إسرائيل تُشرْعن إعدام أسرى فلسطين وتحكم احتلالها للقدس
كتبت- إيمان رحيم:
في محاولة جديدة لقمع الاحتجاجات والتظاهرات الفلسطينية في الأراضي المحتلة، لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى إحياء مشروع قانون يخول للاحتلال تطبيق عقوبة الإعدام ضد الفلسطينيين، وذلك بعد أن وافق الكنيست على تعديل تشريعي يصعب على حكومة الاحتلال التنازل عن أي جزء من القدس للفلسطينيين في أي اتفاق للسلام في المستقبل.
جاءت الإجراءات الإسرائيلية، في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مطلع الشهر الماضي بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
وناقش أعضاء البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الخميس مشروع قانون يسمح بإعدام من يقول الاحتلال إنهم يعتدون على حياة الإسرائيليين.
يتضمن مشروع القانون الجديد تخفيفا من شروط تطبيق عقوبة الإعدام، حيث يسمح أولا بتطبيق عقوبة الإعدام عن طريق قرار محكمة بإجماع اثنين من القضاة الثلاثة وليس جميعهم، ثانيا منع استبدال عقوبة الإعدام بعقوبة أخرى، وأيضا السماح بتطبيق العقوبة من غير طلبها من المدعي العام العسكري، بالإضافة إلى أن المشروع الجديد يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام في محاكم الاحتلال المدنية وليس فقط في المحاكم العسكرية.
وتعترف تشريعات الاحتلال بعقوبة الإعدام وذلك بعد حرب 1948، إلا أنه وفقا للقانون رقم 60 الصادر في 5 فبراير 1968، تم تحويل عقوبة الإعدام الواردة في أي تشريع تابع للاحتلال من عقوبة وجوبية إلى عقوبة جوازية، فلم تلغى عقوبة الإعدام بوجه عام ولكن تركت للقاضي حينها، غير أنها لم تلقي بعقوبة الإعدام على أيا شخصا حتى الأن. حسبما نقلت وكالة وفا الفلسطينية.
قال المسؤول الإعلامي لجمعية المحررين والأسرى الفلسطينية، أسامة الوحيدي، إن التوجه نحو إعدام الأسرى الفلسطينيين في إطار قانون إسرائيلي يعد مخالفًا للقانون الدولي، إذ أن خلفية الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليست جنائية إنما قومية ووطنية ونتيجة صراع مستمر منذ عام 1948.
وأضاف الوحيدي في تصريحات لمصراوي أن "هذا يعني أن الأسرى الفلسطينيين لا يجوز تطبيق حكم الإعدام عليهم لخضوعهم ضمن اتفاقيات جنيف الخاصة بأوضاع الأسرى والمعتقلين خلال النزاعات والحروب".
وأوضح أن تطبيق عقوبة الإعدام بحق الأسرى المعتقلين لدى الاحتلال تمارس يوميا وبصفة مستمرة عن طريق قيام حكومات إسرائيل وجنودها وضباطها بإعدام الأسرى والمعتقلين بدم بارد خارج نطاق القضاء بما يتعارض مع القوانين الدولية الإنسانية.
وأشار المسؤول الإعلامي بجمعية الأسرى إلى أن المادة رقم 6 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تُحرم تطبيق عقوبة الإعدام في حال عدم حصول المتهم على محاكمة عادلة، مؤكدا أن المحاكم العسكرية للاحتلال تمنع وبشكل ممنهج المعتقلين الفلسطينيين من الحصول على محاكمة عادلة، كما لا تتوافق هذه المحاكم مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، مما يفقد عقوبة الإعدام شرعيتها.
بينما صرح القيادي بالهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، ثائر أبو عون أن مشروع القانون تم طرحه منذ عدة سنوات من قبل حزب "بيتنا" الإسرائيلي، لافتا إلى أن إعادة طرحه مرة اخرى جاء من أجل شرعنة السياسات الإسرائيلية القائمة على عمليات القتل الميداني على خلفية الاشتباه بحق مدنيين فلسطينيين.
وأضاف أبو عون لمصراوي أن الهدف الأساسي من شرعنة وإحياء هذه العقوبة هو استمرار استفادة الوكلاء والقادة العسكريين والمدنيين الإسرائيليين من عدم المحاسبة والمسائلة الجنائية الدولية.
وقال إن ذلك يعد استخفافا واضحا بمنظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وحذر من تبعيات القرار داخل السجون أو خارجها، مما قد يحدث انفجارا يمتد الى الخارج ليتحول الى انتفاضة حقيقية، نافيا أن يؤثر هذا القرار على روح الفلسطينيين أو يخمد ثورتهم.
القدس
لم يكن مشروع قانون الإعدام هو الوحيد الذي سعت من خلاله سلطات الاحتلال لقمع الاحتجاجات وتكريس احتلالها للقدس؛ ففي مطلع يناير الجاري، وافق الكنيست على تعديل تشريعي يصعب على الحكومة التنازل عن أي جزء من القدس للفلسطينيين في أي اتفاق للسلام في المستقبل.
ويشترط التعديل موافقة أغلبية ثلثي أعضاء الكنيست في التصويت بشأن التخلي عن أي أراض تعدها سلطات الاحتلال جزءا من القدس المحتلة.
وينظر على نطاق واسع إلى الإجراء الأخير باعتباره ضربة أخرى للآمال في حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بإقامة دولتين؛ حيث يريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية المحتلة، التي ضمتها إسرائيل في أعقاب حرب 1967، عاصمة لدولتهم في المستقبل.
ولكن سلطات الاحتلال تدعي أن مدينة القدس برمتها هي عاصمتها، وهو موقف أيده في الفترة الأخيرة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في قراره المثير الذي اتخذه بشأن القدس وغير به سياسة الولايات المتحدة المعهودة.
جاءت الإجراءات الإسرائيلية أقل من شهر على إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما أثار غضب الفلسطينيين وقادة في الشرق الأوسط وقوى عالمية.
وقد تجمدت المفاوضات التي جرت بوساطة أمريكية بين إسرائيل والفلسطينيين منذ عام 2014 ولكنها إذا استؤنفت فقد يعقد رفع الكنيست للأصوات اللازمة للموافقة على أي اقتراح بترك جزء من القدس من جهود التوصل لاتفاق سلام.
وأثار قرار ترامب في السادس من ديسمبر احتجاجات في المنطقة وقالت السلطة الفلسطينية إن واشنطن لا يمكن أن تكون بعد الآن وسيطا للسلام. وحتى الآن لم تحرز مساع أمريكية بقيادة مستشار ترامب وزوج ابنته جاريد كوشنر لإحياء المفاوضات أي نجاح.
وقال نفتالي بينيت رئيس ائتلاف البيت اليهودي اليميني المتطرف الذي يرعى التشريع "سلطة التخلي عن أجزاء من الأرض ليست في يد أي يهودي ولا في يد الشعب اليهودي".
وقال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية، لإذاعة صوت فلسطين الثلاثاء "الذي حدث في ليكود أول أمس على وضع السيادة الإسرائيلية على المستوطنات الاستعمارية وما حدث في الكنيست بالأمس عندما تم تعديل المادة الثانية في القانون الأساسي عن القدس هو امتداد لمخطط بدأه ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل".
وأضاف "الآن بعد خطاب ترامب في شهر ديسمبر الماضي هناك مرحلة جديدة .. مرحلة أمريكية إسرائيلية جديدة عنوانها سيكون فرض الحل أو الإملاءات".
وقال إن "المشروع الوطني الفلسطيني مهدد بالتصفية. ما يقوم به ترامب ونتنياهو هو تصفية المشروع الوطني الفلسطيني".
فيديو قد يعجبك: