مئات الآلاف من العمال الأسيويين.. ضحايا غير مرئيين بسبب أزمة قطر
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب – محمد الصباغ:
في بداية يونيو، قطعت المملكة العربية السعودية ومجموعة أخرى من الدول العربية العلاقات مع دولة الخليج الصغيرة قطر، وكان القرار شرارة لأكبر أزمة دبلوماسية منذ عقود. بدأت الشجارات وأغلقت الحدود وانطلقت التهديدات.
وفي تقرير نشره موقع "فوكس" (Vox) الأمريكي عن الأزمة جاء أن المتضرر الأكبر من كل ذلك هم العمال المقيمين في قطر ويبلغ عددهم 2.2 مليون شخص.
وأشار التقرير إلى أنه ربما مثل كثير من العمال المهاجرين، جلست "كارين ديفيد" وحيدة في غرفتها بالعاصمة الدوحة قلقة بشأن ما إذا كانت هي وزملائها سيدفعون ثمن قرار المقاطعة.
وتشارك العمالة الأجنبية في قطر في بناء الجسور وتنظيف المنازل ورعاية الأطفال، وكل ذلك مقابل أجور زهيدة، وفقًا للموقع الأمريكي. ويصل متوسط الأجر بين عشرات الآلاف من المهاجرين العاملين في مجال البناء إلى ما يقل عن 1920 دولار سنويًا، أي 6 دولار في اليوم.
وتحصل "كارين" التي تقيم في قطر منذ 4 سنوات على 800 دولار شهريًا. ويوضح الموقع أن هذا المبلغ ليس كبيرًا مقارنة بالمعايير القطرية، لكنه مبلغ ضخم في دولة كالفلبين.
تلتزم "كارين" بإرسال 80% من أموالها إلى الفلبين شهريًا لدعم طفليها: شاب عمره 22 عامًا ومراهقة عمرها 18 سنة، ولأسباب خارجة عن السيطرة تمامًا، تُدفع كارين وملايين آخرين من المهاجرين نحو خطر التشرد والفقر.
لكن على الجانب الأخر، القطريين أثرياء جدًا بمعدل دخل يصل إلى 690 ألف دولار سنويًا للفرد، مما يشير إلى أنهم لن يتأثروا بالأزمة، ذلك إلى جانب أن الحكومة القطرية بالفعل تدفع الأموال مقابل الأطعمة الطازجة والأبقار التي تُنقل جوًا إلى أراضيها.
وتابع التقرير أن أكثر من يعانون بسبب نقص المصادر المالية هم ملايين من الفلبينيين والباكستانيين والنيباليين والمهاجرين من بنجلاديش، الذين شيدوا محطات القطار وربّوا أطفال الأثرياء القطريين والعمالة الوافدة من ذوي البشرة البيضاء.
ويواجه هؤلاء خطر فقدان وظائفهم ومنازلهم واحتياجاتهم الأساسية في اللحظات التي قد تواجه فيها قطر أقل ضغط اقتصادي.
وتقول كارين في مكالمة هاتفية لـ"Vox" إنهم لا يعرفون ما قد يحدث، مضيفة: "ماذا سيحدث لو اندلعت حرب؟ سيتعيّن عليّ الرحيل إلى بلدي دون أي شئ. أنا في حاجة إلى هذه الوظيفة".
أول الخاسرين وأول الراحلين
ويعمل الوافدين في قطر بنظام الكفالة، والذي يجعلهم يتحكمون في حياتهم بدرجة قليلة. وفي هذا النظام لا يمكن للعامل تغيير وظيفته أو تركها أو حتى مغادرة الدولة دون موافقة الكفيل.
وإذا خالف العامل ذلك يمكن للكفيل أن يقدم شكوى قانونية ويطالب بإلغاء تأشيرة العامل الوافد وجعل تواجده غير شرعي على الأراضي القطرية.
وقال تقرير "فوكس" إن هذا النظام يجعل العامل في شكل أشبه بعدم التحكم في دخله أو تحركاته، ومع عدم الاستقرار الآن بسبب العزلة التي فرضتها الدول المقاطعة يصبح الوضع بالنسبة لهؤلاء العمال أشبه بكابوس.
وأضاف أيضًا أن ما يجعل الأمر أكثر سوءًا هو أن العمالة المهاجرة في قطر تعيش بالأساس في فقر. ويقول فابين جوا، الباحث في حقوق المهاجرين واللاجئين في منظمة العفو الدولية: "العمال المهاجرين هم في قاع قائمة الأجور، ويدفعون الثمن الأغلى عندما يتعرض تدفق أموالهم لمشاكل".
وتابع الموقع أن العمالة الوافدة بقطر ربما تقترض من أجل السفر بالأساس قبل أن يصلون الإمارة ويجدون دخل ثابت لرد تلك الديون.
استغلال قضية العمال الوافدين
منذ المقاطعة، بدأت وسائل إعلامية مؤيدة لمجموعة الدول المقاطعة لقطر وعلى رأسها السعودية، اهتمامًا مفاجئًا بمصير العمال المهاجرين إلى قطر. ونقل الموقع عن مخرج الفيلم الوثائقي "كأس العمال" حول العمالة المهاجرة التي تساهم في بناء منشآت كأس العالم عام 2022، أن هناك مؤسسات إعلامية بالمملكة السعودية استغلت قضية العمال كسلاح في خلافها مع قطر.
فخلال الشهر الماضي؛ نشرت قناة العربية السعودية على الأقل 5 موضوعات حول انتهاكات قطرية بحق العمالة الوافدة التي تساعد في الاستعداد لبطولة كأس العالم التي ستقام في قطر.
وأضاف التقرير أن وكالة الأنباء القطرية الرسمية نشرت موضوعات خلال الشهر الماضي يظهر الوضع المأساوي للعمال الأجانب في قطر وخصوصًا الأسيويين.
وتابع الموقع أن هذه الاتهامات الموجهة لقطر بالفعل حقيقية، لكن المثير للاهتمام هو من يتحدث عنها ولماذا.
ويضيف فابين جوا، الباحث في حقوق المهاجرين واللاجئين في منظمة العفو الدولية: "هذا الاهتمام المفاجئ بقضية العمالة المهاجرة وانتهاكات بحقها في قطر هو نفاق بالنظر إلى حقيقة أن السعودية والإمارات والبحرين لديهم أشكالهم الخاصة من نظام الكفالة". وقال "العمال الوافدون صاروا قطعة شطرنج تحركها السياسة".
قطر لا تريد الحديث عن عمالتها الوافدة
ووفقًا لـ"فوكس" فوسائل الإعلام الرسمية في قطر طالما تجاهلت المخاطر التي يواجهها هؤلاء العمال. لكن قناة الجزيرة القطرية بثت تقاريرًا في الشهر الأخيرة يوضح تأثير المقاطعة والعزلة المفروضة على العائلات التي تحمل جنسيات مختلفة وعلى الطلاب القطريين الذين يدرسون بدول المقاطعة، وبدرجة قليلة جدًا على المخاطر المستقبلية التي ستواجه العمالة الوافدة.
ويعيش أغلب هؤلاء العمال بقطر في مخيمات عمالة خارج المدن الرئيسية. ولا يمثلون في وسائل الإعلام أو الحكومة، وعادة لا يظهرون في الأماكن العامة بسبب ساعات عملهم الطويلة.
ويقول الموقع أن عشرات الآلاف من الرجال العاملين في مجال البناء، على سبيل المثال، يعملون لمدة 18 ساعة يوميًا، ويستقلون الحافلات التي تقلهم إلى مواقع العمل في الخامسة صباحًا ويعودون إلى مخيماتهم قبل منتصف الليل.
واختتم التقرير بالقول أن هؤلاء لعمال الذين يبلغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة هم ربما الضحايا غير المرئيين في الأزمة الخليجية.
فيديو قد يعجبك: