من إيران للأردن.. انتفاضات الخبز تشعل الشرق الأوسط من جديد
كتبت- هدى الشيمي:
منذ أواخر العام الماضي، أشعل ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية والوقود فتيل الغضب في نفوس المواطنين في عدة دول بالشرق الأوسط، فخرج المواطنون إلى الشوارع محتجين على الأوضاع الاقتصادية، وما لبثت أن تحولت الاحتجاجات إلى مظاهرات سياسية، ورغم عدم اتساع نطاقها، إلا أنها أثارت قلق حكومات هذه الدول، وأحدثت حالة من الفوضى.
وبدأت انتفاضات الخبز مع نهاية العام الماضي في إيران، ثم انطلقت إلى السودان ومنها إلى تونس والأردن، وفيما يلي نستعرض أبرز ما حدث في هذه الدول..
"احتجاجات إيران.. والموت للديكتاتور"
انطلقت الاحتجاجات من مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية، في أواخر ديسمبر الماضي، اعتراضًا على رفع أسعار بعض المواد الأساسية في السلة الغذائية الرئيسية في البلاد، بالإضافة إلى إعلان الحكومة رفع الدعم عن الوقود، ثم انتشرت في عشرات المدن والمحافظات، لتصل إلى العاصمة طهران، وتتحول إلى مظاهرات سياسية، تطالب بإسقاط نظام الرئيس الإصلاحي حسن روحاني، وتتحدى المُرشد الأعلى آيه الله علي خامنئي، لأول مرة، وردووا شعارات مثل "الموت للديكتاتور".
وندد المحتجون الإيرانيون بانتشار الفساد في حكومة بلادهم، ودعوا النظام إلى التوقف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، مثل سوريا والعراق واليمن، وقالت إحدى الناشطات لصحيفة جيروزاليم بوست، إن الشعب الإيراني استاء من شعوره بالفقر رغم أنه يعيش في دولة غنية، ويرفض تبديد ثروات وطنه على الصراعات الخارجية.
من جانبها اعتبرت طهران المحتجين عملاء ممولين من الحكومات الأجنبية، لاسيما بعد إعلان الدول الغربية خاصة أمريكا تأييدها للاحتجاجات، وتأكيدها على تعاطفها ومساندتها للمتظاهرين، ضد النظام الإيراني.
واستخدمت طهران ذراعها الأقوى، الحرس الثوري الإيراني، في التصدي للمتظاهرين، كما استخدمت قوات الباسيج، وتمكنت في نهاية الأمر من إخماد الاحتجاجات، واعتقال الآلاف. كما تسببت الاشتباكات بين القوات والمحتجين في مقتل العشرات، بحسب المنظمات الحقوقية والمراقبين الدوليين.
ويرجح السياسيون، بحسب صحيفة جيروزليم بوست الإسرائيلية، أن تنطلق الاحتجاجات مرة أخرى، مع بقاء الوضع كما هو عليه، وعدم تحسن الظروف الاقتصادية في البلاد.
"تونس.. واحتجاجات مع ثورة الياسمين"
بالتزامن مع الذكرى السابعة لثورتهم والمعروفة باسم "ثورة الياسمين"، عاد التونسيون إلى الشوارع مرة أخرى للتنديد بغلاء الأسعار وانتشار البطالة، وانتشرت الاحتجاجات في حوالي 10 مدن تقريبا، وتسببت في مقتل العشرات بسبب مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين.
وانطلقت الاحتجاجات في تونس بسبب قانون المالية الذي أقرته الحكومة التونسية، والذي ينص على زيادة أسعار بعض المواد الأساسية على رأسها الوقود، بالإضافة إلى رفع الضرائب على الاتصالات الهاتفية والتأمين، ورفع أسعار الشاي والقهوة، وبعض الأدوية، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وأعلن خليفة الشيباني، الناطق باسم وزارة الداخلية في مطلع الشهر الجاري، أن السلطات التونسية أوقفت حوالي 780 شخص منذ بدء الاحتجاجات. ودعت منظمة العفو الدولية "أمنستي" لضبط النفس والكف عن اللجوء إلى مناورات ترهيبية ضد المتظاهرين السلميين ودعت كافة الأطراف إلى ضبط النفس، بحسب فرانس برس.
"السودان.. وثورة الخبز"
مع مطلع العام الجاري، انطلقت احتجاجات مناهضة لقرار الحكومة السودانية برفع أسعار الخبز، الناتج عن ارتفاع جوال القمح من 150 إلى 450 جنيه سوداني، ورفع سعر الجمارك حوالي 300 بالمئة عن السعر القديم، ما تسبب في زيادة أسعار العديد من السلع والمنتجات.
وتظاهر المئات بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، وفي مدينة أم درمان، ورددوا هتفافات مثل "لا للجوع.. لا لارتفاع الأسعار".
ولجأت الحكومة إلى القوة وتعاملت بعنف شديد مع المتظاهرين، فألقت عليهم القنابل المسيلة للدموع، واستخدمت خراطيم المياه لتفريقهم، وألقت السلطات القبض على مئات المعارضين والمحتجين والسياسيين، وأفرجت عن بعضهم بينما لا يزال أغلبهم رهن الاحتجاز.
ويقول محمد عبدالكريم، معارض سوداني، لمصراوي، إن غلاء الأسعار أثر على الطبقة المتوسطة والفقيرة، ما دفع الرجال والنساء وكبار السن على المشاركة في الاحتجاجات، فلم تعتد تقتصر المظاهرات على الشباب والمعارضين فقط.
ونشرت لجنة حماية الصحفيين تقريرًا يفيد بمصادرة الحكومة السودانية للصحف والمطبوعات التي تغطي الاحتجاجات، واحتجزت قوات الأمن مراسلي الصحف السودانية، ومراسلي المنصات الإعلامية الأجنبية من ضمنهم مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ومراسل قناة العربية، ومراسل الوكالة الفرنسية (أ ف ب)، لكنها أفرجت عنهم بعد فترة.
"الأردن.. واحتجاجات التواصل الاجتماعي"
ولجأ الأردنيون إلى منصات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك)، للإعراب عن رفضهم لقرار الحكومة برفع الدعم وزيادة أسعار خبز، يوم الجمعة، بنسبة تتراوح بين 60 و100%، على أن يدخل القرار في حيز التنفيذ، أمس السبت، في خطوة لتخفيف الضغوط على ميزانية البلاد.
واستخدم الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر من هاشتاج، منها "شعبنا زهق"، و"خبز الأردن"، وأعربوا عن غضبهم الشديد من غلاء الأسعار، ومالبثت أن تحولت المنصة الإلكترونية إلى ساحة يعبر فيها المواطنون عن رفضهم لسياسات الحكومة، وانتشار البطالة، وازدحام حركة المرور.
وفي تلك الأثناء، نظم ما يسمى "حراك ذيبان" مسيرة للتنديد بالغلاء، ورفع الأسعار والضرائب، بحسب ما نقلته صحيفة "الغد الأردنية.
فيديو قد يعجبك: