جيروزاليم بوست: هل تبني تركيا قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر؟
كتب - عبدالعظيم قنديل:
سلطت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، اليوم الأحد، الضوء على ما وصفته بـ"الأطماع" التركية في إفريقيا، وقالت إن "انشغال العالم بإيران منح تركيا فرصة لتحقيق مساعيها الخفية لتطوير بنية تحتية عسكرية واستخباراتية في البحر الأحمر".
ونشرت الصحفية، تحليلا للسفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، زافي مازيل، قال فيه إن حالة الفوضى التي تعم الشرق الأوسط لم تبرر وقف المنافسة بين القوى الإقليمية في معركتها القاسية من أجل الهيمنة.
وقد نشرت تركيا بالفعل قوات في قطر لدعم الإمارة الخليجية في صراعها مع دول الخليج ومصر، وفق التقرير الذي أوضح أن الكتلة السنية تعول على الأزمة الخليجية في كبح جماح الأطماع الإيرانية بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت حدودها الجوية والبرية والبحرية معها في الخامس من يونيو الماضي، قبل أن تصدر قائمة بـ13 مطلباً، لكن الحكومة القطرية اعتبرت المطالب "انتهاكا لسيادتها".
وشملت قائمة المطالب إعلان قطر خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، والاقتصار على التعاون التجاري، وقطع أي تعاون عسكري، أو استخباراتي مع طهران. كما تضمنت وقف التحريض الإعلامي ضد الدول العربية من قنوات تابعة لقطر، مع وقف بث قناة الجزيرة القطرية، بجانب إغلاق القاعدة العسكرية التركية، وتسليم المُدانين في قضايا إرهاب، وتجميد أرصدتهم.
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أثناء جولته الأفريقية أواخر الشهر الماضي، أن نظيره السوداني عمر البشير وافق على أن تتولى تركيا خلال فترة زمنية لم يحددها إعادة الإعمار وترميم الآثار في جزيرة سواكن.
وقال أردوغان في ختام جلسات المنتدى الاقتصادي المشترك بالخرطوم "طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم. والرئيس البشير قال نعم".
كما أشارت الصحيفة أن الرئيس التركي يعتزم إنشاء مرافق بحرية في هذه الجزيرة الاستراتيجية(سواكن)، والتي تقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر، حيث تمتلك ميناء قديم، والذي كان يعتبر من أكبر موانئ البحر الأحمر للدولة العثمانية في القرن الـ 19.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أنه "تم توقيع اتفاقيات بخصوص أمن البحر الأحمر"، مؤكدا أن تركيا "ستواصل تقديم كل الدعم للسودان بخصوص أمن البحر الأحمر".
وأضاف تشاوش أوغلو الذى تحدث بالتركية وترجمت تصريحاته في المؤتمر الصحفي أن أنقرة مهتمة بأمن أفريقيا والبحر الأحمر. وقال "نحن مهتمون بأمن السودان وأفريقيا وأمن البحر الأحمر".
وأوضح التقرير أن أنقرة أصبحت منهمكة بإنشاء حلقة من التعاون العسكري على طول سواحل البحر الأحمر في شرق أفريقيا. ومن المرجح أن تكون جزيرة "سواكين" بمثابة "نقطة مراقبة استراتيجية" تشرف على التحركات في البحر الأحمر. وستكون السفن البحرية التركية قادرة على الرسو في الموانئ السودانية الأخرى.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن "السودان قرر تسليم جزيرة سواكن إلى تركيا تحت غطاء ترميم الآثار بها، وهناك خبراء أتراك موجودون بالفعل في الموقع، وهم بصدد وضع الخطط"، مشيرة إلى أن رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار رافق أردوغان في زيارته للسودان، وهو الذى وضع تفاصيل اتفاقية التعاون العسكرى.
وتزامنًا مع زيارة أردوغان للسودان، عقد رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار، اجتماعًا ثلاثيًا مع نظيريه السوداني عماد الدين مصطفى عدوي، والقطري غانم بن شاهين الغانم.
ونوه التقرير أن التطورات الأخيرة لا تلقى ترحيبًا من القاهرة في ظل توتر العلاقات بين مصر وتركيا على خلفية دعم أنقرة لجماعة الاخوان المسلمون وادانتها بشدة للإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013.
يشار إلى أن العلاقات بين مصر وتركيا شهدت توتراً على خلفية الانتقادات الشديدة من جانب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والمسؤولين الأتراك لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي ووصفه بـ"الانقلاب" وفض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة"، مما دفع مصر إلى استدعاء سفيرها لدى أنقرة للتشاور في شهر أغسطس 2013.
وكانت تركيا فتحت علاقات متطورة مع نظام الإخوان خلال سنة من حكم محمد مرسي، ووقعت معه على ما يقرب من 40 اتفاقية في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا والطاقة والدفاع والبنوك والسياحة والنقل.
وألمحت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن تركيا عملت على توثيق علاقتها مع قطر، ومن ثم مصر تجد نفسها مهددة من قبل هذين البلدين، الذين يتعاونان الآن مع السودان المجاورة. وعلى الرغم من أن العلاقات بين القاهرة والخرطوم جيدة، إلا أن هناك مسألتين مثيرتين للقلق: وعن النزاع الأول، وهو خلاف طويل الأمد بشأن إعادة توزيع مياه النيل بين مصر والدول الأفريقية، والتي تشكو دائمًا من أن الحصص الحالية وضعت خلال الحقبة الاستعمارية.
وترفض القاهرة رفضا قاطعا أي تخفيض لهذه الحصص وتعارض أيضا إقامة سد النهضة الإثيوبي. في حين أن السودان يرفض دعم موقف مصر، ويمكن أن تتفاقم هذه الأزمة بشكل إلى صراع مسلح.
وبشأن النزاع الثاني، فهي زعم السودان ملكيته منطقتي حلايب وشلاتين الحدودية، وهو ما تنفيه مصر.
وذكر التقرير أن التحالف السوداني والقطري الجديدة على طول البحر الأحمر، تحت قيادة تركيا ربما يكون السبب الرئيسي وراء صفقات مصر العسكرية الأخيرة وانفاقها على تطوير قواتها الجوية والبحرية، لافتًا إلى أن القاهرة قد اشترت حاملتي مروحيات "ميسترال" وثلاث غواصات من ألمانيا وعشرات المقاتلات المتطورة من فرنسا وروسيا.
وتضيف الصحيفة الإسرائيلية، يبدو أن كل من إيران وتركيا تحاولان توسيع دائرة نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط، ولذا يستغلان الفوضى الإقليمية، في الوقت نفسه تسعى روسيا إلى سد الفراغ الذي خلفه تراجع الدور الأمريكي.
بحسب التقرير، في ظل الحضور الباهت للولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، تعمل الدول السنية، بقيادة السعودية، إلى لفت أنظار العالم إلى ما يجري في المنطقة وخاصة في لبنان عندما أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من منصبه، وذلك لتركيز الرأي العام على التأثير المتزايد لإيران في لبنان واستيلاء حزب الله على ذلك البلد.
وفي إطار تأييدها لقطر، تعيق تركيا بشكل فعال تشكيل جبهة مناهضة لإيران في الخليج. إن اتفاقيات التعاون العسكري على طول البحر الأحمر مع الصومال والسودان تشكل تهديدا مباشرا ليس لمصر فحسب، بل أيضا لإسرائيل التي تمر سفنها وطائراتها عبر البحر في طريقها إلى آسيا وأفريقيا.
فيديو قد يعجبك: