الهجوم التركي على عفرين.. أين تتجه مغامرة الأتراك في سوريا؟
كتب - عبدالعظيم قنديل:
بدأت القوات التركية، السبت الماضي، هجوما بريا وجويا ضد أهداف جماعة وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة عفرين في شمال غرب سوريا، وهي العملية التي اطلقت عليها أنقرة "غصن الزيتون".
ويرى مراقبون أن العملية العسكرية التركية في عفرين كانت متوقعة، لاسيما مع انهيار تنظيم دولة الخلافة المزعومة، والتي انهمكت القوات الكردية في محاربتها على مدى الأعوام الماضية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال خلال خطاب له في ولاية بورصة غربي تركيا، الأحد، إن الهجوم "لن ينتهي إلا بالقضاء على التنظيمات الإرهابية"، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني المصنف تنظيما إرهابيا في تركيا.
وتخضع عفرين لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية.
ويرى عمر كوش، المحلل السياسي التركي، أن الجيش التركي ينظر إلى وحدات حماية الشعب الكردية كـ"تهديد على الأمن القومي للبلاد"، ولذا تم التخطيط لذلك التوغل منذ سنوات، معتبرًا أن عملية "غصن الزيتون" ردًا واضحًا على ما تصفه تركيا ب"الاستفزاز الأمريكي" عبر تسليح الأكراد.
وتأتي هذه التحركات التركية بعد أن أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تشكيل قوة أمنية حدودية قوامها 30 ألف مقاتل بالتعاون مع قوات سوريا الديموقراطية "لمنع عودة تنظيم داعش".
وأضاف "كوش"، لمصراوي، أن العملية العسكرية التركية تمت بالتنسيق مع كافة القوى الفاعلة داخل المشهد السوري، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن المشاركة الفاعلة للجيش السوري الحر.
وقال المحلل التركي: "ميزان القوة العسكرية يرجح كفة الجيش التركي بالتأكيد، لكن توقف العمليات العسكرية التركية مرهون بإمكانية التوصل لحل سياسي، بالإضافة إلى الطبيعة الوعرة للمناطق في شمال سوريا".
وبشأن احتمالات مناصرة الولايات المتحدة للأكراد، أوضح المحلل التركي أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين، في الفترة الأخيرة، أعطت الضوء الأخر مسبقًا للقوات التركية، وأطلقت يد تركيا على الوحدات الكردية بسوريا، لافتًا أن امكانية التصعيد الأمريكي ستكون سياسيًا فقط.
وكان وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أكد، الأحد، أن أنقرة أبلغت الولايات المتحدة مسبقا قبل إطلاق عمليتها في سوريا ضد القوات الكردية المتحالفة مع واشنطن، مشيرا إلى وجود مخاوف أمنية "مشروعة" لدى الجانب التركي.
ودعت الخارجية الأمريكية تركيا إلى "ممارسة ضبط النفس وضمان ان تبقى عملياتها محدودة في نطاقها ومدتها، ودقيقة (في أهدافها) لتجنب سقوط ضحايا مدنيين".
وحول جلسة مجلس الأمن المرتقبة بشأن الوضع في سوريا والتي طلبتها فرنسا، توقع كوش أن تناول الجلسة سيكون بشكل عام للأوضاع في سوريا.
ورجح أن يكون أقصى ما يتصدر عن مجلس الأمن هو مطالبة تركيا بعدم استهداف المدنيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون التطرق إلى تفاصيل العملية العسكرية التركية.
يشار إلى أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أعلن أن بلاده تدعو لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث الأوضاع في سوريا بعد أحداث عفرين وإدلب، مطالباً تركيا "بوقف إطلاق النار بشكل كامل في سوريا والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية من دون شروط مسبقة".
من جانب اخر، أشار محمد حامد، الخبير بالشأن التركي، إلى أن عداء تركيا للأكراد ليس وليد اللحظة، وإنما السياسة التركية لديها هواجس من إقامة كيان كردي أو حكم ذاتي جنوب البلاد، الأمر الذي يشجع حزب العمال الكردستاني على المطالبة بأمر مماثل داخل تركيا، مما يشكل تهديد صريح لحزب العدالة التنمية الحاكم.
وبشأن مواقف القوى الدولية، توقع الخبير بالشأن التركي، في تصريحات لمصراوي، أن تتنصل الولايات المتحدة الأمريكية من القوات الكردية، رغم من الفاعل في محاربة تنظيم داعش، لافتًا إلى أن البيانات الرسمية لا تشكل رفضًا صريحًا للتدخل العسكري التركي، فالجميع يريد ان تنتهي المعركة دون مجاملة أي من الطرفين.
وحول استمرار العملية، أوضح حامد أن تركيا ستبذل أقصى جهود ممكنة لإبعاد أكراد سوريا عن حدودها الجنوبية، وأن وكل الاحتمالات قائمة بما فيها إقامة منطقة آمنة على طول الحدود التركية السورية، خاصة وأن أنقرة حصلت على ضمانات دولية كافية للشروع في عملياتها العسكرية.
فيديو قد يعجبك: