ولي عهد أبوظبي.. رجل الشرق الأوسط القوي
كتبت- رنا أسامة:
بنظراته الثاقبة، وابتساماته الرصينة، وخطواته الواثقة، وسياساته الحازمة، سجّل ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي يشغل نائب القائد الأعلى للقوات المُسلّحة، حضورًا قويًا ليس فقط داخل حدود دولته، ولكن أيضًا كانت له أدوار مهمة على الساحة الشرق أوسطية.
تقول مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إن ولي عهد أبوظبي، المُلقّب بـ "أسد الإمارات"، نجح في تحويل دولته من مُجرد ملاذ حريص على إدارة أعماله الخاصة ومتابعة شؤونه الداخلية فقط، إلى نظام أكثر انغماسًا وتداخلًا في العالم العربي. ومع تدفق عائدات النفط، حوّل بن زايد هذا البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكان إماراته السبع مُجتمعة 10 مليون نسمة تقريبًا (مليون منهم فقط من مواطني الإمارات)، إلى دولة تُعد الأكثر استيرادًا للأسلحة من بين بلدان العالم الثالث.
"إعصار محمد"
وصفت المجلة البريطانية، في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، سياسة ولي عهد أبوظبي بـ "الإعصار". ففي عام 2014، فرض بن زايد التجنيد العسكري على مواطنيه المُرفّهين، وأرسل العشرات منهم في إطار الحملة التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. وقبل أن يصبح الجنرال جيمس ماتيس وزيرًا للدفاع في الولايات المتحدة، أطلق على الإمارات اسم "إسبرطة الصغيرة".
ووفق ما ورد في تقرير استخباراتي نشره موقع "تاكتيكال ريبورت"، المعني بتقديم معلومات استخبارية حول الطاقة والدفاع في الشرق الأوسط، أعرب ولي عهد أبوظبي أمام قادة عسكريين إماراتيين رفيعي المستوى عن رغبته في "تعزيز دور البحرية الإماراتية" في تأمين ساحل اليمن حتى مضيق باب المندب، ضمن خطة استراتيجية لتوسيع الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الأفريقي.
كما دعم الأمير الانفصاليين في الصومال أيضًا وساعد على نهوض كلٍ من إقليم بونتلاند، وذلك عبر تمويل قوات الشرطة البحرية التابعة له، وجمهورية أرض الصومال.
وفي ليبيا، البلد المضطرب الذي يشهد حربا ضارية منذ سقوط زعيمها معمر القذافي قبل نحو 6 أعوام، أرسل دعمًا عسكريًا للمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، ونجح في عقد لقاء بينه وبين فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، في مايو الماضي، أثمر عن عن اتفاق بين الجانبين على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بعد 6 شهور من سريانه.
أزمة قطر و"المُحمدين"
ربطت وسائل الإعلام الغربية أزمة قطر بالعلاقة بين "المُحمدين"، ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. فقالت صحيفة "التليجراف" البريطانية إن الصراع بين الأميرين الشابين الأكثر تأثيرًا في العالم العربي يقع في قلب الأزمة الدبلوماسية بين قطر وجيرانها الخليجيين.
في مطلع يونيو الماضي، قطعت عدة دول عربية وإسلامية، على رأسها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، علاقاتها مع قطر، على خلفية اتهامات بدعم الدوحة للإرهاب، الأمر الذي تواصل الأخيرة على نفيه.
وقال دبلوماسي غربي في الدوحة إن هذا التحرك "مرتبط بوضوح" بزيارة ترامب الأخيرة إلى الرياض في إطار أولى جولاته الشرق أوسطية، مايو الماضي، مُشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي حثّ المملكة والإمارات على المُضي قدمًا باتجاه ذلك، حسبما نقلت وكالة "رويترز" الإخبارية.
ومنذ ذلك الحين، مضى ولي عهد أبوظبي يُجري اتصالاته وزياراته في محاولة لبحث الأزمة التي تفاقمت بين دول الخليج وقطر. فانطلق يبحث هاتفيًا أزمة قطر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتوجّه في زيارة إلى جدّة بحث خلالها مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تداعيات الأزمة.
كما أجرى زيارة إلى القاهرة التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، تناولا سبل مكافحة الإرهاب وآخر تطورات الأوضاع في المنطقة، لاسيما الأزمة الخليجية.
وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية إن الحرب التي تقودها المملكة وحلفائها ضد قطر تتم ببصمات أصابع اثنين من قادة العالم العربي هما بن سلمان وبن زايد.
واعتبرت أن استراتيجية ابن زايد وابن سلمان وضعت السعوديين والإماراتيين في مواجهة مباشرة مع قطر التي مازالت حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة وتستضيف القيادة المركزية الأمريكية، فوليّا عهد أبوظبي والسعودية يريدان إيصال رسالة واضحة إلى نظيرهما القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني البالغ من العمر 37 عاما مفادها "أنه في هذا الحي نحن ندير العرض".
وقال يزيد صايغ، كبير زملاء مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت: "بفضل زيارة ترامب الأخيرة، وخطابه المعادي لإيران يبدو أنهما يعتقدان أن هذا يعني أنهما يستطيعان فعل ما يريدان".
ونقلت الوكالة الأمريكية عن أيهام كامل، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا، إن "سبب هذه اللعبة الصعود الثنائي للرجلين كمهندسين معماريين للسياسة الإقليمية، وهذا ما لم يسبق له مثيل، وما تفتقر إليه دول الخليج إلى حد كبير هو العمليات الاستراتيجية التفصيلية ".
وكان محمد بن زايد (56 عامًا)، من بين أول القادة في المنطقة الداعمين للأمير محمد بن سلمان (31 عامًا) الذي عيّنه والده الملك سلمان في عام 2015 إلى أن أصبح وليًا للعهد الشهر الماضي، خاصة وأن الأمير الطموح برز كقوة دافعة وراء خطة الإصلاح (رؤية 2030) التي كشف عنها العام الفائت.
ورأى ديفيد أندرو واينبرج، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن "نهج السياسة الخارجية الإماراتية مدفوع إلى حد كبير ببعض الشخصيات، وإن كان هذا يحمل في طيّاته خطرًا كبيرا، فضلًا عن الفشل في اليمن الذي يمكن أن يقوض نفوذ بن سلمان في السعودية".
فيديو قد يعجبك: