بعد انتصاره عسكريًا.. الأسد يفوز في المعركة الدبلوماسية بعد تقارب عربي
كتب – محمد الصباغ:
بات الرئيس السوري بشار الأسد قريبًا من انتصار كامل في الحرب المستمرة منذ 8 سنوات، بعدما استعاد معظم الأراضي التي سيطرت عليها قوات المعارضة المسلحة أو تنظيم داعش الإرهابي، بجانب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها من سوريا وهي التي كانت تمثل ورقة حماية للقوات الكردية في الشمال السوري.
ثم انتقلت عدوى الانتصارات من الجانب العسكري إلى الدبلوماسي، وذلك بعدما أعادت الإمارات فتح سفارتها في سوريا وتبعتها البحرين وسبقها زيارة من أول رئيس عربي إلى دمشق.
وصباح الأحد، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات، إنها تعمل على تقييم الأوضاع قبل استئناف الرحلات الجوية إلى العاصمة السورية دمشق، في خطوة بارزة حيث أن الإمارات كانت من أكبر المعارضين لبقاء الرئيس السوري في السلطة منذ اندلاع المظاهرات ضده في عام 2011.
تأتي الخطوة الإماراتية بعد أيام من استقبال مطار المنستير التونسي لأول رحلة قادمة من دمشق منذ حوالي 7 سنوات. وكانت شركتا الاتحاد وطيران الإمارات أوقفتا رحلاتهم الجوية إلى دمشق عام 2012 بسبب المخاوف الأمنية.
وقالت الخارجية الإماراتية في بيان، الخميس، أن القائم بالأعمال باشر مهام عمله من مقر السفارة الإماراتية في دمشق، وأضافت أن الخطوة تمثل حرص حكومة الدولة الخليجية على إعادة العلاقات مع سوريا إلى مسارها الطبيعي.
وأكدت الإمارات أن الخطوة "تعزز وتُفعل الدور العربي في دعم استقلال وسيادة الجهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري".
وأبدت دمشق في وقت سابق ترحيبها بأي خطوة عربية باتجاه عودة السفارات إلى العاصمة السورية وعودتها إلى العمل من جديد، وذلك بعد إغلاق منذ بدايات الأزمة.
يأتي ذلك أيضًا بعد زيارة قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى سوريا، واستقبله في دمشق الرئيس بشار الأسد.
وأعرب البشير خلال لقاء مع الأسد في قصر الشعب الرئاسي في دمشق، عن أمله في استعادة سوريا عافيتها ودورها في المنطقة بأسرع وقت، وأن يتمكن شعبها من تقرير مستقبل بلده بنفسه بعيدًا عن أي تدخّلات خارجية.
وأكّد البشير، حسبما نقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا)، وقوف بلاده إلى جانب سوريا، وأن الخرطوم على استعداد لتقديم ما يمكنها لدعم وحدة أراضي سوريا بقيادتها الشرعية، وإعادتها إلى حضن الأمة العربية.
وكان رئيس الأمن الوطني السوري علي مملوك، زار مصر الأسبوع الماضي، وتم بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك خلال هذه الزيارة من ضمنها محاربة الإرهاب.
لماذا السعي نحو عودة العلاقات مع سوريا؟
البرلمان العربي دعا بداية الشهر الجاري إلى إعادة سوريا إلى العمل العربي المشترك، وذلك بعد دعوات على مدار أشهر من عدة دول أبرزها الجزائر تطالب بعودة سوريا للجامعة العربية.
وكان وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية، أنور قرقاش، أشار إلى أن عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية يحتاج إلى توافق عربي.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط السعودية، ذكرت مصادر محلية اقتصادية سورية أن العديد من الشركات في قطاع المال والأعمال التي مقرّها الإمارات العربية المتحدة، تستعد، بشكل جدي، لبدء أعمال جديدة لها في سوريا والانخراط في مرحلة إعادة الإعمار.
ويأتي ذلك بعد تصريحات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، والتي أشار فيها إلى أن المملكة العربية السعودية وافقت على الدخول في مشروعات إعادة الإعمار السورية بدلا من الولايات المتحدة، وذلك بعد خروج القوات الأمريكية من سوريا.
فيما ترى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن التحركات العربية المتعلقة بإعادة العلاقات مع سوريا جديرة بالاهتمام، ولفتت بالتحديد إلى أن الإمارات كانت أحد أهم داعمي جماعات المعارضة السورية، وكانت هي والسعودية من أشد منتقدي حكومة الأسد.
وتوقعت الصحيفة أن تؤيد كل من الإمارات والبحرين، وهما عضوتان في جامعة الدول العربية، منح سوريا عضويتها في الجامعة مرة أخرى بعد أن عُلقت منذ عام 2011.
وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد، قال الجمعة عبر حسابه بموقع تويتر إن سوريا بلد عربي "رئيسي في المنطقة"، مضيفًا "لم ننقطع عنه ولم ينقطع عنا رغم الظروف الصعبة". وتابع أن البحرين تقف مع سوريا في حماية سيادتها وأراضيها من أي انتهاك.
وجاءت تصريحاته عقب إعلان المملكة الخليجية عن استمرار عمل سفارتها في سوريا.
وبحسب "واشنطن بوست" فإن مسؤولين دبلوماسيين وآخرين يعملون في سفارات بسوريا، أكدوا أن هناك الكثير من المؤشرات على إعادة الاعتراف بدمشق في المجتمع العربي والدولي، بالإشارة إلى إعادة فتح الحدود مع الأردن في هدوءٍ شديد مطلع هذا العام، وزيارة الرئيس السوداني عمل البشير لدمشق.
من جانبها، ذكرت صحيفة الجارديان في تحليل لها الأحد، أن التطورات العسكرية والدبلوماسية خلال الأشهر الستة الماضية في سوريا، لا تجعل أي مجال للشك في أن الأسد انتصر بشكل ساحق في الصراع السوري.
وأشارت إلى أن داعمي المعارضة السابقين "استسلموا"، ويريدون التواصل مع الحكومة السورية سواء بشكل علني أو سري. وقارنت بين وضع الأسد حاليًا الذي يسعى الجميع تقريبا للتواصل معه وبين وضع العزلة الذي عاش فيه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
قرار ترامب بسحب قواته من سوريا كان أيضًا بحسب الجارديان، عنصر أساسي في تغير قواعد اللعبة. فبعد استسلام المعارضة المسلحة في الجنوب، تظل منطقتين فقط خارج سيطرة الحكومة السورية وهما مدعومتان بقوات أجنبية، وهما تركيا في الشمال والولايات المتحدة في الشرق.
وأشار التحليل إلى أن الدولتين ترتبان مع روسيا حول كيفية تجنب اندلاع صراع، ما يعني أن أي تحركات عسكرية قادمة ستكون بموافقة موسكو وليس الأسد.
مع التغير الجديد في الخريطة الجيوسياسية بالمنطقة لصالح الأسد، هناك مخاوف من جانب الدول العربية بشأن التقارب السوري مع إيران وتركيا.
كما أنه وبحسب الجارديان، الحلف الذي يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين يرى انتصار الأسد جزء من إرث القضاء على الانتفاضات ضد الحكومات التي اندلعت في الشرق الأوسط عام 2011.
واختتمت الصحيفة تحليلها بأنه على العكس من نهاية عام 2016 حينما كان الكثيرون يشككون في استمرار الأسد، بات كثيرون حاليًا يسعون لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، وتابعت أن آخرين كثيرين سيتقدمون ويعرضون مساعداتهم.
فيديو قد يعجبك: