العراق: تحديات ما بعد تحرير الموصل من داعش
كتبت - إيمان محمود:
بعد ثلاث سنوات، وصلت معركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش إلى نهايتها، حيث عادت المدينة العريقة إلى سيطرة الحكومة العراقية، بعدما طمست الحرب معالم حضارتها، ليبدأ العراق مرحلة جديدة وتحديات جديدة لإصلاح ما خربه التنظيم.
الهجوم العسكري لاستعادة الموصل من تنظيم "داعش" بدأ في أكتوبر من العام الماضي، ووفقًا لتقديرات الحكومة، فقد فر أكثر من 900,000 شخص من المدينة منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من عودة قرابة 90 في المئة من سكان شرق الموصل، فإن نفس النسبة من السكان لا تزال مشردة من غرب الموصل.
تحديات أمنية
عباس البياتي، النائب في البرلمان العراقي، قال إن العراق بعدما حقق انتصارًا كبيرًا على داعش في الموصل، واستطاع أن يجمع في خندق واحد جميع الفرقاء والمتعارضين، فإنه يواجه الآن تحديات كبيرة على جميع المستويات ليستطيع النهوض بعد الحرب.
وأكد البياتي في تصريحات لمصراوي أن الحكومة لديها رؤية فيما يتعلق بمرحلة ما بعد داعش سواء للموصل أو غيرها.
وأضاف أن هناك تحديات أمنية لابد أن يواجهها العراق في المرحلة القادمة، وهي تتمثل بضرورة تواجد قوات قوية قادرة على السيطرة على الأراضي المحررة، لعدم عودة الدواعش وتشكيل حواضن لهم، على أن تكون تلك القوات من أبناء المناطق المحررة وعشائرها وفي إطار التعاون مع قوات الشرطة والجيش لتعزيز قدراتهم الأمنية.
وأكد البياتي على ضرورة تنشيط الجانب الاستخباري في الفترة القادمة، لمواجهة الخلايا النائمة التي تحاول القيام بعمليات إرهابية متفرقة لتفسد فرحة النصر على العراقيين، لابد من القيام بضربات استباقية لهم وضبط الهاربين من داعش.
تحديات ثقافية
وفيما يتعلق بمكافحة أفكار "داعش"، فشدد على أهمية تجفيف منابع الإرهاب من خلال التعاون الإقليمي.
وقال البياتي "داعش تحكم خلال 3 سنوات في جميع مرافق الدولة، محاولًا زرع ثقافته الظلامية، وهو ما يجب أن تجتثه الحكومة من جذوره بتوعية المواطنين، وإنتاج حوار وطني وتنقيح المناهج الدراسية".
ويرى محسن السعدون، عضو البرلمان العراقي، أن العراق حقق انتصارات عظيمة على داعش في الموصل، ولكنه مازال يحارب للقضاء عللى التنظيم في شتى المدن العراقية.
وأضاف السعدون لمصراوي أن مرحلة ما بعد داعش تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لمستقبل الدولة العراقية، لافتًا إلى ما دمره التنظيم في المدن التي كان يحتلها وخاصة الموصل باعتبارها ثاني أكبر المدن العراقية، وأصبح على الحكومة العراقية إعادة بناء البنى التحتية لتلك المدن والقضاء على الأفكار التي زرعها التنظيم في دولته المزعومة.
وتوقع السعدون أيضًا أن حدوث تطورات سياسية على الساحة العراقية استعدادا لمرحلة ما بعد الخلاص من داعش.
أزمة الأكراد
ويواجه العراق تحديات أخرى، تتمثل في أزمة بين مكونات شعبه، حيث يريد الأكراد الانفصال عن الدولة العراقية وإعلان إقليم كردستان دولة كردية مستقلة. في هذا الشأن يتحدث النائب الكردي أحمد الجبوري أن الشعوب العربية بأكملها متنوعة في الأصل، وليس العراق فقط، وهو ما يلزم كل دولة أن تراعي هذا الأمر وفق قوانينها ودساتيرها.
وأوضح الجبوري لمصراوي أن "الشعب الكردي عندما طالب بإجراء الاستفتاء لم يقل أنا أريد أن أنفصل وإنما أراد أن يوضح ما يحتاجه العراق في هذه الفترة".
وقال "أعتقد أن أبناء صلاح الدين الأيوبي لهم الحق على الشعب العربي بأن يطالبهم بهذا المطلب".
وحدد المجلس الأعلى للاستفتاء في إقليم كردستان العراق برئاسة رئيس الإقليم مسعود بارزاني تاريخ 25 سبتمبر المقبل موعدا لإجراء الاستفتاء على استقلال الإقليم عن العراق.
وعلى الجانب الآخر أكد البياتي على أهمية إجراء حوار حقيقي مع الأكراد العراقيين في الفترة القادمة، للحفاظ على وحدة الأراضي العراقية.
وأشار إلى أن الحكومة تعزز أهمية الحوار مع كل الطوائف وتعمل على ترسيخ مبدأ المواطنة.
النازحون وإعادة الإعمار
وفيما يتعلق بأزمة النازحين، أشار عباس البياتي، إلى أهمية العمل على المصالحة الاجتماعية بين العشائر في الفترة المقبلة، وذلك تمهيدًا لعودة النازحين على مناطقهم.
وقال إن هناك عشائر انقسمت إلى مؤيدين لداعش ومعارضين لهم، وهو ما يلزم الحكومة بتطهير تلك المناطق من المؤيدين.
البرلماني العراقي لفت أيضًا إلى أن استمرار وجود النازحين في المخيمات يضر بالحالة الاجتماعية والاقتصادية للدولة، وهو ما يجعل عودة النازحين إلى ديارهم هي أولوية الحكومة في الفترة الحالية.
وفي نفس السياق صرح السعدون أن الحرب ضد داعش تسببت في تهجير أكثر من مليوني عراقي خلال الأعوام الماضية، وهو ما يحتاج إلى وقفة دولية لمساعدة الحكومة والشعب العراقي في هذا الشأن.
أما النائب الجبوري فقد أكد أن الحكومة العراقية بدأت بالفعل في إعادة النازحين إلى ديارهم، وأنها تخوض معركة إنسانية وخدمية في المناطق المحررة، ومعركة إعمار لإعادة النازحين إلى مناطقهم ومنازلهم.
وقال الجبوري إن النازحين يعودون يوميًا إلى مناطقهم، لكن الوضع يختلف في الجانب الأيمن من مدينة الموصل حيث كانت نسبة الدمار فيه عالية جدا، وهو ما يستلزم إعادة تأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات أولًا.
فيديو قد يعجبك: