أموال وهدايا مقابل نزع الحياة .. مكافآت إيران لأيتام وأرامل "فاطميون"
كتب - حسام سليم:
الجميع في صدمة ولا أحد يستطيع نطق كلمة واحدة، الزوجة الشابة تبكي بأنفاس متلاحقة تكاد تنقطع، طفلان صغيران لم يعرفا بعد معنى اليُتم وأن والدهم لن يعود. ذهب منذ 4 سنوات، على متن رحلة متواصلة إلى سوريا ليقوم بدوره في الحرب الأهلية.
كان محمد مواطنًا أفغانياً يعيش في إيران يبلغ من العمر 34 عامًا، انضم إلى لواء "فاطميون"، وهو ميليشيا أنشأها الحرس الثوري الإيراني، ويتألف معظمها من الشيعة الأفغان المهاجرين. أُرسل إلى سوريا عدة مرات خلال الـ4 سنوات الماضية، إلى أن فقد حياته أخيرًا هناك.
قال أحد أقارب محمد لموقع "إيران واير"، إن شخصًا من الحرس الثوري اتصل وأخبرهم نبأ وفاته، وقدم تعازيه واعتذر عن عدم عودة محمد إلى دياره.
لدى محمد ابنة تبلغ من العمر 11 عامًا وابن في الرابعة، وبحسب أقاربه، فإنه وعلى الرغم من مرور 3 أسابيع على وفاته، فإن عائلته لم تتسلم جثته بعد.
ومِثل العديد من جنود "فاطميون" الذين تتواتر قصصهم المريرة، كان محمد قبل ذهابه القتال يعمل في مجال البناء. وأضاف قريبه أن تخصصه كان صناعة الواجهات الرخامية للمباني، وعمل في العديد من المباني في العاصمة طهران ومشهد وقم.
ولواء "فاطميون" هي ميليشيا أفغانية شيعية أسسها علي رضا توسلي في عام 2014 لقتال المعارضة السورية. يتم تمويلها وتدريبها من قبل حرس الثورة الإسلامية الإيراني. وتفيد تقارير بأن المقاتلين الأفغان يتلقون 500 دولار شهريًا. نفت الجماعة التدخل الحكومي الإيراني المباشر في أنشطتها.
يوضح أصدقاء محمد وأقاربه أنه انضم إلى كتائب "فاطميون" لـ"الدفاع عن ضريح السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب. أي أنه يقاتل تحت لواء الدين".
قبل نحو شهرين، أُمر محمد بالذهاب إلى سوريا للقيام بآخر مهمة له، وكان دائمًا ما يتصل بأسرته إلا أن المكالمات انقطعت فجأة خلال هذه المهمة، وبعد 4 أو 5 أيام، تلقت الأسرة مكالمة هاتفية من الحرس الثوري الإيراني، مفادها أن محمد قد رحل، لتصاب الأسرة بحالة من الصدمة، ولا يزال أفرادها غير مصدقين أنهم لن يروه مرة أخرى.
أشار الموقع إلى تقارير تفيد بأن العديد من المتطوعين الأفغان ينضمون إلى "فاطميون" للحصول على عوائد مالية أو وعود بأن يصبحوا مواطنين إيرانيين، لكن عائلة محمد تُصر على أنه شارك في الحرب بدافع من معتقداته "محمد ذهب إلى سوريا لمحاربة داعش والدفاع عن الضريح، لقد أراد حماية العدالة من الطغيان".
ولفت الموقع إلى أن العديد من المقاتلين الأفغان فقدوا حياتهم خلال الحرب في سوريا، ففي يناير 2018؛ صرح ظاهر مجاهد مسؤول العلاقات العامة بـ"فاطميون" لموقع "الباسيج" الإخباري، أن إجمالي عدد ضحايا "فاطميون" هو 2000 شخص، وأكثر من 8 آلاف مصاب.
وتابع أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تكشف فيها السلطات الإيرانية علنًا عن عدد الجرحى والجنود الذين سقطوا، ففي مارس 2017، قدر محمد علي شاهدي المحلاتي، أحد ممثلي المرشد الإيراني آية الله خامنئي، في مقابلة مع صحيفة "جاوان"، عدد الجنود الأفغان الذين سقطوا بأكثر من 2000 مقاتل، وأن إيران توفر الرعاية لعائلاتهم، وأن خامنئي وافق على منح الجنسية لمقاتلي "فاطميون".
وقال أيضًا إن مؤسسات الدولة ستغطي مصاريف أسرة مكونة من 5 أفراد لكل "شهيد".
وقبل تلك المقابلة، قال مقاتلون بـ"فاطميون" لـ"إيران واير" إن الحرس الثوري الإيراني وعدهم بأنه في حالة الوفاة، سيتم منح عائلات المتوفي الجنسية الإيرانية وبطاقات الهوية ومسكن وتعليم لأطفالهم. ووفقًا لآخرين، فإن "أموال الدم" للعائلات كانت بمثابة وعد آخر من الحرس الثوري الإيراني في حالة الوفاة. لكن البعض الآخر منهم نفى الحصول على هذه الوعود.
وكشفت عائلة محمد عن حصولهم على بعض الأدوات المكتبية وألعاب الأطفال، وقالوا: "لم يعدونا بأي شيء، إنهم يقدمون لأسر الجنود الذين سقطوا شقة فقط إذا كانوا بلا مأوى، لكن محمد كان له بيته الخاص".
فيما يعقد الحرس الثوري الإيراني والمدافعون عنه احتفالات منظمة بشكل جيد للجنود الأفغان الذين سقطوا في سوريا، ودفنهم بكرامة واحترام، وقد وصف العديد من النقاد هذه الاحتفالات بأنها مجرد دعاية ووسيلة لاستهداف وتشجيع الشباب الأفغاني الآخرين للانضمام إلى ميليشيا فاطميون.
والآن، تنتظر عائلة محمد عودته، يعرفون أنه لن يعود سائرًا على قدميه، بل في نعش مزخرف باسمه مُكرممًا بلقب "حارس الحرم".
فيديو قد يعجبك: