ألف يوم من الحرب في اليمن: المدنيون يدفعون الثمن
كتب – محمد مكاوي:
تبحث ابتهال محمد أحمد عن الدواء لأسرتها بعد أن شح من الصيدليات في العاصمة اليمنية صنعاء، في بلد يعاني "حصارين" داخلي وخارجي ومجاعة حادة وتفشي لوباء الكوليرا وتصنفه الأمم المتحدة كأسوأ أزمة إنسانية.
تقول ابتهال (24 عامًا)، والتي تعمل موظفة في العاصمة صنعاء، إنهم يعانون منذ مارس 2015 من آثار الحرب، وما "زاد الطين بلة" هو الحصار الداخلي الذي يفرضه الحوثيون على العاصمة إلى جانب الحصار الخارجي الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية.
أغلق التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية المنافذ البرية والبحرية والجوية في اليمن كافة بعد إسقاطها صاروخا باليستيا كان يستهدف مطار الرياض، قبل أن يتراجع ويسمح للمساعدات بالدخول بعد ضغط من الأمم المتحدة وواشنطن.
وخلّفت الحرب في اليمن أكثر من 8650 قتيلا وآلاف الجرحى فضلا عن ملايين النازحين داحل وخارج البلاد يحسب أرقام الأمم المتحدة.
مجاعة وكوليرا
"اختفت الأدوية وخاصة للأمراض المزمنة بسبب ارتفاع الأسعار لارتباطها بأزمة الدولار، وأيضَا بسبب الحصار المفروض من جانب الحوثيين"، تقول ابتهال في اتصال هاتفي مع مصراوي من صنعاء.
ارتفاع أسعار الأدوية والسلع الغذائية يعود إلى سببين، -بحسب ابتهال-، الأول هو تضاعف سعر المحروقات 10 مرات ما أثر على تكلفة النقل، والثاني يتمثل في احتكار الحوثيين للسلع الأساسية.
وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن اليمن على شفا كارثة المجاعة أكثر من أي وقت مضى.
وقالت المنظمات إن الحرب تركت نحو 80 بالمائة من السكان في حاجة ماسة للمواد الغذائية والوقود ومياه الشرب.
تقول ابتهال: "تأثرت الأسر متوسطة الدخل بسبب الحرب، فما بالك بالأسر الفقيرة ومحدودة الدخل؟، الكل يعاني الحصار والحرب".
يتفق معها الدكتور محمد الشدادي، ويقول إن "صنعاء تعيش حصارا اقتصاديا، ما سبب تجويعا للمواطنين أكثر مما تسبب فيه التحالف العربي".
ويضيف الشدادي الذي يعمل موظفا في القطاع الخاص بالعاصمة صنعاء في اتصال هاتفي مع مصراوي: "هنالك أخطبوط داخلي متمثل في الحوثيين الذين يحاربون المنظمات الأهلية والدولية التي ترفض الانصياع لأوامرهم".
كان التحالف العربي أعلن عن إجلاء المنظمات الإغاثية لموظفيها نتيجة "إجرام الميليشيات الحوثية في صنعاء التي تخالف القانون الدولي بعدم حماية موظفي الإغاثة".
ووجّه وزير الإدارة المحلية اليمني ورئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبدالرقيب فتح، الأسبوع الماضي دعوة إلى المنظمات الدولية للتوجه إلى مدينة عدن لتتمكن من تسيير القوافل الإغاثية للمحتاجين بكافة المحافظات.
يومان أسبوعيا أو نصف يوم دراسة
توقفت الدراسة في المدارس الحكومية بالعاصمة صنعاء حسب تأكيد ابتهال، التي أرجعت السبب إلى الحرب وإضراب المدرسين، "بعض المدرسين والموظفين الحكوميين توقفت صرف راوتبهم منذ عام ونصف تقريبا".
وتقول الشابة اليمنية: "لجأ مواطنون إلى إلحاق أبنائهم في المدارس الأهلية (الخاصة) رغم ارتفاع أسعارها بشكل جنوني"، أما المدارس الحكومية فالدراسة أصبحت لمدة يومين أسبوعيا أو ثلاث حصص فقط لطلاب الشهادات.
كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، قالت إنه "لا عام دراسي جديد في اليمن، العنف يغلق أبواب مدارس البلاد، ويحرم المدرسين من تقاضي رواتبهم لعام كامل".
وتابعت: "هذا الوضع يهدد بحرمان 4.5 ملايين طفل يمني من التعليم"، دون التطرق لتفاصيل.
مستشفيات خارج الخدمة
أثرت الحرب بشكل كبير على اليمن وخاصة في الوضع الصحي، كما تفشى وباء الكوليرا، وأصاب نحو مليون شخص، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت اللجنة في بيان رسمي إن هذا العدد "الصادم" يعكس معاناة بلد تعصف به حرب وحشية، ويفتقد أكثر من 80 بالمئة من شعبه الغذاء والوقود ومياه الشرب والرعاية الصحية.
" المستشفيات تخرج من الخدمة بسبب شح الأدوية ولمغادرة الأخصائيين والكوادر البلاد" تقول ابتهال.
ويؤكد المواطن اليمني محمد الشدادي أن "المستشفيات تعمل في ظروف بالغة الصعوبة بسبب شح الأدوية بعد مرور ألف يوم من الحرب".
تصعيد مستمر
القيادي الحوثي علي العماد، جدد تهديده للسعودية والإمارات، وقال "مستمرون في استهداف المنشآت الحيوية في دول العدوان وخاصة السعودية والإمارات حال استمرارهم في الحصار والعدوان على بلدنا".
وأعلن الحوثيون عن إطلاقهم صواريخ باليستية كانت تستهدف مطاري جدة والرياض، وآخر صاروخ كان يستهدف قصر اليمامة الملكي، واعترضتهم جميعا السعودية قبل الوصول إلى أهدافهم.
كما زعم الحوثيون استهدافهم مفاعل براكة النووي في الإمارات قبل أسابيع، إلا أن أبوظبي نفت ذلك وقالت إن المفاعل مؤمن بشكل كامل ضد أي استهداف.
وقال العماد في اتصال هاتفي مع مصراوي من صنعاء: "العدوان على رأسه السعودية والإمارات، مستمر منذ ألف يوم في قصف بلادنا وحصار وقتل المدنيين ونحملهم مسؤولية ذلك.. الشرعية معنا والشعب يؤيدنا ولا مكان في بلدنا لمحتل".
ولكن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية اللواء السعودي المتقاعد أنور عشقي يقول إن "ميليشا الحوثي تواصل أكاذيبها، فالتحالف العربي بقيادة السعودية تدخل في اليمن استجابة ودعما لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي".
وأضاف عشقي والذي عمل مستشارا للحكومة السعودية في اتصال هاتفي مع مصراوي: عملياتنا العسكرية تستهدف الميليشات الحوثية وتمركزاتها .. لا نستهدف المدنيين بل نحميهم، لن نترك اليمن دون تطهيره وعودة الشرعية بالكامل".
وتابع: "المملكة هي أول وأكثر دولة تقدم المساعدات إلى اليمن الشقيق".
كانت السعودية أعلنت قبل شهرين أن حجم المساعدات التي قدمتها إلى اليمن خلال العامين الأخيرين فقط تجاوز 8 مليارات دولار، شملت المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية والحكومية، إلى جانب دعم البنك المركزي اليمني.
فيديو قد يعجبك: