التضامن يساعد المنكوبين في هيوستن على النهوض بعد العاصفة
(أ ف ب):
عادت زحمة السير إلى تقاطعات الطرق الضخمة المتشابكة في قلب هيوستن، لكن تحت أشعة الشمس في المدينة من جديد، ما زال العديد من السكان يحاولون إنقاذ ما أمكن من منازلهم التي غمرتها الفيضانات، وكلمة "التضامن" على لسان العديدين منهم.
تقول ساره أوزبورن بدون تردد "تفضلوا" حين تفتح باب منزلها من حجر القرميد الأحمر، الجمعة، وقد علقت العلم الأميركي على شجرة أمام المدخل.
عند الباب يقف أربعة شبان يحملون مطارق ويضعون حول أعناقهم اقنعة للوقاية من الغبار، ويقدمون أنفسهم على أنهم أعضاء في جمعية الأحمدية، أقدم المنظمات الإسلامية الأميركية، وهي تابعة للطائفة الأحمدية.
وينشط شبان المنظمة التي تعد حوالى 700 عضو في هيوستن من أصل خمسة آلاف عضو في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لمساعدة المنكوبين بعدما ضرب الإعصار هارفي مصحوبا بأمطار غزيرة ولاية تكساس قبل أسبوع، متسببا بفيضانات في هذه المدينة الواقعة في جنوب الولايات المتحدة والتي تعد من الأكثر انفتاحا على العالم في البلد.
يقول المتحدث باسم الشعبة الشبابية للمنظمة "الجمعية الأحمدية المسلمة الشبابية" رحمن ناصر، مرتديا قميصا طويلا فوق سرواله الجينز مع قبعة وحذاء رياضي بألوان باهرة، إنه في ذروة الفيضانات التي شلت رابع أكبر مدينة اميركية يبلغ عدد سكانها 2,3 مليون نسمة، قام أعضاء الجمعية بإغاثة حوالى عشرين عائلة بقارب، كما ساعدوا ما بين عشرين وثلاثين أسرة على تنظيف منازلهم منذ أن بدأت المياه بالانحسار في منتصف الأسبوع.
ويقوم الشبان في منزل ساره وروبرت أوزبورن بالدق على أسفل الجدران التي لا تزال مشبعة بالمياه، فيكسرون الهيكل الخشبي لإخراج ألياف الزجاج. ثم يحملون كل ما أخرجوه على عجلة ويتناوبون لنقل الحطام ورميه على أرصفة وستبوري، الحي الأنيق في الظروف العادية الواقع في جنوب غرب هيوستن.
وتتراكم في الحدائق المحيطة بالمنازل قطع أثاث مكسورة وأجزاء بسط موكيت ومرايا محطمة وألعاب متروكة. وفي كل مكان يمكن روية المشهد ذاته، مشهد جيران أو أقرباء أو متطوعين غرباء يساعدون في نقل الأمتعة والرزم، وتجفيف ما يمكن إنقاذه، وإزالة الحطام.
تقول ساره أوزبورن"هذه هي الذهنية في هذه المدينة، الكل يساعد الكل بمعزل عن لون البشرة والأصل والديانة".
ويضيف زوجها روبرت "ثمة تلك الصورة المسبقة عن تكساس التي تصورنا على أننا عنصريون وبيض ومعادون للمسلمين أو للمثلييين جنسيا، أو مجرد معارضون لكل شيء، مهووسون بالديانة والأسلحة، وهذا ابعد ما يكون عن الحقيقة في هيوستن لأن المدينة منفتحة حقا على العالم".
يوافقه رحمن ناصر الراي. ويقول الطالب البالغ من العمر 23 عاما ونشأ في هيوستن "إن كنا سنصدق كل ما نسمع على التلفزيون، فقد نعتقد أنني حين أذهب إلى منازل هؤلاء الناس وأبادرهم بالقول إننا مجموعة من المسلمين تريد مساعدة جيرانها، فهم يغلقون الباب بوجهنا. لكن الحقيقة أنهم يفتحون لنا أبوابهم".
غير أن صدمة الكارثة لا تزال ملموسة خلف كل مظاهر التضامن والمساعدة.
تبدي كيلسي جونسون تأثرا كبيرا حين تعثر على رسوم ابنها معلقة داخل خزانة كانت تهم برميها، وتقول إنها عازمة على مغادرة المنزل الذي تسكنه مع زوجها ديأندريه جونسون وطفليهما، على مقربة من منزل عائلة أوزبورن.
وعلى مسافة بضعة منازل، يقول توم كوسغروف الموظف في القطاع العقاري البالغ من العمر 32 عاما "قوة الضربة التي لحقت بهيوستن... يتهيأ لي أن ذلك يتخطى قدرة العديدين على التفهم".
وهو وصل في صباح اليوم نفسه من أوستن، على مسافة حوالى 270 كلم، لمساعدة عمته.
خلفه، تقوم عمته ليسا بلاك (54 عاما) بتنظيف أطبق معدنية في حوض وضعته على عشب الحديقة، قرب كنبات وارائك لا تزال مبتلة بالمياه.
تقول هذه الموظفة العاملة في القطاع النفسي "إننا منهكون فعلا. لكن رؤية الناس يتعاونون أمر يثلج القلب".
وتضيف "لا نسمع سوى أنباء سيئة في الإعلام.. هذه المجموعة تكره تلك. لكننا في الحقيقة ندرك أن لا أحد يكره الغير.ث مة تعاون بين الجميع".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: