صراع قوة حول الاشراف على وكالة الاحصاءات الوطنية الروسية
موسكو (أ ف ب)
أثارت معلومات عن سيطرة وشيكة لوزارة الاقتصاد الروسية على وكالة الاحصاءات الوطنية مخاوف من احتمال التلاعب بمؤشرات حيوية في معالجة المشاكل الاقتصادية في روسيا.
فقد شكلت البيانات الصادرة عن وكالة "روستات" للاحصاءات التابعة للدولة عنصرا أساسيا في قياس حجم الأزمة الاقتصادية التي بدأت قبل ثلاث سنوات في روسيا نتيجة تدهور أسعار النفط والعقوبات الغربية على هذا البلد على خلفية النزاع في أوكرانيا. وهي بالتالي عامل محوري في توقع توقيت التعافي المحتمل.
وسط قلق الروس بشأن تراجع قدرتهم الشرائية مع ترقب وانتخابات رئاسية العام المقبل، أصبحت الآراء الاقتصادية وتوقعاتها مواضيع حساسة.
يضاف إلى هذا المزيج المتفجر اعتماد "روستات" أساليب حساب جديدة تراعي المعايير الأوروبية، ما أثار بلبلة واسعة داخل الوكالة أدى إلى تأخرها في نشر تقارير وإصدار تصحيحات مهمة لخلاصاتها.
ودفعت المشاكل المتفشية الناجمة عن المنهجية الجديدة بالحكومة إلى السعي لوضع "روستات" التابعة حاليا لمكتب رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، تحت سلطة وزارة الاقتصاد لتعزيز ضبطها، على ما نقل الاعلام الروسي.
يتعلق إشراف رئاسة الوزراء على الوكالة حاليا بالشق الإداري إلى حد كبير، فيما تتحمل وزارة الاقتصاد مسؤولية إصدار توقعات الحكومة استنادا إلى بيانات "روستات".
تلميع الصورة
يخشى المحللون ان تتعرض "روستات" مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي لضغوط كي تصدر إحصاءات ترسم صورة ملمعة للاقتصاد، على ما درجت العادة في الحقبة السوفياتية مع استخدام السلطات الاحصاءات لأغراض دعائية والتفاخر بتجاوز خطط الانتاج.
وقال ايغور نيكولاييف المحلل في مجموعة "اف بي كاي غرانت ثورنتن" لتدقيق المحاسبة والاستشارات "هذا عام يسبق الانتخابات وإذا كانت المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية الرئيسية سيئة، فقد تعتبر نكثا بالوعود" التي قطعها الرئيس فلاديمير بوتين في حملته في 2012.
وأوضح "اذا بلغ النمو 2 في المئة فسنقول ان العقوبات ضايقتنا لكن المؤشرات جميعها ايجابية حاليا".
وبدت بعض أرقام "روستات" الجديدة مشجعة للسلطات.
فقد رفعت الوكالة بعد المراجعة مؤشرها للانتاج وخلصت إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 2,8 في المئة فحسب في 2015 عوضا عن 3,7 في المئة توقعتها سابقا.
كما أكدت تراجع الاقتصاد بنسبة 0,2 في المئة في العام الفائت عوضا عن 0,6 في المئة متوقعة سابقا.
وأسهمت هذه التعديلات في مؤشرات روسيا في تحويل صورة الأزمة الاقتصادية في البلد.
فالارقام الجديدة تتيح للحكومة الروسية الإعلان بفخر عن إبداء الاقتصاد مقاومة مفاجئة لصدمتي انهيار أسعار النفط والعقوبات الدولية بفضل دفعة ناتجة عن هبوط سعر الروبل والشركات الصغيرة الديناميكية.
تلاعب بالأرقام؟
في الشهر الفائت أثار مؤشر منخفض للانتاج الصناعي نشر متأخرا صدمة في وزارة الاقتصاد.
وقال وزير الاقتصاد ماكسيم اورشكين الذي تولى منصبه في نوفمبر ان انتقال "روستات" الى المنهجية الجديدة كان "مؤسفا جدا"، متوقعا إخضاع أرقامها "لمراجعات كبرى" في وقت تستعد وزارته لنشر توقعاتها.
في 2013 نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقريرا أشاد "بمستوى المهنية الرفيع" لدى "روستات" مشيرة إلى إمكانية تحسين الوكالة منهجيتها في حساب إجمالي الناتج الداخلي ومراعاتها للمعايير الدولية.
وصرح نائب وزير الاقتصاد السابق اليكسي فيديف لوكالة تاس الاخبارية ان البلبلة في انتقال "روستات" إلى وسائلها الجديدة نتجت عن مقاومة موظفي الوكالة المتقدمين في السن والعجز عن تقديم رواتب جذابة لاقتصاديين شباب.
لكن تغيير الجهة المشرفة على الوكالة لن يحل المشكلة بحسب فيديف.
وصرح رئيس الوكالة الكسندر سورينوف لصحيفة فيدوموستي اليومية للأعمال "لن تتغير مسؤولياتنا مع تغيير وضعنا"، مشددا على ضمان القوانين الروسية للوكالة "استقلالها المهني".
رغم ذلك ما زال المحللون يشكون في قدرة الوكالة على تفادي نفوذ الحكومة.
وقال نيكولاييف ان "وكالة الاحصاءات يجب ان تكون مستقلة قدر الإمكان" موضحا "لا شك لدي في أن تغيير القيادة سيؤثر على أنشطة روستات، ما سيؤثر بدوره على مصداقية الاحصاءات".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: