في مقال بواشنطن بوست.. هيومان رايتس ووتش تطالب بمعاقبة محمد بن سلمان
كتبت- رنا أسامة:
كتبت أكشاي كومار، نائب مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش، مقالًا في صحيفة "واشنطن بوست"، تدعو فيه الأمم المتحدة إلى توقيع عقوبات على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على خلفيّة الأزمة الإنسانية الجارية في اليمن، في الوقت الذي تنفي فيه المملكة مسؤوليتها عن تلك الأزمة.
واستهلّت كومار مقالها، بالقول "سياسات الإصلاح التي تجري في المملكة مثّلت عنصرًا جذبًا واستحسانًا لدى وسائل الإعلام الأمريكية. فالحكومة تعهّدت مؤخرًا بتمكين السعوديات من القيادة، والسماح بإنشاء دور عرض سينمائية في البلاد، وتعليم الفتيات للرياضة البدنية في المدارس. وهذه خطوات هامة، لا سيما فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين. وفي هذا الشهر، حصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -صاحب الفضل في كثير من هذه الإصلاحات- على لقب شخصية العام وفقًا لاستطلاع قُراء مجلة تايم الأمريكية".
بيد أنه، وفي خِضم الاحتفال بهذه الخطوات، يبدو الكثيرون سعداءً بمحاولة التستّر على سجل الأمير الشاب الأكثر إثارة للجدل، بما في ذلك قراره المُفاجيء باحتجاز نُخب سعودية في فندق خمس نجوم في الرياض بشأن مزاعم الفساد، في خطوة وصفتها كومار أنها "جرت بدون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ودون التحرّي الدقيق".
وعلى المنوال نفسه، تقع على عاتقه مسؤولية الكارثة الإنسانية المستمرة في اليمن المجاوة، بحسب قولها.
وشنّت المملكة حملة تطهير طالت أكثر من 200 من الأمراء والوزراء والمسؤولين، في مطلع نوفمبر الماضي، على خلفية تهم فساد. فيما أطلقت سراح عدد منهم لاحقًا، بحسب ما جاء في بيان النائب العام السعودي.
وبحسب تقارير صحفية غربية أفرج عن الأمير متعب بن عبدالله، وزير الحرس الوطني السابق، بعد احتجاز دام 3 أسابيع، مقابل "تسوية مالية" قُدّرت بنحو مليار دولار أمريكي. وماتزال المفاوضات جارية في الرياض بين السلطات والموقوفين حول شروط إتمام صفقة "الحرية مقابل المال" .
ورأت كومار أن "الحرب في اليمن، والدور البارز الذي يلعبه الأمير بن سلمان في هذه الحرب انطلاقًا من منصبه كوزير دفاع، لا تتناسب بشكل جيد مع الرؤية الإصلاحية للقائد الشاب".
ومنذ مارس 2015، قادت المملكة العربية السعودية تحالفًا من 10 دول عربية ضد جماعة الحوثي المسلحة التي تسيطر على جزء كبير من اليمن، فيما أطلقت عليه "عاصفة الحزم". وفي 21 أبريل من العام نفسه، أعلن التحالف انتهاء العملية في اليمن وانطلاق عملية "إعادة الأمل"، استجابة لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
واندلعت الحرب في اليمن بعدما زحف الحوثيون على العاصمة صنعاء في أواخر 2014، فسيطروا عليها، ودفعوا بحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، المعترف بها دوليا، إلى الهروب جنوبا. ولاحق الحوثيون، مدعومين بقوات موالية لصالح، قوات منصور هادي، ودفعوا بأعضاء حكومة هادي إلى الخروج من البلاد.
وبعدها تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن بهدف "إعادة حكومة منصور هادي إلى السلطة". وأشارت كومار إلى أن التحالف أخذ يقصف اليمنيين المدنيين بلا هوادة ولا شفقة، بينما رفض محاسبة أي من قواته في جرائم الحرب المُرتكبة في اليمن.
ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 8670 شخصًا، 60 في المئة منهم من المدنيين، وأصيب 49 ألفا و960 شخصا في غارات جوية واشتباكات على الأرض منذ تدخل التحالف في الحرب الأهلية باليمن.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أكّد أحد كبار المسؤولين السعوديين بمركز القيادة والتحكم على التزام التحالف الكامل بقانون "الصراع المسلح"، واتخاذه كافة التدابير والاحتياطات لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين. لكن تقارير ميدانية من أرض المعركة، نُشرت العام الماضي، تضمت تعرض مدارس، ومستشفيات، وتجمعات مدنية لقصف مقاتلات التحالف.
وكانت الواقعة الأسوأ بين هذه الهجمات في الثامن من أكتوبر 2016؛ عندما استهدفت ضربة جوية مزدوجة من قبل إحدى المقاتلات الجوية التابعة للتحالف مجلس عزاء في العاصمة صنعاء، ما أدى إلى مقتل 140 شخصا، أغلبهم من المدنيين. واعترف التحالف بأن قصف المجلس جاء عن طريق الخطأ، عارضًا سداد تعويضات لأسر الضحايا.
بدورها، نفت السعودية على لسان وزير خارجيتها، عادل الجُبير، ارتكاب المملكة أي جرائم حرب في اليمن، لافتًا إلى أن المملكة أكبر مساهم في المساعدات الإنسانية هناك.
وقال الجبير، في مقابلة مع "فرانس 24"، إن ما تقوله بعض منظمات حقوق الإنسان بشأن اقتراف جرائم حرب في اليمن غير صحيح، مضيفًا: "ليقولوا ما يشاؤون. نحن نعمل وفق القانون الإنساني الدولي ووفق معايير الناتو".
وفيما يتعلق بفرض حصار على الموانيء في اليمن، أكّد الجبير: "الموانئ مفتوحة، ليس هناك أي حصار، كل ما في الأمر أن الحركة التجارية محدودة في ميناء الحديدة، لكن المساعدات الإنسانية مستمرة، ومطار صنعاء مفتوح أمام هذه المساعدات، الولايات المتحدة طالبت بفتح الحركة التجارية في الموانئ ونحن نعمل على ذلك".
وأوضح أن "سبب المجاعة في اليمن أن مليشيات الحوثي تحاصر القرى والمدن وتمنع المساعدات، وليس نحن، بل نحن أكبر مساهم بالمساعدات الإنسانية في اليمن".
وأعلن التحالف "إغلاقًا مؤقتًا" لحدود اليمن البرية والبحرية والجوية في 6 نوفمبر الماضي، بعد يومين من إطلاق صاروخ باليستي من منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين. وفي وقت لاحق، سمح التحالف بمرور بعض المساعدات عبر ميناء الحديدة ومطار صنعاء الخاضعين لسيطرة الحوثيين.
وبينما منع الحصار وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وتسبب في تفاقم الظروف الإنسانية التي يعيشها اليمنيون منذ بدء الحرب في بلادهم، تقول كومار "لا ينبغي أن يمر ما يفعله الأمير محمد بن سلمان مرور الكِرام. بدلًا من ذلك، يبنغي أن يواجه هو وكبار قادة التحالف عقوبات دولية".
وأضافت أن "فرض عقوبات مستهدفة على القصف العشوائي والحصار غير القانوني للسلع الأساسية على المدنيين في اليمن يقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن الدولي".
وبموجب قرار مرّره مجلس الأمن في عام 2015، يتمتّع المجلس بصلاحية فرض حظر السفر وتجميد أصول أي شخص مسؤول عن عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، كما يُمكنه فرض عقوبات على أي شخص ينتهك قوانين الحرب في اليمن. وفي هذا الصدد تقول كومار "إن قادة التحالف، بمن فيهم الأمير محمد بن سلمان، يوفون تلك الشروط".
وباعتباره وزير دفاع البلد الذي يقود التحالف العسكري في اليمن، ترى كومار أن "الأمير محمد بن سلمان يتحمّل مسؤولية انتهاكات التحالف للقانون الدولي". وهو ما يتفق وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي خرج بها من البيت الأبيض مطلع ديسمبر الجاري، مطالبًا السعوديين بتغيير مسارهم. لكنهم لم يفعلوا ذلك.
وأكّدت كومار أنه حان الوقت كي يضع ترامب حدًّا للتهديد السعودي؛ بتوجيه مبعوثة بلاده في الأمم المتحدة، نيكي هالي، للحديث عن فرض عقوبات على قادة التحالف في نيويورك. وقد يرى البعض في هذا الأمر "احتمالًا ضعيفًا"، لكنه هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به، على حدّ قولها.
وعلاوة على ذلك، فإن التوجّه الدولي إزاء تحركات السعودية يشهد تحوّلًا؛ حتى أن الحكومة البريطانية تقول الآن علنًا إن القيود المستمرة للتحالف السعودي على السلع الأساسية تنتهك القانون الإنساني الدولي.
واختتمت كومار مقالها باقلول "الاستمرار في حماية السعوديين سيترك ملايين اليمنيين في بؤس. ولا ينبغي أن يكون ولي العهد قادرًا على التستّر على الانتهاكات في الخارج بالحديث عن الإصلاحات في الداخل".
فيديو قد يعجبك: