوبات المالية.
ومن ناحية أخرى اتفق ممثلون عن 15 دولة والاتحاد الاوروبي في اسطنبول يوم الاربعاء على تشكيل ''مجموعة تنسيق'' لتقديم دعم لم يحدد للمعارضة.
وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ضمن المشاركين الذين ناقشوا ما وصفه بيان تركي بأنه ''خطوات إضافية'' تشمل التنسيق من أجل التحول إلى ''سوريا ديمقراطية في عهد ما بعد الأسد''. وقال البيان إن المجموعة ستشارك في اجتماع للمعارضة السورية في اسطنبول الاسبوع المقبل.
وقالت كلينتون إن التحول في سوريا يجب أن يشمل حكومة مؤقتة لتمهيد الطريق لانتقال كامل للسلطة في انتخابات حرة ونزيهة.
وقال دبلوماسيون من الأمم المتحدة إن عنان يأمل في أن تتمكن فكرته الجديدة المتمثلة في مجموعة اتصال تضم قوى عالمية واقليمية مثل السعودية وقطر وتركيا وإيران من منع انهيار خطته لوقف القتال وإيجاد حل سياسي.
ويرى عنان مجموعة الاتصال باعتبارها سبيلا لكسر الجمود بين الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن حيث استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) مرتين على قرارين يدينان سوريا ساندتهما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وقال دبلوماسيون إن المجموعة ستسعى لوضع خارطة للتحول السياسي يترك بموجبها الاسد السلطة قبيل انتخابات حرة.
وأضافوا أن الفكرة الضمنية هي حمل روسيا -التي قالت مرارا إنها لا تحمي الاسد لكن لم تبد أي مؤشر على استعدادها للتخلي عنه- على دعم مثل هذا التحول.
واقترح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الاربعاء عقد اجتماع دولي بشأن سوريا يضم الدول المرشحة للانضمام إلى مجموعة الاتصال التي اقترحها عنان ومنها إيران.
لكن كلينتون لم تبد حماسا للفكرة واتهمت إيران بأنها ''تدير'' القمع السوري للمعارضة الذي تقول الامم المتحدة انه اودى بحياة اكثر من عشرة آلاف شخص.
ودعا زعماء مجموعة تضم الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى يوم الخميس لحوار من أجل حل الصراع في سوريا بدلا من اتخاذ مجلس الأمن لأي إجراء أكثر صرامة.
ورفضت منظمة شنغهاي للتعاون التدخل العسكري و''انتقال السلطة بالقوة'' والعقوبات الاحادية مفضلة ''حوارا وطنيا واسع النطاق قائما على أساس استقلال سوريا ووحدة اراضيها وسيادتها''.
اقرأ أيضا:
القضاء الادارى يتسلم تقرير اللجان التشريعية بمجلس الشعب عن حجم الصناديق الخاصة
فيديو قد يعجبك: