العلاقة بين حماس وإيران.. عسل عكر صفوه بشار الأسد
كتبت – إيمان محمود:
شهدت العلاقة بين حركة حماس الفلسطينية وإيران مراحل من التقارب والتباعد، خاصة بعد أحداث ثورات الربيع العربي في عام 2011، والسورية على الأخص، والتي كان لها التأثير الأكبر على زعزعة العلاقات بين الطرفين.
الدفاع المستميت الذي تبنته إيران إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، سبب شرخًا في علاقتها بالحركة الفلسطينية التي تبنت في بداية الأمر موقفًا متحيزًا للثورة السورية.
لم تكن الأزمة السورية هي النقطة الوحيدة في صفحة العلاقات بين الطرفين، فهناك مراحل خلافية عديدة مرت بها العلاقات الثنائية، لكن مراحل التوتر لم تؤدي أبدًا إلى قطع العلاقات نهائيًا، فقد ظلت العلاقات في منحنى من الصعود والهبوط محافظة على مستوى من التواصل دون قطيعة.
كان الاتصال الأول المعلن بين حماس وإيران عام 1990 -بعد ثلاث سنوات على تأسيس الحركة- حيث أقامت طهران مؤتمرًا لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وقد مثل حماس فيه القيادي المؤسس فيها خليل القوقا، ثم تطورت العلاقات مع المؤتمر الثاني الذي كان في عام 1991، أعقبه فتح مكتب تمثيلي دائم لحماس في إيران.
بعد ذلك بثلاث سنوات، صرح عماد العلمي -ممثل حماس في طهران آنذاك- بأن حماس تعتبر إيران حليفًا استراتيجيًا، مع تذييل الحديث، كالعادة، بأن هذه العلاقة لا تخل بتوازن العلاقات بين حماس والأطراف العربية، بحسب ما نقلت صحيفة العرب اللندنية.
وفي عام 2006، التقى رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، حفيد الإمام الخميني الراحل، حيث صرح وقتها بأن حركة حماس هي "الابن الروحي للإمام الخميني"، وذلك بعد وضعه اكليلاً من الزهور على ضريح الامام الخميني، بحسب وكالة أنباء "مهر" الإيرانية.
وقال معهد "العربية" للدراسات، إن طهران كانت تمول بشكل أساسي حركة حماس، خاصة بعد تشكيل حكومتها عام 2006 بميزانيات سنوية ثابتة، إضافة لدفعات لمرة واحدة في حالات خاصة، بملايين الدولارات، مقابل خدمة أجندتها السياسية ومخططاتها الاستراتيجية.
ظلت الأوضاع مستقرة بين الطرفين حتى عام 2011، حيث اعتبر هذا العام بداية التراجع في العلاقة بعد اندلاع الثورة السورية، وتراجع الدعم الإيرانى المالي والعسكري، بسبب موقف حماس من الثورة وبشار الأسد "الحليف المُقرب لإيران".
وقام رئيس المكتب السياسي لـ"الحركة" خالد مشعل بنقل مقر اقامته في عام 2012 من دمشق الى العاصمة القطرية الدوحة.
ونقلت صحيفة "التليجراف" البريطانية، في تقرير لها في عام 2013، عن أحد القيادات السياسية لحركة حماس، أن إيران قطعت ما يصل إلى 15 مليون جنيه استرليني شهريًا في تمويلها لحماس، عقابا لها على دعم الحركة للثورة في سوريا.
وأفاد التقرير أن التعاون العسكري بين الحليفين السابقين قد توقف أيضا، لتنتهي بهذا فعليا العلاقة الدافئة، بعد أن كانت طهران تقدم الأسلحة، الخبرة التقنية والتدريب العسكري لمقاتلي حماس.
وقد وصف غازي حمد، نائب وزير الخارجية في حكومة حماس، في عام 2013، العلاقات مع إيران بأنها "سيئة"، وردًا على سؤال حول التمويل الإيراني، أجاب قائلا: "أستطيع أن أقول إنه ليس كالسابق، ولا أستطيع أن أعطيك المبلغ بالتحديد، فقدنا كثيرا لدعمنا الثورة السورية".
أما أسامة حمدان، عضو المكتب السياسي للحركة ومسؤول العلاقات الدولية فيها، فأوضح في حديث لقناة "الميادين" التابعة لحزب الله عام 2013، أن حماس لن تقاتل في سوريا لا مع النظام ولا ضده، ما اضطر المكتب السياسي ورئيسه، إلى الانتقال من دمشق إلى قطر، بحسب موقع "العربية".
وبعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم وفوز محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهورية، بدأ عهد جديد من التقارب في العلاقات بين حماس والقاهرة، وتباعد في علاقتها مع إيران وكسب حلفاء آخرين، لكن هذا التباعد لم يدم بعد سقوط الرئيس السابق لتعود حماس إلى الحاضنة الإيرانية مرة أخرى، بحسب ما نقلته "سكاي نيوز" عن مراقبين للشأن الفلسطيني.
وأكد مراقبون أن حماس وإيران لم يتفقا على صيغة وسط حول الخلاف الخاص بالرئيس السوري بشار الأسد، لكنهما اتفقا على تحييد الملف السوري في العلاقات بينهما، من أجل الاستمرار في العلاقات، إلى إشعار آخر، وهو ما حدث لاحقًا، وجاء التحول الجديد مؤخرًا بانتخاب يحيى السنوار قائدًا لحماس، والذي يعد الأقرب في القيادة إلى الجناح العسكري المدافع تقليديًا عن العلاقة مع حزب الله وإيران. وفق وكالة الأنباء الإيرانية "إسنا".
وسبق انتخاب السنوار، زيارة عضو المكتب السياسي أسامة حمدان إلى طهران، لإعادة الدفء إلى العلاقات بين حماس وطهران، على هامش تقديم العزاء بوفاة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، حيث أجرى العديد من اللقاءات أثناء الزيارة لإعادة الحيوية إلى العلاقات بين الجانبين، لكن دون موقف حاسم ومحدد حول القضية السورية.
وفي 28 أغسطس الماضي، أكد يحيى السنوار أن "العلاقة مع إيران كانت وما زالت جيدة وهي الداعم الأكبر لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بالسلاح والمال".
وجدد السنوار تصريحاته بشأن دعم إيران لكتائب القاسم، الخميس الماضي، قائلاً "إيران هي الداعم الأكبر للقسام، ومن يظن أن الحركة ستقطع علاقاتها بأي دولة، واهم".
فيديو قد يعجبك: