"الإيكونوميست" عن الصعود السريع لـ"بن سلمان": أقوى حاكم سعودي منذ عقود
كتبت- رنا أسامة:
سلّطت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، الضوء على صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على نحو سريع، مع الطفرة الدراماتيكية التي تشهدها المملكة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا.
وكتبت المجلة، في تقرير على موقعها الإلكتروني، تقول "في خِضم التغيرات الجذرية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، ينطلق ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان -أو كما يُعرف على نطاق واسع في الغرب بلقب "إم بي إس"- ليُصبح أقوى حاكم سعودي منذ عقود. فكيف اكتسب كل ذلك النفوذ السريع؟".
وتوضّح المجلة البريطانية، أن الملك عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، كان لديه عشرات الورثة. ولتقليل التنافس على الحكم في أسرته المتشعبة، وضع خطًا أفقيًا للخلافة تنتقل على إثره السلطة من ابن لآخر.
أحدهم، وهو الملك سعود، تم الإطاحة به في عام 1964، وسط مخاوف من أنه أراد ابنه أن يُخلّفه. أما باقي أفراد العائلة المالكة اقتطعوا باقي الترِكة؛ ليُشرف أحد الأمراء على الجيش، ويتولّى آخر وزارة الخارجية. غير أن أبناء الملك عبدالعزيز أصابهم الكِبر، حتى أن أصغرهم الآن في السبعين من عُمره.
وتُتابع المجلة "نظرًا لتقدّم الملك سلمان في السن، كافح من أجل إدارة دولة حديثة، شابة، حيث أن 59 بالمئة من مواطنيها البالغ عددهم 20 مليون نسمة، دون الـ30".
وبدأ الملك سلمان مُعالجة هذا الأمر في عام 2015، بتنصيب ابن أخيه الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد. واستمر في هذا المنصب لمدة عامين فقط، حتى أبعده الملك في يونيو الماضي وعيّن بدلًا منه نجله المُفضّل، محمد بن سلمان. ومثّلت هذه الخطوة المرة الأولى التي يحاول فيها ملك سعودي -رسميًا- إجراء "نقل سُلالي" للسلطة.
وتُشير المجلة إلى أن ولي العهد الجديد لم يستغرق وقتًا لتعزيز سلطاته وتُثبيت أقدامه في المملكة. وتُضيف "بعد الهزّة الأخيرة التي أشرف عليها في الخفاء تحت اسم والده الضعيف، (في إشارة إلى حملة التطهير)- بات الأمير محمد بن سلمان وحلفاؤه يسيطرون على القطاع الأمني بفروعه الثلاثة في المملكة".
وفي سبتمبر الماضي، اعتقلت السلطات السعودية عشرات المعارضين، بينهم عالميّ دين بارزين، في رسالة تهديد يبدو أنها "فُهِمت". وحظي قرار الملك بإنهاء الحظر على قيادة السيارات، الذي أعقب حملة الاعتقالات، بالقليل من المعارضة، حتى من جانب المؤسسة الدينية المُحافظة. كما لم تُقابل حملة التطهير بالكثير من التذمّر في الداخل السعودي.
وطالما نُظِر إلى العاهل السعودي باعتباره عصيًّا على التغيير وحريص على تحقيق التوازن، بخلاف الأمير محمد بن سلمان الذي يكسر هذا التوازن الدقيق، بحسب المجلة. وأشارت إلى أنه بالرغم من أنه يُقدم نفسه على أنه "مُصلح شبابي"، يعمل على تحويل السعودية إلى ملكية مطلقة حقًا.
ويرى المُدافعين عن ولي العهد أن هذه التغيرات المفاجئة التي تشهدها المملكة ضرورية. ففي عصر النفط الرخيص، تحتاج السعودية لتنويع اقتصادها؛ لا سيما وأن عقودًا من الفساد كلّفت المملكة خسائر بالمليارات لا توصف.
بخلاف أقرانه، يُنظر إلى الأمير محمد بن سلمان على أنه مُجتهد ونزيه. بيد أن تحركاته ما زالت تُقرأ باعتبارها مزعزعة للاستقرار أيضًا. كما أظهر ميلًا إلى المغامرة غير الحكيمة في تحركّاته على الصعيد الخارجي، بداية من الحرب المُكلّفة في اليمن وصولًا إلى المقاطعة الفاشلة -كما تصفها "الإيكونوميست"- والتي لم تُحقّق سوى القليل من تقسيم مجلس التعاون الخليجي. وفي الداخل السعودي، فإنه يُنهي على فترة طويلة من السياسات التوافقية التي كفلت المملكة استقرارها.
واختتمت الصحيفة بالقول "الأمير محمد في الـ32 من عمره، أي أصغر 49 عامًا من والده. يمكنه أن يحكم المملكة على مدى عقود. ولكن قائمة أعدائه طويلة بالفعل".
فيديو قد يعجبك: