بعد اتفاق حفتر والسراج .. مستقبل ليبيا مازال يشوبه الغموض
كتبت – إيمان محمود:
ترقب المجتمع الدولي، لقاء رئيس المجلس الرئاسي الليبي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، والذي تم تحت رعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليسفر عنه "إعلان باريس" المكون من 10 نقاط ترسم المستقبل الليبي في المرحلة القادمة، لكن التساؤلات ظلت مستمرة حول إمكانية تطبيق هذه البنود وما يمكن أن يشهده مستقبل ليبيا بعد هذا الإعلان.
ويعد إعلان باريس هو الأول من نوعه الذي يوقعه السراج وحفتر، إذ تعهد الطرفان بوقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الربيع المقبل، كما ينص على دمج المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى القوات النظامية، والدعوة إلى نزع السلاح وتسريح المقاتلين الآخرين، والعمل على خريطة طريق للأمن والدفاع عن الأراضي الليبية وتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، والتأكيد على قيام مؤسسات وطنية موحدة.
ويرى العديد من المحللين والمراقبين أن بنود الاتفاق غير واقعية، كما أنه لا يوجد ما يلزم الطرفين بتنفيذها، بالإضافة إلى بعض الانتقادات حول تجنب بقية أطراف الصراع في ليبيا رغم تأثيرها على المشهد السياسي الداخلي.
"مشوار طويل"
لم يبد المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي، كامل عبد الله، تفاؤلاً بالاتفاق المزمع إعلانه الثلاثاء الماضي من العاصمة الفرنسية باريس، حيث يرى أنه سيلقى نفس مصير الاتفاقات السابقة والتي لم تجد لها مكانًا على أرض الواقع الليبي، قائلاً "من الواضح أن المشوار لايزال طويل".
ويرى عبد الله، أن "إعلان باريس" يفتقر لأسس متينة تضمن ثبات الاتفاق، أو على الأقل تضمن محافظة الأطراف الموقعة على موقفها الذي من الممكن أن يتسبب تقلب الأحداث السياسية بتغييره في أي لحظة، كما أنه لم يذكر كيف سيتم التعامل مع الأطراف المعرقلين لتطبيق الاتفاق.
وأشار عبد الله في تصريحات لمصراوي، إلى ضرورة التزام الجانب الراعي للاتفاق ضمان تنفيذه وضمان عدم تعرضه لأي خروقات، مؤكدًا "الاتفاق ينقصه آليات التنفيذ والتصدي للمعرقلين".
"غموض سياسي"
وحول مستقبل ليبيا، أكد أن الفترة المقبلة ستشهد غموضًا سياسيًا، كما حذر من احتمالية تصعيد الوضع العسكري خاصة بعد أن أعلن حفتر أنه ماضٍ في حربه، مشيرًا إلى أن حفتر يعتبر كل معارضيه إرهابيين.
ويعد هذا اللقاء الثالث بين الشخصيتين، إذ سبق والتقى السراج وحفتر في يناير 2016 بعد تعيين السراج، في أبو ظبي في مايو 2017. وفي ديسمبر 2015 وقعت أطراف النزاع الليبي برعاية الأمم المتحدة اتفاقا لإنهاء أزمة تعدد الشرعيات تمخض عنه مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومجلس الدولة، إضافة إلى تمديد عهدة مجلس النواب في مدينة طبرق، باعتباره هيئة تشريعية، لكن مجلس النواب رفض اعتماد حكومة الوفاق برئاسة السراج مشترطا إدخال تعديلات على الاتفاق.
"مزيد من الفوضى"
كما أكد الصحفي والباحث المتخصص في الشأن الليبي، عبد الستار حتيتة، أن الاتفاق يصعب تنفيذه على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن بنود الاتفاق تم طرحها من قبل ولكن دون جدوى.
وقال حتيتة في تصريحاته لمصراوي: "لن يحدث جديد الفترة القادمة في ليبيا، سوى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار".
وعن وجود فرنسا كراعي للاتفاق، أكد أن أوروبا ليست معنية بمستقبل الليبيين، لكنها معنية فقط بنقطتين أساسيتين؛ وهما أن تقي نفسها من خطر داعش وأن تحل أزمة وفود اللاجئين إليها.
"تلاعب دولي"
وأضاف الباحث المتخصص في الشأن الليبي، أن المجتمع الدولي يتلاعب بحفتر، مدللاً على ذلك بأنه حتى الآن لم يتم رفع حظر التسليح عنه.
وفيما يتعلق بالبند الخاص بتوحيد المؤسسات الوطنية، أكد "حتيتة" أن هذا البند لا يمكن تطبيقه، حيث أن كل حكومة من الحكومات الثلاث الليبية لديها قوة مقاتلة على الأرض، قائلًا وبالتالي "كان يجب جمع كل الأطراف قبل الاجتماع، إذا كنا نريد حلاً فعليًا للأزمة الليبية".
وأوضح حتيتة أن الجيش الوطني الليبي منبثق عن البرلمان، والبرلمان منبثق عن الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، وهو كيان قوي، كذلك حكومة الإنقاذ بقيادة خليفة الغويل، لها ميليشيات تابعة لها وهي أيضًا قوية، وبالتالي "لا يستطيع أحد أن يقول لهما تخلا عن سلطاتكما من أجل تكوين حكومة جديدة"، على حد تعبيره.
كما أشار إلى الزعامات القبلية والمؤسسات المختلفة والقوى المسلحة التي لها دور مؤثر في المشهد الليبي ولكنها يتم تهميشها في المحافل السياسية المختلفة، رغم أنهم "أصبحوا واقع على الأرض ولهم قوات ومشاريع فيجب أن يجمهم المجتمع الدولي من أجل التوافق والخروج بحكومة واحدة.
"نوايا حسنة"
ولفت "حتيتة" إلى أن البند المتعلق بتوحيد المؤسسات سبق وتم الاتفاق عليه مع الفريق محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة، والمسؤول عن الملف الليبي، ولكن دون جدوى.
وتتقاتل في ليبيا كيانات مسلحة عديدة منذ أن أطاحت ثورة شعبية العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، فيما تتصارع على الحكم 3 حكومات، 2 منها في العاصمة طرابلس، وهما الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، وحكومة الإنقاذ، إضافة إلى الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء، التي تتبع لمجلس نواب طبرق التابعة له قوات حفتر.
وفيما يخص مقترح عقد انتخابات برلمانية ورئاسية في الربيع المقبل، أكد أن هذا المقترح أيضًا ليس جديد، وقد تم اقتراحه من قبل السلطات المصرية في بداية هذا العام، مضيفًا "لو كانت الأطراف المتناحرة في ليبيا لديها حسن نوايا كانت بدأت في تفعيل هذا المقترح، بحيث يصبح من الممكن الحديث عن الانتخابات في الوقت الحالي".
حتيتة شدد على أن المستقبل في ليبيا يتسم بالغموض، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات التي استنكر إجراءها في ظل الفوضى والعنف التي تعيشهما الدولة الليبية.
فيديو قد يعجبك: