لا حدود للعالم الافتراضي حتى في غزة المحاصرة
(دويتشه فيله)
في مدينة غزة ينشط شباب فلسطينيون في تطوير تطبيقات برامج للكومبيوتر والهواتف الذكية، ويواجه هؤلاء العديد من الصعوبات في ظروف عملهم، ولكن هناك أيضا أمثلة كثيرة على فرص النجاح في هذا المجال رغم الحصار.
رسوم الغرافيتي الملونة وشعارات كُتبت على جدران قاعة المكتب الكبيرة في وسط مدينة غزة. تجلس نور الخداري مع فريقها أمام الكومبيوتر. "Mommy Helper" هو اسم التطبيق الذي طورته امرأة الأعمال الشابة، ويستهدف التطبيق أمهات شابات بحاجة إلى المشورة والمساعدة. "عندما أنجبت طفلي كتبتُ في الانترنيت عن تجربتي مع التربية"، تقول الخداري التي عملت سابقا كصحفية. "وفجأة توصلت بالكثير من الأسئلة من أمهات أخريات، واتضح لي أن هناك حاجة لتبادل التجارب". التطبيق يتيح إمكانية أخذ المشورة من خلال الخبرة ـ دون عناء خارج البيت وبشكل حصيف.
إنه نفس المشروع الذي طورته منظمة الإغاثة الأمريكية Mercy Corps التي تقدم منذ 2014 فرص عمل لمصممين شباب ومبدعين ورجال أعمال في قاعة المكتب الكبيرة، كما تتيح إمكانية التواصل وإقامة ورشات عمل. ويسعى فاعلون آخرون مثل "غوغل" وغيرها من الشركات إى تشجيع مثل هذا المشروع الفني. "التحدي الكبير في غزة هو العزلة، فالحدود حقا مغلقة منذ أكثر من عشر سنوات"، كما يقول ريان شتورجيل مدير برامج Sky Geeks.
عزلة على مدى عقود من الزمن
الأسفار وإمكانية الحصول على التجربة تبقى بالنسبة إلى غالبية الشباب في غزة حلما قلما يتحقق. وحتى رجال الأعمال الشباب من مبادرة Sky Geeks يحصلون نادرا على تراخيص السفر من السلطات الإسرائيلية. ولذا يلجأ الفاعلون إلى استحضار الخبراء إلى غزة كمرشدين في إطار البرنامج. ويقول سعيد حسن: "نحاول دوما الحصول على مرشد أو اثنين في عين المكان من "غوغل" أو "يوبر" أو شركات أخرى، الأمر الذي يجعل الشباب هنا يشعرون بأنهم على اتصال مع العالم. ويشكل هذا أيضا جزء من رؤيتنا: "نحن نريد ربط المصممين والمطورين ورجال الأعمال مع العالم الخارجي."
منذ سنوات تم إغلاق قطاع غزة الصغير المطل على البحر المتوسط، والذي تسيطر عليه عمليا حركة حماس أو إسرائيل ومصر، حيث تراقب هاتين الدولتين ما يدخل إلى القطاع وما يخرج منه. ويتحدث خبراء عن تراجع مستمر في المردودية الاقتصادية. كل المواطنين عايشوا هنا ثلاث حروب بين إسرائيل وحماس، وجميعهم يخشون نشوب نزاع عسكري آخر. وتتسبب انقطاعات الكهرباء التي تصل حتى إلى عشر ساعات في مشاكل واضحة في الحياة اليومية للمواطنين وللذين يودون إقامة مشروع تجاري. فالوضع هنا مختلف تماما مقارنة بعالم التقنيات الناجح في تل أبيب الإسرائيلية التي تبعدها بعشرات الكيلومترات فقط.
لا حدود للعالم الافتراضي
ورغم ذلك يتم النظر إلى سوق تقنية الاتصالات كفرصة كبيرة، لأن العالم الافتراضي لا يعرف الحواجز والحدود. وهناك طاقات ومبدعين: ففي كل سنة ينهي نحو 2000 خبير في مجال الاتصالات الجامعات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة ـ دون توقع إمكانية الحصول على عمل في السوق المحلية. وحسب تقديرات البنك العالمي فإن من بين شخصين في قطاع يعاني أحدهما من البطالة.
وتركز مبادرة Sky Geeks على شريحة التقنيين الصغير. "يجب أن يكون لديك فريق، ومشروع قائم وسوق"، كما يصف سعيد احتمال النجاح. في كل سنة يتم تنظيم حلقات دراسية يجتاز عبرها رجال الأعمال الشباب بفكرتهم ونموذجهم التجاري اللائق العقبة المتمثلة في تطوير الأفكار والالتقاء مع المستثمرين.
وتمنح مبادرة Gaza Sky Geeks الفرصة للشباب الصغار أيضا والذين يوجدون في بداية مشوارهم، مثل محمد حليمي البالغ من العمر 13 عاما والذي يسعى إلى تطوير تطبيق يسمح بتواصل أفضل بين المصورين وزبائنهم. ويقول محمد: "آتي كل يوم بعد المدرسة إلى هنا وأعكف على تطبيق أفكاري، قدوتي الكبيرة هو ستيف جوبس الذي غير العالم.
تطبيقات للسوق العربية
في أحد مكاتب مبادرة Sky Geeks يوجد فريق تطبيق Baskalet الذي يعني الدراجة. ويقول محمد المدهون والابتسامة بادية على وجهه: "لدينا بعض الحنين إلى الماضي. في السابق كنا نحلم بالحصول على دراجة، واليوم يريد كل واحد منا الحصول على سمارتفون".
الشاب البالغ من العمر 29 يطور ألعابا، وقد ابتكر لعبة خاصة بشهر رمضان، لقيت رواجا في الصيف الماضي في العربية السعودية.
يسعى التطبيق إلى الانتشار في مثل هذه الأسواق. ويقول المدهون:"نحن نعرف العقلية، وهذا يميزنا، فالألعاب التي يتم فقط ترجمتها من لغة و من خلفية ثقافية آخرى لا تحظى بالنجاح. كما إن هناك أيضا فوارق من بلد عربي إلى آخر". ورغم الصعوبات المحيطة بهؤلاء المبدعين هناك طلب على المحتويات باللغة العربية.
فيديو قد يعجبك: