محللان سياسيان: صعود اليمين المتطرف في البرازيل جزء من اتجاه عالمي
ريو دي جانيرو- (د ب أ):
قال اثنان من المحللين السياسيين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن صعود نجم اليمين المتطرف في البرازيل يعكس اتجاها عالميا رغم أنه في الوقت نفسه له سمات خاصة بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.
والمحللان هما "ماوريسيو سانتورو"، خبير فى العلوم السياسية بجامعة ولاية ريو دي جانيرو ، و"بيتر حكيم"، المتخصص في شؤون البرازيل بمركز "إنتر-أمريكان ديالوج" للبحوث والدراسات في واشنطن.
وقال سانتورو: "ما يحدث في البرازيل يشكل جزءا من ظاهرة عالمية ...لدينا أحد الأمثلة على تنامي العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا ، وفي الولايات المتحدة ، (وهو ما جسده) فوز دونالد ترامب".
وذكر المحلل أن الدول المعنية تشترك في " سوء السمعة البالغ للأحزاب التقليدية وغضب الناخبين وعدم الثقة لدى الناخبين والرغبة في أن يكون هناك شيء مختلف" فضلا عن أزمة سياسية او اقتصادية محتملة.
وشهدت البرازيل ، خلال العقد الماضي ، ارتفاعا في معدل البطالة، وانكماش الاقتصاد ، فضلا عن تحقيق واسع النطاق في أعمال فساد تورطت فيها الأحزاب السياسية الرئيسية، حسبما أشار سانتورو.
وأوضح المحلل أن اليمين المتطرف " احتل لاحقا مساحة كانت تخص في السابق الأحزاب المحافظة أو أحزاب يمين الوسط".
ويرى بيتر حكيم أيضا أن صعود المرشح اليميني المتطرف جاير بولسونارو له "علاقة بانتخاب ترامب والشعبوية الأوروبية".
وأضاف: "أنه انعكاس قوي لفشل الحكومات في بلد بعد بلد في معالجة أو حتى الاعتراف بالغضب والإحباط والاشمئزاز لدى قطاعات كبيرة ومتنامية من السكان."
وقال حكيم: "عندما يقترن هذا الفشل بركود أو إنحسار فى النشاط الاقتصادى وتحديات متعلقة باللاجئين والهجرة للهوية الوطنية أو الدينية ، وعنف متزايد وقيادة ضعيفة تعوزها الأمانة ، فلا ينبغي أن يكون الأمر مفاجأة في رؤية تحول نحو رجال أقوياء."
وبالنسبة لسانتورو ، فإن الفرق بين اليمين المتطرف في البرازيل أو فرنسا أو الولايات المتحدة يكمن جزئياً في قلق تلك التيارات من الجريمة.
وأضاف: "البرازيل لديها مشكلة خطيرة للغاية تتعلق بالأمن العام ، مع جرائم يومية وعامة. إنه شيء غير موجود في أوروبا ، وهي قارة آمنة جداً. ولم يكن هذا أيضاً موضوعاً رئيسياً في الانتخابات الأمريكية".
ويرى المحلل السياسى أوجه تشابه بين بولسونارو والرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي ، الذي يعطي أولوية عالية للأمن العام.
وقال سانتورو إن اليمين المتشدد البرازيلي يختلف أيضا عن اليمين المتطرف في الغرب من حيث أنه أكثر قلقا بشأن الفساد. وأضاف: "الفساد يقع في قلب عدم الارتياح تجاه الديمقراطية في البرازيل ، بمعنى أن جميع الأحزاب السياسية البرازيلية الكبرى ومعظم الزعماء السياسيين البرازيليين كانوا متورطين في شكاوى فساد".
وأضاف: "هذا يؤيد بشكل كبير تصور الناخبين بأن جميع الساسة متشابهون ، وأن النظام قد فشل. كما غذى هذا أيضا البحث عن بديل".
ففي أوروبا والولايات المتحدة، تعد مسألة الهجرة قضية رئيسية في الأجندة السياسية اليمينية، في حين أن هذا ليس هو الحال في البرازيل. وقال سانتورو: "نصيب الأجانب في سكان البرازيل صغير جدا ولا يصل حتى الى واحد في المئة ... إنه أكثر من موضوع اقليمي في البرازيل."
ويضيف أن هناك فارقا رئيسيا يتمثل فى أنه " في أوروبا والولايات المتحدة ، تعد هذه القوى اليمينية المتطرفة في الأساس ردا من جانب القومية الشعوبية تجاه العولمة ، فهي قوى معارضة للعولمة ، تسعى إلى الحمائية التجارية ، والحد من الهجرة، وتنتقد بشدة التعددية الثقافية".
وفي البرازيل، تبقى التجارة الخارجية ، فى الوقت ذاته ، على نطاق أصغر ، حسبما يقول سانتورو ، مشيرا إلى أن بولسونارو لديه أجندة اقتصادية ليبرالية.
ومع ذلك، يشترك بولسونارو في بعض السمات مع خطابة ترامب في الولايات المتحدة أو مارين لوبان في فرنسا ضد الأقليات ، على حد قول سانتورو. وأضاف أن المرشح البرازيلي يستهدف بشكل رئيسي المثليين واللاجئين والسود والسكان الأصليين.
وبالنسبة لحكيم، "إن حقيقة أن شخصا ما له وجهة نظر ومزاج بولسونارو يحمل لواء القيادة في الانتخابات الرئاسية المقبلة هو دليل على تراجع الديمقراطية في البرازيل ومخاطر المزيد من التدهور السريع".
وتحدث بولسونارو ، الذى كان ضابطا بالجيش برتبة نقيب ، بشكل إيجابي عن الدكتاتورية العسكرية في البرازيل في الفترة ما بين 1964 و 1964. وأشار الجنرال المتقاعد، هاميلتون مواراو ، المرشح على تذكرة بولسونارو لمنصب نائب الرئيس ، إلى التدخل العسكري كخيار عندما لا تعمل الديمقراطية بشكل جيد، حسبما أفاد المحلل السياسى سانتورو.
ونفى سانتورو احتمالات أن يؤدى انتصار بولسونارو إلى نهاية الديمقراطية في البرازيل. وأضاف أنه مع ذلك "يخلق خطرًا على نظامنا الديمقراطي ، والذي قد يؤدي في النهاية إلى إقامة نظام استبدادي".
ويكمن الخطر في أن بولسونارو "يستخدم صلاحياته في سحب سلسلة من الحقوق السياسية من المعارضة ومن الأقليات ، مع وجود مستوى معين من الدعم من الجيش. لكنها لن تكون حكومة ينخرط فيها الجيش بشكل مباشر".
فيديو قد يعجبك: