هل يستخدم أبو مازن ورقة حل السلطة الفلسطينية ردًا على قرار ترامب؟
كتب – محمد مكاوي ومحمد زكريا:
بين حين وآخر، يلوح الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بـ"حل السلطة الفلسطينية" وإلقاء المسؤولية على الاحتلال الإسرائيلي لتحمل مسؤولياته كمحتل، غير أن مراقبين يستبعدون لجوء أبو مازن لهذا الخيار ردًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بشأن القدس المحتلة.
كان ترامب أعلن يوم الأربعاء الماضي اعتراف بلاده بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وأمر وزارة الخارجية ببدء الخطط لنقل السفارة الأمريكية إلى هناك، وهو القرار الذي رفضته أغلب دول العالم وقالت إنه "يقوض عملية السلام".
ورفض أبو مازن وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، لقاء نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس خلال زيارته للمنطقة الأسبوع المقبل.
آخر مرة هدد فيها أبو مازن بحل السلطة الفلسطينية كانت في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، عندما قال "نحن سلطة بلا سلطة واحتلال دون كلفة.. استمرار الوضع القائم سيدفعنا لمطالبة إسرائيل بتحمل مسؤولياتها ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام الخطر الذي يهدد حل الدولتين ويستهدف وجودنا".
"أبو عمّار كان ليفعلها"
لكن الباحث السياسي الفلسطيني حمزة إسماعيل أبو شنب، لا يعتقد أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) يستطيع حل السلطة الفلسطينية ردًا على قرار ترامب.
ويرى أبو شنب المقيم في غزة، في اتصال هاتفي مع مصراوي، الثلاثاء، أن أبو مازن "أضعف من أن يتخذ قرارا كهذا"، مضيفًا "الزعيم الراحل أبو عمّار (ياسر عرفات) لو كان موجودًا كان بإمكانه أن يفعلها".
ويتفق معه في الرأي، الدبلوماسي الفلسطيني، بركات الفرا، الذي يرى أن حل السلطة الفلسطينية ليست بالأمر السهل وإنما يحتاج إجراءات كثيرة ومعقدة.
ويقول الفرا الذي شغل منصب مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية وسفيرها بالقاهرة، في اتصال هاتفي مع مصراوي، الثلاثاء، إن "قرار حل السلطة الفلسطينية يحتاج إلى إجماع فلسطيني كامل يشمل كل الفصائل بما فيها الإسلامية.. بل يمكننا القول إن الأمر قد يحتاج إلى استفتاء شعبي".
غير أن الباحث حمزة أبو شنب يقول إن "السلطة الفلسطينية الآن في أضعف حالاتها، كما أنها تفتقد الشعبية والجماهيرية التي تساند قرارا مثل هذا في حال اتخاذه.
مصير "أوسلو"
ومن داخل حركة فتح، تتفق سلوى هديب، عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، أنه ليس من الوارد حتى اللحظة حلّ السلطة الفلسطينية.
وتضيف هديب في تصريح لمصراوي، أن الوارد في خلد القيادة الفلسطينية هو إعلان أنها في حِل من اتفاقية أوسلو.
وتعتبر اتفاقية أوسلو التي وقعت في 13 سبتمبر 1993، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وبمقتضى اتفاقية أوسلو 1993، التزمت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات، "بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات".
وبالتوقيع عليها، أقرت حكومة إسرائيل على لسان رئيس وزرائها اسحق رابين، الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي عن الشعب الفلسطيني وبدء المفاوضات معها.
لكن هديب تؤكد أن إسرائيل تخلت عن أوسلو منذ عام 1997 وما بعدها، بعدم تطبيق بنود الاتفاقية.
ويضيف أبو شنب: "هناك عقبات أخرى أمام اتخاذ مثل هذا القرار منها أن الاحتلال الإسرائيلي كان جاهزا ومستعدا من سنوات حال انهيار السلطة الفلسطينية وليس انسحابها". وتابع: "نجح الاحتلال في فتح ثغرات أمنية تساعده في السيطرة على الضفة الغربية المحتلة وهي مقر السلطة الفلسطينية وساحة المواجهات الرئيسية".
"الانتفاضة هي الحل"
الدبلوماسي الفلسطيني بركات الفرا، لا يعول كثيرا على الاجتماع الطارئ الذي تعقده منظمة التعاون الإسلامي. وقال إنه لن يخرج بأكثر مما خرج به وزراء الخارجية العرب يوم السبت الماضي.
ورفض وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماعهم الطارئ بالجامعة العربية يوم السبت، قرار ترامب وطالبوا بالإدارة الأمريكية بالعدول عنه.
وقال الفرا إن "انتفاضة ثالثة هي الحل للرد على قرار ترامب لإجباره على التراجع عن قراره لحماية مصالحه ومصالح الاحتلال".
وأكدت أن "خطوة السلطة الفلسطينية القادمة هي استمرار العمل الدبلوماسي على المستوى الإقليمي والدولي لعزل أمريكا وإسرائيل دوليًا، ومقاطعة منتجاتهم الاقتصادية، واستدعاء ممثل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية من واشنطن، إلى جانب طلب السلطة الفلسطينية من الدول الشقيقة والصديقة في العالم إغلاق سفارات أمريكا وإسرائيل في دولهم، والتواصل مع كل الأحزاب السياسية في كل العالم للضغط على أمريكا وإسرائيل للتراجع عن القرار".
وطالب الفرا الدول العربية والإسلامية بدعم "انتفاضة الفلسطينيين" لأنها قضية العرب والمسلمين والمسيحيين الأولى.
وتوقع الدبلوماسي الفلسطيني سقوط "شهداء وجرحى جدد" قد يصل عددهم إلى الآلاف، مضيفا: قد يشن الاحتلال حربا عبى قطاع غزة و"لكن هذه هي ضريبة المقاومة".
عبد الإله أتيرة، عضو حركة فتح، ذهب أبعد من ذلك، إذ قال إن "المرحلة القادمة ستكون قاسية، وستكون كل الاحتمالات مقترحة، ومن بينها خيار تسليم مفتاح السلطة إلى الأمم المتحدة".
وتستكمل هديب أن "السلطة الفلسطينية ستتوجه إلى الرباعية-الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا وروسيا-باستثناء أمريكا بالطبع، لرفض قرار ترامب، وهناك تضامن كبير وملحوظ من فرنسا".
وينهي الأتيرة حديثه بأن "صراعنا مع المحتل مفتوح، لكن لن نحرق كل الأوراق دفعة واحدة".
وسقط ستة شهداء إثر مواجهات مع الاحتلال وقصف جوي على قطاع غزة بالإضافة إلى نحو 1778 جريحًا منذ بدء المواجهات قبل نحو أسبوع.
فيديو قد يعجبك: