إعلان

هل دولة القانون في ألمانيا في خطر؟

10:44 ص الخميس 03 أغسطس 2017

برلين (د ب أ)
مشتبه به يقبع في سجن التحقيقات، ثم يخلى سبيله بعد بضعة أشهر من احتجازه، ليس لأن الاشتباه به قد تبدد، بل لأن القضاء لم يكن سريعا بالدرجة التي تكفي لإعداد دعوى ضده، ولأنه لا يمكن احتجاز المتهم مدة أطول من ذلك.

يقول رئيس رابطة القضاة الألمان، ينز جنيسا: "يحدث ذلك 40 إلى 45 مرة شهريا في ألمانيا.. ليس هؤلاء المجرمون مجرمين بجنح بسيطة ، بل أنهم مجرمون متهمون بارتكاب جنايات عظيمة".

وعزا جنيسا ذلك إلى إرهاق القضاء بأعداد لا قبل له بها من القضايا.

اشتكى القاضي الألماني من نقص وكلاء المدعي العام والقضاة في ألمانيا، وقال أمس الأربعاء في برلين إن البت في القضايا أصبح يستغرق فترة أطول دائما.

في بعض الأحيان تستمر القضايا فترة طويلة لدرجة تؤدي للإفراج عن مجرمين من العيار الثقيل. وأصبح القضاة الذين ينظرون جرائم اقتصادية يخفضون العقوبات في نحو ثلث الحالات المنظورة وذلك بسبب تأخر المحاكمة "ويتسبب ذلك في مشاكل في العدالة". كما أشار رئيس رابطة القضاة الألمان إلى ارتفاع أعداد القضايا التي تم حفظها وذلك لأن المحاكم و وكلاء النائب العام لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم من كثرة القضايا.

حذر جنيسا من أن ذلك "يمثل تطورا مثيرا للقلق" وقال إن "المشاكل هائلة".

وفقا لحسابات رابطة القضاة الألمان، فإن ألمانيا تحتاج 2000 قاضي و وكيل للنائب العام إضافيين.
وشدد جنيسا على أن الوضع سيتدهور أكثر في السنوات المقبلة بسبب إقدام القضاء على "موجة تقاعد هائلة".

وفقا لرابطة القضاة الألمان، فإن 40% من جميع القضاة و وكلاء النائب العام على المستوى الاتحادي والولايات في ألمانيا سيتقاعدون خلال الـ 15 سنة المقبلة.

بل إن هذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 60% في ولايات شرق ألمانيا.

وأوضح رئيس رابطة القضاة الألمان أنه قد أصبح من الصعب العثور على أجيال صغيرة من القضاة ووكلاء النائب العام.

كما أن هناك مشكلة نقص أفراد بين صفوف الشرطة أيضا،حيث تتوقع نقابة الشرطة الألمانية تقاعد نحو 44 ألف من موظفي الشرطة بحلول عام 2021 ،أي واحد من كل خمسة من رجال الشرطة الألمانية البالغ عددهم إجمالا نحو 215 ألف شرطي يعمل بدوام كامل.

هذه المشكلة معروفة من قبل حيث يشتكي نقابيو الشرطة بهذا الصوت المرتفع منذ وقت طويل من تراجع أعدادهم، بعد سنوات من خفض الوظائف بين صفوف الشرطة.

عززت الحكومة بالفعل أعداد الشرطة، ولكن النقابيين يطالبون بالمزيد من الأفراد. وتزايد الأحزاب الألمانية على بعضها البعض في المطالبة بتعيين عدد أكبر من أفراد الشرطة على المستوى الاتحادي والولايات.
ووعد كل من التحالف المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي ،في برنامجهما الانتخابي، بتعيين 15 ألف شرطي إضافي، ولكن نفوذهما لا يتجاوز الشرطة الاتحادية ولا يصل لشرطة الولايات. كما أن رئيس نقابة الشرطة أوليفر مالخوف يرى أن هذه التقديرات لا تكفي.

ويعتقد مالخوف أن هناك حاجة إلى 20 ألف شرطي آخر إضافة للعدل الإضافي المزمع.

لا تلعب الدعوة إلى تحسين إمكانيات القضاء دورا في المعركة الانتخابية حتى الآن، وذلك على الرغم من أن كلا من الطرفين، الشرطة والقضاء، يعتمد على الآخر حيث أن زيادة أعداد الشرطة يعني إنتاج عمل أكثر لوكلاء النائب العام والقضاة. أو بتعبير آخر: إذا لم يكن هناك شخص في النهاية يقدم الجاني للمحكمة، فإن زيادة أعداد الشرطة لن تجدي شيئا في الكشف عن مرتكبي الجرائم.

يرسم مالخوف، مثله مثل جنيسا، صورة قاتمة للوضع، قائلا إن هناك تراكما بالملايين لساعات العمل الإضافي لدى الشرطة لدرجة أنه لم تعد هناك على سبيل المثال أكمنة مرورية للشرطة بسبب كثرة التزامات رجال الشرطة. كما أن جزءا من جرائم السطو "يُدار" أكثر من كونه يُكشَف، وفقا لما يراه مالخوف الذي قال: "هذه ليست دولة قادرة على العمل". كما أكد رئيس نقابة الشرطة الألمانية أن الشرطة تضطر أحيانا لعدم الخوض في التحريات للكشف عن جرائم وذلك بسبب عدم توفر أفراد بشكل كاف. وأكد مالخوف أن هناك شعورا كبيرا بالإحباط في مراكز الشرطة.

يقول القاضي جنيسا إن القضاة أيضا أصبحوا يضعون أولويات عند نظر القضايا، مما يعني توقف بعض القضايا المتوسطة والصغيرة بعد بدء التحقيق فيها، مضيفا: "هناك اكتئاب في جميع أنحاء القضاء الألماني، لدي شعور بأن المواطن أصبح يلمس ذلك بشكل متزايد ويشك في الأمان في بلده".

ويتحدث مالخوف و جنيسا عن "تآكل الأمن الداخلي" وحذرا من أنه إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك، فإن ألمانيا ستكون مقبلة على "قصور أمني هائل". فهل دولة القانون قادرة على العمل أصلا؟

أجاب جنيسا عن ذلك قائلا: "أريد أن أرد على ذلك بالشكل التالي: لا تزال السفينة متماسكة نسبيا.. ولكن إلى متى؟ هذا أمر غير معروف".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان