أزمة "تطاوين" التونسية: استقالة المحافظ والقبض على مرشح رئاسي سابق
كتب – محمد الصباغ:
أوقفت السلطات التونسية اليوم القبض على مجموعة من رجال الأعمال بينهم مرشح رئاسي سابق، وذلك بموجب قانون الطوارئ المفروض في البلاد، كما أعلن محافظ ولاية تطاوين المضطربة محمد علي البرهومي، استقالته من منصبه، الأربعاء. بعد أسابيع من بدء أحداث العنف التي طالت منطقة "الكامور" بمدينة تطاوين جنوبي البلاد
وقال البرهومي، في تدوينه نشرها على صفحته الرسمية على فيسبوك، إنه قدم استقالته إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، "لأسباب شخصية وخاصة"..
ومرت المدينة بفترة من عدم الاستقرار وصلت ذروتها حينما بدأت احتجاجات كبيرة منذ أسابيع أسفرت عن قرار الرئيس الباجي قايد السبسي في العاشر من مايو الجاري بإقالة محافظ تطاوين ورئيس الحرس الوطني الإقليمي، وأمرت الجيش بالنزول إلى المدينة لحماية المنشآات النفطية ونع محاولات اقتحامها، ثم تواصلت الاحتجاجات برغم ذلك مطالبة بفرص عمل في المنشآت البترولية بالمدينة وتخصيص حصة لأبناء المدينة في الموارد النفطية بها.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن السلطات أوقفت رجل الأعمال شفيق جراية، المرتبط بعلاقات كبيرة مع عبد الحكيم بلحاج رئيس الحزب الوطني الإسلامي الليبي، بجانب ياسر الشنوفي ضابط الجمارك السابق وأحد المرشحين الرئاسيين في انتخابات عام 2014 والتي فاز بها الباجي قايد السبسي، كما تم توقيف أيضًا رجل الأعمال نجيب بن إسماعيل، إلى جانب مسؤول رفيع في الجمارك.
ونقلت إذاعة موزاييك التونسية أن عمليات التوقيف تمت بمقتضى قانون الطوارئ المفروض في البلاد ويجيز لقوات للسلطة التفيذية إبقاء أي شخص تعتبره يمثل خطورة على الأمن قيد الإقامة الجبرية في مكان معين دون إذن مسبق من القضاء. فيما نقلت عن متحدث باسم النيابة العامة التونسية أنها ليست على علم بعمليات التوقيف.
تقع مدينة تطاوين في الجنوب الشرقي من البلاد وعلى بعد 500 كيلو متر من العاصمة تونس، وشهدت مظاهرات واحتجاجات لمئات الأشخاص الذين اعتصموا ومنعوا عبور الشاحنات والسيارات إلى حقول النفط في تطاوين، وفقًا لما ذكره أحد المعتصمين لوكالة فرانس برس، في نهاية أبريل الماضي، مشيرًا إلى أن مطالبهم تتلخص في تخصيص نسبة 70 بالمئة من الوظائف بالشركات البترولية في تطاوين لسكان الولاية، و20 بالمئة من عائدات النفط لتنمية المنطقة.
ونصب المعتصمون الخيام بمنطقة الكامور لمنع العبور نحو حقول لنفط بالمدينة.
رد الحكومة التونسية جاء سريعًا وبدأ بزيارة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبرفقته حوالي 10 وزراء يوم 27 أبريل الماضي، وعقد مؤتمرًا صحفيا في أجواء مشحونة ودعوات لإضراب عام بالمدينة وأعلن عن وعود حكومية بينها توفير فرص عمل ومشاريع اقتصادية. وقال الشاهد إن الحكومة ستوفر "حوالي 2000 فرصة شغل بشكل شبه فوري" في المدينة التي تشهد نسبة بطالة بين الأعلى في الدولة.
واعترف "الشاهد" بأن المواطنين في تطاوين لهم الحق في الغضب. ويبلغ تعدادهم نحو 150 ألف نسمة وتبلغ نسبة البطالة نحو 26 بالمئة.
ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد تعرضت واجهات البنوك والمحلات التجارية إلى التكسير "كما امتلأت شوارع المدينة بالإطارات المحروقة، وقاطع عشرات المحتجين الشاهد عندما كان يلقي خطابا مطالبين بالشغل! الحرية، الكرامة الوطنية". وهي الشعارات التي صاحبت المظاهرات التي انطلقت خلال ثورة الياسمين في 2011.
استمرت الاحتجاجات وغيرت الحكومة كثير من قيادات المدينة وأمر الرئيس السبسي لجيش بالنزول لحماية المنشآت النفطية، والمرافق الإستراتيجية.
وقال السبسي في خطاب تلفزيوني في العاشر من مايو الجاري إنه "قرار خطير، ولكن يجب تنفيذه لحماية ثرواتنا"، مضيفًا "مسارنا الديمقراطي أصبح مهددا ويجب تطبيق القانون ولكننا سنحترم الحريات".
وتطورت الأحداث بالمدينة حتى دهست سيارة شرطة بالخطأ أحد المحتجين، وفقًا لوزارة الصحة التونسية يوم الإثنين، وذلك بعدما أطلقت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع على المحتجين بمنطقة الكامور.
وقال مسئول بوزارة الصحة لبي بي سي في تطاوين إن المواطن الذي قتل كان في العشرين من عمره و"تعرض لدهس سيارة ولم يتعرض لإطلاق نار،" مضيفًا أن 50 مصابًا نقلوا إلى المستشفيات لتلقي العلاج بسبب إصابات متنوعة منها الاختناق.
وبنهاية يوم الاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية بلحسن الوسلاتي إن الوضع أصبح مستقرًا في "الكامور" بعد يوم عاصف ومشحون؟ وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن بعض المحتجين حاولوا اقتحام محطة لضخ النفط بالقوة، واستخدموا شاحنات في ذلك، ما دفع القوات للرد عليهم.
وأضاف "الوضع الآن مستقر. أوقفت الشركة النفطية الآن محطة الضخ بعد أن قام محتجون بتخريب انبوب لنقل النفط". وكان الجيش التونسي قد لوح في يوم سابق للاحتجاجات باستخدامه القوة ضد من يحاول اقتحام المنشآت النفطية أو تعطيل عملها.
وفرضت تونس حالة الطوارئ منذ التفجير الإرهابي، الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في 24 نوفمبر 2015 وأسفر عن مقتل 12 من رجال الأمن، وإلى الآن مستمرة في كل أنحاء البلاد.
فيديو قد يعجبك: