مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب تلتهب بسبب نفايات إيطاليا
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
(دويتشه فيله)
تحولت نفايات إيطالية "مستوردة" إلى قضية رأي عام في المغرب، بعد إعلان الرباط عزمها حرق 2500 طن من النفايات المطاطية والبلاستيكية، وهو ما جعل وزارة البيئة هدفا لحملة شرسة على مواقع التواصل الاجتماعي.
لا حديث في المغرب حاليا سوى عن ما أصبح معروفا بـ"فضيحة النفايات الإيطالية" المستوردة إلى المغرب. الموضوع حظي بمتابعة إعلامية كبيرة وأثار جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي. ورغم تبرير بيان لوزارة البيئة قرار جلب الأطنان من النفايات الإيطالية لإحراقها في المغرب بأنها "غير خطرة وتستعمل كمكمّل أو كبديل للطاقة الأحفورية دوليا في مصانع الإسمنت نظرا لما تتميز به من قوة حرارية مهمة"، ومحاولة الحكومة المغربية من جهتها طمأنة المواطنين بأنها تحرص على "حماية البيئة وصحة المواطنين واتخاذ الإجراءات الوقائية ضد التلوث"، إلا أن كل ذلك لم يوقف الغضب والسخط العارمين والانتقادات اللاذعة من حقوقيين ونشطاء في المجال البيئي. خاصة بعد ما نشر عن خطورة هذه النفايات نقلا عن موقع إيطالي بالإضافة إلى ماراج حول أن المغرب سيستقبل هذه النفايات لمدة ثلاث سنوات، وماراج كذلك حول وصول آلاف الأطنان من النفايات الفرنسية إلى البلاد.
الوزيرة في مرمى الانتقادات
وأدانت فيدرالية اليسار الديمقراطي، المُشكّلة من أحزاب "الاشتراكي الموحد" و"الطليعة الاشتراكي الديمقراطي" و"المؤتمر الوطني الاتحادي"، قرار استيراد 2500 طن من النفايات البلاستيكية والمطاطية من إيطاليا. وطالبت الحكومة بتقديم توضيح "قرارها اللامسؤول والعدول عنه، تفاديا لكوارث بيئية وصحية بسبب الغازات السامة الناتجة عن عملية الحرق". كما شكك بيان للائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية (منظمة غير حكومية) في تبريرات الحكومة بخصوص النفايات الإيطالية، معتبرا أن البيان الحكومي "غير مطمئن".
مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت أيضا بعد انتشار الخبر، ونُشرت التعليقات والصور والفيديوهات المنددة، وشن هجوم كبير على الحكومة وبشكل خاص على وزيرة البيئة حكيمة الحيطي التي بدت في وضع لا تحسد عليه وقد صب عليها آلاف مرتادي الشبكات الاجتماعية جام غضبهم، إذ طالبها البعض بالاستقالة واعتبر البعض الآخر مشاركتها المرتقبة في قمة المناخ التي سيحتضنها المغرب قريبا أمرا مثيرا للسخرية وغير ذي معنى، بل وصل الأمر إلى حد التشكيك في وطنيتها.
وشاركت عدة شخصيات مغربية في النقاش الكبير حول موضوع النفايات، ومنهم سياسون وصحفيون ونشطاء حقوقيون. رشيد بلغيتي وهو ناشط في حركة فبراير سابقا، قارن، في منشور على حسابه في موقع فيسبوك، بين القرار المغربي وما حدث سابقا في عاصمة ساحل العاج عندما أعلن رئيس الحكومة استقالته واستقالة حكومته بعدما أصيب 1500 شخص، سجلت بينهم حالات وفاة، بتعفنات وأمراض وسط مدينة أبيدجان نتيجة إفراغ الباخرة اليونانية Koala Probo لحمولتها من النفايات السامة على رصيف الشاطئ الإفريقي. ولقي المنشور تفاعلا كبيرا على فيسبوك.
#المغرب ليس مزبلة
وتفاعل السياسي المغربي، عضو حزب الأصالة والمعاصرة صلاح الوديع، أيضا مع الموضوع على فيسبوك ونشر فيديو تلقاه من صديق إيطالي وفيه يعبر حاكم أحد أكثر مناطق إيطاليا تلوثا، عن فخره بأنه تخلص من مشكلة النفايات بأن بعثها إلى المغرب. وهو ما علّق عليه الوديع بـ"أنه عار... وأن الحكومة المغربية تتحمل مسؤولية ما حدث وتبعاته...".
ونددت فئة عريضة من المغاربة على موقع فيسبوك بالخصوص، وهو الموقع الاجتماعي الأكثر استخداما في المغرب، باستيراد النفايات تحت هاشتاغ: المغرب_ليس_مزبلة، و ريحتكم_عطات، و حنا_ماشي_مزبلة.
وعلى تويتر أيضا كان النقاش حاضرا رغم محدودية استخدام هذا الموقع في المغرب. وقد علّق مستخدم تحت اسم محمد جمال على الموضوع قائلا: "وزيرة البيئة تشتغل 22 ساعة في اليوم وأفضل إنجازاتها استيراد نفايات سامة إيطالية وفرنسية قريبا"
الغضب الكبير على الشبكات الاجتماعية ترجم أيضا إلى وقفات احتجاجية في بعض المدن المغربية للتعبير عن رفض حرق النفايات الإيطالية في المغرب. وبالموازاة مع ذلك تم إطلاق حملة للتوقيع على عريضة إلكترونية ضد قرار جلب النفايات. وتنص العريضة التي وقعها حتى الآن حوالي 19 ألف شخص على أن "النفايات الإيطالية التي تم شحنها إلى الأراضي المغربية تمثل تهديدا خطيرا لصحة المواطنين".
ويأتي هذا الجدل الكبير في الوقت الذي فرض فيه المغرب رسميا منع إنتاج واستخدام الأكياس البلاستيكية، وفي وقت تستعد فيه البلاد أيضا لاحتضان القمة العالمية للمناخ "كوب 22" التي ستعرف مشاركة عدد كبير من الدول، خاصة أن هذه القمة ينظر لها على أنها مناسبة لتفعيل ما تمّت المصادقة عليه في قمة باريس. وربط البعض بين تزامن كل هذا مع قرار وصول النفايات الإيطالية بطريقة ساخرة.
أغراض انتخابية؟
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحملة الكبيرة ضد الحكومة المغربية ووزيرة البيئة تحديدا تتزامن مع اقتراب موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة باستحقاقات أكتوبر 2016. ويرى أحمد الطلحي وهو باحث في مجال البيئة ورئيس لجنة التعمير والبيئة بمجلس مدينة طنجة، أن الحجم الكبير الذي أعطي للموضوع لا يعدو أن يكون لأسباب سياسية مرتبطة بقرب الحملة الإنتخابية. ويضيف في حوار أجرته معه DW عربية: "هذا ليس بالأمر الجديد فالمغرب تربطه بالاتحاد الأوروبي اتفاقية قديمة تعود لما قبل 15 سنة وبموجبها يتم استيراد بعض النفايات لاستعمالها كمحروقات لأفران مصانع الإسمنت".
ويضيف الخبير المغربي أن الأمر يتم عبر مسطرة دقيقة جدا وتوجد مختبرات تفحص هذه النفايات قبل حرقها ولا يسمح باستيراد أي نوع من النفايات إذ أن هناك ترسانة قانونية في المغرب خاصة بتحديد كيفية تدبير النفايات. ويشرح الطلحي الموضوع كالتالي: "الأمر يندرج ضمن نوع من أنواع تثمين النفايات وهو التثمين الطاقي الذي بموجبه يتم إما استخدام النفايات لاستخراج غاز الميثان أو حرقها لاستخراج الطاقة وهي إما الكهرباء أو الحرارة وهذا هو الحال فيما يتعلق بالنفايات الإيطالية إذ يتم حرق إطارات عجلات متهالكة لهذا الغرض. وهذا يجري به العمل في العديد من دول العالم". وعن الأضرار التي يمكن أن تتسبب فيها هذه النفايات يقول الطلحي: "أضرارها محدودة، إذ أن النفايات الصلبة يتم تحويلها إلى غازية أي تصبح أدخنة وبالتالي فضررها هو نفس ضرر الغازات العادمة للسيارات.
فيديو قد يعجبك: