أمريكا وقطع العلاقات مع قطر.. موقف المؤسسات لا يعكس توجه ترامب - (تقرير)
كتب - علاء المطيري:
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، إن عزل قطر يشكل بداية النهاية للإرهاب، وعلق وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن على تصريح ترامب بأن علاقة قطر بأمريكا استراتيجية وأن هناك أمورًا لا يتم الاتفاق عليها، لكن نقاط التعاون أكثر من نقاط الخلاف.
وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، إضافة إلى مصر واليمن وليبيا والمالديف، أمس الاثنين، وعللت ذلك بتدخل قطر في شؤونها الداخلية ودعمها للإرهاب.
موقف المؤسسات الأمريكية
وأشار دبلوماسيين سابقين إلى أن موقف المؤسسات الأمريكية لا يتطابق بصورة كاملة مع الموقف المعلن لترامب، مشيرين إلى وجود علاقات استراتيجية بين البلدين أبرزها التعاون العسكري ووجود قواعد أمريكية ضخمة في قطر، لكنهم أوضحوا أن هناك تململ قديم داخل بعض دوائر الاستخبارات الأمريكية من بعض التصرفات القطرية التي لا تتوافق مع المصالح الأمريكية والتي كانت سببًا في دعم قطع العلاقات الدبلوماسية معها من عدد من الدول الخليجية.
ويقول السفير ناجي الغطريفي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أمريكا قوى كبرى ويجب ألا نحلل ما تتخذه من مواقف في إطار القانون الدولي أو السياسات المتعارف عليها، لأنها تدير الأمور وفقًا لمصالحها وحساباتها الخاصة -على حد قوله- مشيرًا إلى أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعم لقطع السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر يستند إلى تلك الحسابات.
وتابع: "دعم قطر للتيارات الإسلامية المناوئة للمصالح الأمريكية يتسبب في الإضرار بالمصالح الأمريكية في المنطقة من جهة، لكن من جهة أخرى هناك علاقات استراتيجية ثابتة بين أمريكا وقطر لا تتأثر بالأزمات الوقتية".
وشدد الغطريفي على أن المواقف الأمريكية بدعم عزل قطر أو غيرها من المواقف لا تنبع من حرصها على أمن وسلامة المنطقة، وإنما حرصًا على مصالحها وبالتبعية مصالح حلفائها، مشيرًا إلى أن أمريكا لديها مصالح مع السعودية ومصر والدول التي أعلنت قطع علاقاتها مع قطر ولذلك أعلن ترامب دعمه لهذه الخطوة، لكن مواقف المؤسسات الأمريكية ربما لا تسير في ذات الطريق.
دبلوماسيين سابقين: أمريكا لن تتخلى عن قطر وسياساتها تخدم واشنطن
ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن دعم ترامب لقطع العلاقات مع قطر يدور في فلك دعم الدولة الحليفة لها في إطار التصدي للإرهاب، ولا يمكن القول أن أمريكا يمكنها أن تغير أهدافها ومصالحها لكنها تحدد أولوياتها بوضوح، مشيرًا إلى أن قطر لديها علاقات ممتازة مع أمريكا لكن طموحها الإقليمي تجعلها في مواجهة مع السعودية وبعض الدول الخليجية؛ وتفرض على أمريكا اتخاذ مواقف معلنة ضد قطر رغم وجود مصالح مشتركة.
وأوضح الغطريفي أن أي صراع له طرفين والطرف الأمريكي في هذا الصراع همه الأول هو الحفاظ على أمن إسرائيل والحد من انتشار استخدام العنف على مستوى العالم، ودعم ترامب لعزل قطر يحد من أهداف المنظمات الإرهابية.
من جهته، أوضح السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن المصالح الاستراتيجية وعلاقة المؤسسات بين أمريكا وقطر لن تتأثر بالأزمة الحالية؛ فأمريكا توظف بعض السياسات القطرية لمصلحتها، لكن بعض الأوساط الاستخباراتية في الدفاع والخارجية أظهروا تململًا من بعض التصرفات القطرية في دعم ومساعدة بعض الأطراف في الماضي.
وتابع: "قطر كانت تدعم بعض الأطراف التي لا توافق أمريكا على دعمها، والأزمة الخاصة بعزل قطر توافقت مع بعض الآراء في دوائر الاستخبارات الأمريكية التي عبرت عن ذلك منذ حرب العراق.
ولفت القويسني إلى أن قطر كانت أحيانًا تسلك سلوك فردي دون كامل التنسيق مع أمريكا، وهو ما أعطى فرصة لتلك الآراء لدعم إعلان ترامب دعمه لقطع العلاقات مع قطر في الأزمة الحالية بينها وبين عدد من الدول العربية".
وذكر القويسني أن بعض الأطراف في الاستخبارات الأمريكية تحفظوا على دعم قطر لعناصر من القاعدة في العراق - على سبيل المثال - وكانت تلك الملاحظات معاكسة للمصالح الأمريكية في ذلك الوقت، أما الآن فيتوافق هذا الكلام مع ما تقدمه الدول الخليجية ومصر من أدلة على دعم قطر لبعض العناصر الإرهابية.
المصالح المشتركة
وأكد القويسني على أن السلوك القطري في مجمله يخدم المصالح الأمريكية، مشيرًا إلى وجود قاعدة "العديد" العسكرية الأمريكية في قطر.
ولفت إلى أن واشنطن تستخدم بعض السياسات القطرية لخدمة مصالحها، وأن لعبة القطريين في مع أمريكا تنقسم إلى جزأين؛ الأول يخدم المصالح الأمريكية والجزء الآخر يخدم المصالح القطرية، مشيرًا إلى أن التحفظ الأمريكي على ما تقوم به قطر من سلوكيات تخدم مصالحها بعيدًا عن المصالح الأمريكية؛ وعلى سبيل المثال فإن دعم قطر لفصيل في ليبيا استهدف السفير الأمريكي في السابق أمر لا تقبله أمريكا ولا توافق عليه.
ولفت القويسني إلى أن أمريكا لا توافق ولا تتقبل كل التصرفات القطرية والعلاقات بينها تعتمد على قواعد توافق المصالح القطرية مع المصالح الأمريكية، لكن - أحيانًا - تشذ قطر على هذه القاعدة وفي هذه الحالة يحدث الخلاف.
وعن المصالح العسكرية والبترول قال الغطريفي إن مصلحة أمريكا في الحفاظ على النفط ومصادره في أي مكان، لكن في حالة قطر تمثل المصالح مصالح أمريكا الاستراتيجية وقواعدها العسكرية أهمية خاصة.
الأهداف الجيوستراتيجية
وعن علاقة الموقف الأمريكي الخاص بعزل قطر بإيران؛ نفي القويسني أن تكون هناك أهداف أمريكية لإدخال إيران في تلك الأزمة أو دفع قطر نحو إيران، مشيرًا إلى أن بقاء إيران قوة عسكرية يخدم المصالح الأمريكية لأنها تستخدمها فزاعة لدول الخليج، حتى تلجأ إليها طلبًا للحماية والسلاح.
لكن الغطريفي اعتبر أن قطع الدول الخليجية علاقاتها مع قطر قد يخدم الهدف الأمريكي لإدارة الصراع في المنطقة؛ مضيفًا: "في هذه الأزمة ربما يكون الهدف جر إيران إلى مواجهة عسكرية مع الدول الخليجية التي ستكون أمريكا إلى جوارها في أي صراع محتمل بصورة تفتح الباب وتمهد الطريق أمام توجيه ضربة عسكرية لإيران.
الغطريفي: العلاقات الاستراتيجية بين أمريكا وقطر لا تتأثر بالأزمات الوقتية
وتابع: "لا يمكن فصل مصالح الدول الخليجية عن مصالح أمريكا في المنطقة، وحدوث مواجهة عسكرية بين إيران والدول الخليجية يمكن أن تكون مقدمة لإقدام أمريكا على ضرب إيران لإحداث توازنات معينة في المنطقة".
تصريحات
وعقب إعلان قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر علق مسؤولون أمريكيون على القرار وكان أبرزهم:
- ترامب: عزل قطر "بداية النهاية" للإرهاب
حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تأييده للإجراءات التي اتخذتها دول عربية ضد قطر، معتبرًا أن عزلها يشكل "بداية نهاية" الإرهاب.
وقال ترامب في تغريدة على "تويتر"، الثلاثاء: " إن دول الخليج قالت إنها ستعتمد نهجًا حازمًا ضد تمويل التطرف وكل الدلائل تشير إلى قطر". وأضاف: "قد يكون ذلك بداية نهاية رعب الإرهاب".
- تيليرسون: لا أتوقع أن يؤثر القرار على جهود مكافحة الإرهاب
وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أمس الاثنين، إنه لا يتوقع أن يؤثر قرار السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات مع قطر، على عمليات مكافحة الإرهاب.
القويسني: السلوك القطري في مجمله يخدم المصالح الأمريكية
تعليقات الصحف
واهتمت الصحف الأمريكية بالقرار واعتبر بعضها أنه نتاج سنوات من الجهد العربي لعزل الدوحة، وقالت أخرى إن قرار قطع العلاقات مع قطر يبدو خطوة منسقة.
- واشنطن بوست
إن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، تبدو خطوة منسقة، وذلك بعد اتهام الدوحة بدعم الجماعات الإرهابية وتأجيج الصراعات الإقليمية.. قطر ستواجه أزمة غذائية بعد خلافها مع جيرانها العرب.
- نيويورك تايمز
"نِتاج 4 سنوات من الجهد العربي لعزل الدوحة دبلوماسيًا.. القطع الدبلوماسي مع قطر يُعقّد جهود المنطقة لمواجهة إيران".
- ذا أتلانتك
يُجسد نزاع طويل الأمد حول نهج الدوحة في التعامل مع العديد من القضايا الإقليمية.. يترتب عليه عواقب سياسية واجتماعية وخيمة.. جذور التوترات بين قطر وجيرانها تعمقت بعد انطلاق ثورات الربيع العربي في عام 2011.
فيديو قد يعجبك: