"جزاء سنمار" من نصيب قدامي المحاربين الأوغنديين في الحرب العالمية الثانية
موجومبا، أوغندا (د ب ا)
في أغسطس 1943، في أحد معسكرات الجيش في الصومال، سأل ميجور بريطاني جنديا أوغنديا، 17 عاما، عمن سوف يكون وريثة، إذا لقى حتفه في القتال، فرد الجندي الأوغندي بذكر اسم شقيقه، كايزا.
وأصيب الجندي الأوغندي بصدمة عندما تم جذبه والتعامل معه بقسوة واعتقاله في هذه القاعدة في ظل درجة حرارة عالية طوال اليوم.
وبعد 74عاما، يعتقد إليسموس كاتيند أنه اعتقل لأن البريطانيين ظنوا أنه قال "كايزر"، أو "قيصر" في إشارة إلى فيلهلم الثاني، إمبراطور ألمانيا من عام 1888 وحتى عام 1918 - وهو شخصية لم يسمع حتى عنها.
وقال كاتيندي، البالغ من العمر 91 عاما، في قريته موجومبا، الواقعة جنوب شرقي العاصمة كمبالا: "البريطانيون ظنوا أنني كنت جاسوسا للألمان". ومع ذلك سُمح له بمواصلة الخدمة في الجيش البريطاني.
والذكرى التي لا تفارق كاتيندي تعكس حالة الارتباك التي انتابت الجنود الأوغنديبن في الحرب العالمية الثانية بشأن خوض حرب كانوا يعرفون القليل عنها، وهو جهد، يقولون، إنه لم يتم تكريمهم عليه ، ولم يتم تعويضهم عنه بشكل كاف.
ويقول كاتيندي، الذى خابت توقعاته بصورة مريرة: "أخبرنا البريطانيون أننا سنحصل على الكثير من المال لبدء أعمال تجارية، وبناء منازل بعد الحرب".
وتم نشر مئات الآلاف من الأفارقة في فيلق الملك الأفريقي، وهو فيلق بريطاني ضم العديد من الكتائب من المجندين الأفارقة، لمحاربة إيطاليا في شرقي أفريقيا، واليابان في بورما وفرنسا ،التي كانت تحت سيطرة حكومة فيشي الموالية لألمانيا النازية في مدغشقر خلال الحرب العالمية الثانية.
وبلغ إجمالي عدد الجنود الأوغنديين حوالى 77 الف رجل، وفقا لما ذكره نادي لونشيون للفيلق الأفريقي البريطاني، وهو جمعية بريطانية لقدامى المحاربين من هذه الكتائب.
وشارك كاتيندي الشاب، مثل كثيرين آخرين، في الحرب، وبرر ذلك بقوله "الحرب كانت تلهب حماسي، وأردت أن أرتدي الزي الرسمي والأحذية العسكرية"، مضيفا أن الانخراط في مهنة الجندية كان يرفع من شأن المجندين في قراهم الأصلية.
ويتذكر كاتيندي أن البريطانيين اعطوا المجندين صورا تظهر، حسبما زُعم، الألمان والإيطاليين، وهم يقتلون أناسا عزل.
وعبر ستيفن كايب، وهو من قدامى المحاربين أيضا، خطوط المعركة مرارا وتكرارا في الحبشة - إثيوبيا حاليا- لنقل الرسائل من وإلى مقار القيادة.
وقال كايب الهزيل الجسم، البالغ من العمر 97 عاما، وهو يستعرض شريط ذكرياته بينما كان جالسا على سريره في قرية كيكوسا جنوب شرقي كمبالا: "أطلق الإيطاليون النار على الناس حتى عندما رفعوا أسلحتهم للاستسلام، فقدنا العديد من الأصدقاء".
وقال "في بعض الأيام، لم يكن من الممكن تناول الطعام أو شرب الماء لمدة يوم كامل... كنت ازحف... على بطني لمسافات طويلة للتقدم نحو العدو أو للانسحاب، كان هذا جحيما".
وقال المؤرخ تيموثي بارسونز، من جامعة واشنطن في سانت لويس، إن أكثر من سبعة آلاف شخص من شرقي أفريقيا قتلوا في الحرب، بالرغم من أن الرقم الدقيق غير معروف.
ولا يزال حوالي 820 من قدامى المحاربين الأوغنديين على قيد الحياة. وتقوم جماعة الضغط الخاصة بهم، وهى رابطة الجنود السابقين الأوغندية، بحملات من أجلهم ليحصلوا على تعويض مالي، وهو ما يحتاج معظمهم إليه بشدة.
كاتيندي، الذي أصبح مزارعا بعد الحرب، يعيش في غرفة صغيرة، حيث ينام على مرتبة على الأرض. ولا يستطيع كايب شراء غذاء كاف ويعاني من سوء التغذية.
ويتوكأ ألويسيس لوبيجا، 94عاما، على عصا من الخشب خلال المشي، لأنه لا يستطيع شراء عصا المشي المناسبة.
ولكن على الرغم من فقر المحاربين القدماء، هناك جدل مثار حول مطالب من رجال حاربوا طواعية لمصلحة القوة الاستعمارية السابقة.
وقال جيم كاتو، وهو موظف حكومي، "لقد ساعدوا على وقف انتشار الحرب، ويجب تعويضهم". لكن ضابط الشرطة ديفيد وايسوا قال "إنهم فعلوا ذلك... بمحض إرادتهم"، وأنهم تلقوا رواتبهم خلال الحرب.
وبعد الحرب، لم يكن الأوغنديون مؤهلين للحصول على معاشات لأنهم لم يستوفوا الشرط – الذي ينطبق أيضا على الجنود البريطانيين – وهو الخدمة لمدة 21 عاما في الجيش.
بيد أن التقارير التي انتشرت في أوغندا ومفادها أن المحاربين القدامى لم يحصلوا على تعويضات في فترة ما بعد الحرب غير صحيحة.
وقال بارسونز، في رسالة بالبريد الالكتروني، إنهم كانوا مؤهلين للحصول على مبلغ مالي لمرة واحدة، وربما معاشات عجز، ولكن الإجراءات الإدارية الضبابية وسوء الاتصال في شرقي أفريقيا حالت دون حصول البعض منهم على أموالهم.
وفي الوقت نفسه، تقدم رابطة الكومنولث الملكية للخدمات العسكرية السابقة، وهى جمعية خيرية بريطانية تعتنى بالأشخاص الذين خدموا في الجيش البريطاني، معونات لـ 703 من المحاربين القدامى الأوغنديين "لمساعدتهم في الحصول على وجبة غذائية يوميا، بحسب كريستوفر وارين من الرابطة".
وفي عام 2010، أمر قاض أوغندي بأن تقوم أوغندا المستقلة بتعويض المحاربين القدامى، ولكن الحكومة لديها فقط خطط لإدراجهم في برامج المساعدة العامة للمسنين الفقراء.
وقال شابان بانتاريزا، المتحدث الرسمي باسم قوات الدفاع الشعبي الاوغندية ووزارة الدفاع، "لقد قاتلوا من أجل بريطانيا الاستعمارية. الحكومة ليست مدينة لهم بأي شيء".
وقال رمضان تامبولا، من جمعية الجنود السابقين في اوغندا، إن قدامى المحاربين، الذين يشعرون بأنهم منسيون من جانب كل من بريطانيا واوغندا "يموتون وهم غاضبون بشدة، وفي حالة من الأسى والبؤس، وبدون تكريم".
ويفقد ألويسيس لوبيجا تدريجيا ما تبقى في ذاكرته عن الحرب في بورما. وقال، وهو يكابد من أجل تذكر انفجار لغم تسبب في بتر أحد أصابعه، "لقد أطيح بي بعيدا في الأدغال، وبقيت ملقى على الأرض فاقدا الوعي لعدة ساعات".
ومع ذلك، شيء واحد واضح في عقل الرجل العجوز: "سوف يتم نسياننا حتى في الموت".
فيديو قد يعجبك: