تركيا "أكبر سجن للصحفيين".. هل تستطيع إنهاء تحقيق "شفاف" حول خاشقجي؟
كتب – محمد الصباغ:
تعهدت تركيا أمام أنظار العالم أجمع بمواصلة تحقيقاتها حول اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حتى تصل إلى كل التفاصيل في القضية.
واختفى الصحفي السعودي البارز منذ الثاني من أكتوبر الجاري، وشوهد آخر مرة يدخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول.
بعدها زعمت مصادر أمنية تركية مقتله بداخل القنصلية، وأعلنت الرياض أن هذا الأمر عار تمام من الصحة، وهددت كل من يروج الاتهامات ويوجهها نحو المملكة في استباق للتحقيقات المشتركة بين تركيا والسعودية بشأن الأزمة.
وفي تقرير لوكالة أسوشيتد برس، ذكرت أن التعهد التركي بالشفافية والوصول إلى كل التفاصيل حول أزمة خاشقجي، ينظر إليه بعض المنتقدين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه أمر مشكوك فيه، حيث تواجه أنقرة اتهامات بخنق حرية التعبير.
منذ الانقلاب التركي الفاشل في عام 2016، تحولت تركيا على يد أردوغان إلى دولة استبدادية، استخدم السلطات المخوّلة له بموجب حالة الطوارئ في القبض على عشرات الآلاف من المشتبه بهم.
كما مارس حملة ضد الكثير من مؤسسات الدولة وفصل عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين في الجيش والشرطة والأجهزة الأخرى. وسجن عشرات من الصحفيين.
وأضاف تقرير أسوشيتد برس أن مسئولين أتراك اعترفوا أيضًا بأنهم احتجزوا عشرات المواطنين الأتراك في عمليات "مكافحة الإرهاب" بدول أخرى.
أعلنت تركيا أنها ستبدأ تحقيقات "شفافة" بخصوص قضية اختفاء الصحفي خاشقجي، بحسب ما صرح به وزير الداخلية سليمان صويلو.
يأتي ذلك في وقت لم تُسلط فيه الأضواء بالشكل الكافي على قرار محكمة تركية بإصدار "نشرة حمراء" بشأن الصحفيين تشان دوندار الذي يعيش في ألمانيا، وإلهان تانير الذي يعيش في أمريكا، وإدانتهم بتهم التجسس.
وتعد البطاقة أو النشرة الحمراء طلب من أحد الدول الأعضاء بالشرطة الدولية (الإنتربول) من أجل القبض على مشتبه به.
جاء ذلك وسط مخاوف غربية بشأن حرية التعبير في تركيا، وهو ما قد يبطئ من التجاوب مع مطلب أنقرة حول الثنائي.
دوندار هو رئيس التحرير السابق بصحيفة جمهورييت التركية المعارضة، وسُجن في السابق بسبب تقارير اعتبرت في بلاده "تدميرية".
وغرد الصحفي التركي بعد إعلان أنقرة أنها ستتولى التحقيقات في قضية جمال خاشقجي، وتساءل عن سبب السماح للقنصل السعودي بمغادرة تركيا، على الرغم من أن وسائل إعلامية محلية تركية ذكرت أن أنقرة تمتلك تسجيلا صوتيًا يثبت تورطه في القضية.
يذكر أنه في عام 2017، اعتبرت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين أن تركيا هي أسوأ دولة في العالم فيما يتعلق بسجن الصحفيين، ووصل عددهم إلى 73 شخصًا، فاعتبرت "أكبر سجن للصحفيين".
وفي هذا الشهر فقط، قدّرت نقابة الصحفيين التركية العدد بأنه وصل إلى 144 صحفيًا.
تركيا تبرر احتجاز الصحفيين بالزعم أن بعض من يزاولون المهنة هم بالأساس "عملاء لمنظمات خارجة عن القانون"، ومن بينهم فتح الله جولن، الداعية المقيم في الولايات المتحدة وينفي اتهامه بالتخطيط لمحاولة الانقلاب في 2016.
بينما اعترف في صورة نادرة، نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداج، خلال حوار تلفزيوني في أبريل الماضي إن المخابرات التركية، قامت بعمليات في 18 دولة و"أعادت" على الأقل 80 مواطنا تركيا مطلوبين ويشتبه في علاقتهم بمحاولة الانقلاب.
وجاءت تصريحاته بعدما استطاعت تركيا بشكل سري الترتيب بخطف وإعادة ستة مواطنين أتراك من دولة كوسوفو، ما أسفر عن غضب وزير الداخلية ومدير المخابرات ومجموعات حقوقية في كوسوفو.
كما تم احتجاز 3 رجال زعمت أنقرة أنهم على علاقة بجماعة فتح الله جولن، من الجابون وتم إعادتهم إلى تركيا للمحاكمة.
وربما القس الأمريكي أندرو برونسون هو أحد أكثر من احتجزتهم أنقرة إثارة للجدل، وذلك خلال الحملة الأخيرة للحكومة التركية.
واحتجز برانسون لمدة عامين، حتى أدانته محكمة تركية الأسبوع الماضي باتهامات متعلقة بالإرهاب قبل أن يتم إطلاق سراحه.
وأزال إطلاق سراحه توترا كبيرا في العلاقات الأمريكية التركية، وزاد من المخاوف بأن تركيا حاولت استخدام المواطن الأمريكي كورقة ضغط دبلوماسية، بحسب أسوشيتد برس.
وشكك تقرير الوكالة الأمريكية في تعهد تركيا بالتحقيق "الشفاف" حول اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في ظل تلك الوقائع المذكورة سابقًا.
فيديو قد يعجبك: