إعادة إعمار العراق.. لماذا تبددت آمال بغداد؟
كتبت – إيمان محمود
آمالاً عريضة علّقها العراق على مؤتمر الكويت الدولي للمانحين، في جمع ما يحتاجه من أموالاً طائلة لإعادة إعمار مدنه المُدمرة بفعل الحرب مع داعش منذ العام 2014، لكن يبدو أن الأمور لم تجرِ على نحو توقعات الدولة العراقية بسبب فساد بعض الأطراف داخل إدارتها لتجمع أقل من المبلغ الكافي لمساعدتها على النهوض.
وأعلنت الحكومة العراقية –خلال المؤتمر الذي عُقد من الاثنين إلى الأربعاء- أن خطتها ستكون على ثلاثة محاور: أولها المساهمة في إعادة تأهيل البنى التحتية في عموم العراق، وإعادة الاستقرار للمناطق المتضررة، وتنمية قطاع الخدمات.
وإلى جانب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب، فإن النزاع تسبب في نزوح الملايين، ولا يزال هناك 2.6 مليون نازح يقيمون في مخيمات في مناطق مختلفة من البلاد الغنية بالنفط.
وحسب أرقام الحكومة العراقية فقد دُمّر 70 ألف منزل بشكل كامل وبلغ مجموع المباني المتضررة حوالي 140 ألف مبنى وهو ما يحول دون عودة الكثير من النازحين واللاجئين إلى مناطقهم وقد وصل عدد هؤلاء إلى حوالي مليونين ونصف المليون نازح.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس، إطلاق خطة استراتيجية للإعمار. وكشف عن وثيقة "رؤية العراق 2030".
وأكّد العبادي في كلمته خلال الجلسة الختامية لمؤتمر الكويت، أن الخطة الاستراتيجية للإعمار، ستكون منهاج عمل للانطلاق بالمشاريع بموجب معايير وأولويات راعت متطلبات تحقيق الأهداف التنموية المستدامة لعام 2024، إضافة إلى وثيقة رؤية العراق 2030.
من جهته؛ قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أن بلاده تدرك "حجم الدمار" الذي لحق بالعراق جراء الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، ورأى أن إعادة الإعمار "عمل لن يتمكن العراق من التصدي له وحده"، داعيًا المجتمع الدولي إلى "المشاركة في هذا العمل وتحمل تبعاته".
تعهدات ضئيلة
وعلى مدار ثلاثة أيام متواصلة استضافت الكويت ممثلين عن 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، ونحو 1850 شركة عالمية، لتصل تعهدات الدول المانحة في اليوم الثالث والختامي لمؤتمر إعادة إعمار العراق المنعقد في الكويت، إلى نحو 30 مليار دولار، وهو المبلغ الذي وُصف بأنه "ضعيف جدًا".
فالعراق كان يأمل في الحصول على تعهدات بنحو 88 مليار دولار في نهاية اليوم، وعلى الرغم من دنو المبلغ عن الحاجة العراقية إلا أن وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، أشاد بـ"التزام المجموعة الدولية حيال العراق".
وقال الصباح إن "هذا المبلغ نتج عن زخم واسع من مشاركة 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية 51 من الصناديق التنموية ومؤسسات مالية إقليمية ودولية و107 منظمة محلية وإقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية و1850 جهة مختصة من ممثلي القطاع الخاص".
وفي أول رد فعل على المبلغ النهائي، قال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري "كنا نأمل بمبلغ أكبر".
قروض وليست مساعدات
من خلال ما أعلنته الدول المشاركة في مؤتمر اعمار العراق الذي اختتم اعماله اليوم عن مساهماتها المالية لإعمار هذا البلد فأن المبالغ التي تقدمت بها كانت في معظمها قروضًا ومساهمات استثمارية في مشاريع داخل البلاد فيما شكلت المبالغ المقدمة كتبرعات نسبة قليلة ومن شأن تلك القروض أن تزيد من ثقل التبعات المالية التي تتحملها البلاد مستقبلاً في عمليات تسديد هذه القروض.
واستنكر العديد فكرة "الديون" التي يُخلّفها المؤتمر على العراق، إذ واعتبرت النائبة العراقية عالية نصيف جاسم أن مؤتمر الكويت هو مؤتمر دائنين، فكل الدول ستعطي الأموال للعراق كديون وقروض مع فوائد تزداد سنوياً، لذلك هي بلا قيمة وفيها أضرار مالية كبيرة على العراق، بحسب ما نقلت صحيفة "الحياة" اللندنية.
وأكدت النائبة بالبرلمان العراقي أن المؤتمر فشل في خدمة العراق بكل المقاييس، والفائدة منه ستعود على الدول التي ستعطي القروض للعراق والتي ستستثمر فيه، وكل ذلك فيه أضرار مالية على البلد، بل وحتى على المواطن، كون هذه الخطوات ستؤدي إلى فرض ضرائب من قبل بعض المستثمرين في المستقبل على عدد من القطعات الرئيسة التي تمسّ الحياة العامة للمواطنين.
فيما قال وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد، إن بلاده في غاية الارتياح للأموال التي جمعها المؤتمر للعراق، لافتا إلى أن العراق بلد غني يحتاج وقوف أشقائه وأصدقائه، والاقتصاد العراقي سينمو وسينهض في أقرب وقت ممكن.
وعن السقف الزمني لهذه التعهدات قال إنه ستجرى عدد من المشاورات تضم الامم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي لإيجاد للمتابعة لحض الدول للوفاء بالتزاماتها، بحسب صحيفة "الراي" الكويتية.
وفيما يتعلق بمسألة الديون المتراكمة على العراق قبل المؤتمر أكد أن "مسارها مختلف تمامًا عما تم الاتفاق عليه في المؤتمر".
مخاوف من الفساد
في حين تعهّدت منظمات غير حكومية في اليوم الأول من المؤتمر بمبلغ 330 مليون دولار، فإن الجهود ترّكزت في اليوم الثاني على جمع الالتزامات والتعهدات من المانحين والمستثمرين، ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى طمأنتهم لاستمرار الحكومة العراقية بالاستمرار في محاربة الفساد.
وقال العبادي في كلمة له خلال المؤتمر "إننا مصرّون على محاربة الفساد ولن نتوقف عن محاربة تلك الافة الخطيرة التي لا تختلف عن الارهاب".
ويحتل العراق المرتبة 166 من بين 176 دولة على لائحة البلدان الأكثر فسادا بحسب آخر لائحة أصدرتها منظمة الشفافية الدولية.
وخلال مشاركته في مؤتمر الكويت؛ حثّ وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، العراق على الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية ومحاربة الفساد مؤكدًا أن ذلك من شأنه أن يعزز ثقة المستثمرين.
وقال الوزير الأمريكي إن الحكومة الشاملة التي تحاسب وتعتمد الشفافية يمكنها أن تبني مجتمعا يقاوم الأفكار المتطرفة.
ونقلت وكالة "الأناضول" التركية، عن مراقبون، إن "جذب الاستثمارات الأجنبية بالعراق، يعوقه أمرين رئيسين، هما تردي الأوضاع الأمنية وارتفاع نسب الفساد بالمؤسسات الحكومية".
وأضافت أن مؤتمر دعم إعمار العراق لم يحقق المطلوب في ظل انخفاض التعهدات، مقارنة بمستهدفات الحكومة العراقية.
فيما صرّح عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي اردلان نور الدين، بأن معطيات مؤتمر المانحين المنعقد في الكويت تفرز بفشل العراق في تحصيل الدعم الدولي المنشود بسبب الخلافات الداخلية والفساد.
وأضاف نور الدين أن العراق لم يتحصل على نسب المنح التي كان يطمح اليها لإعمار مدنه بسبب الخلافات الداخلية بين المكونات بالإضافة إلى عدم ثقة المجتمع الدولي بوصول هذه الاموال الى المشاريع المطلوبة، بحسب ما نقل موقع "صوت العراق".
وأكد أن حالات الفساد كثيرة في العراق ولم يتم السيطرة عليها في كل وأهم وزارات ومؤسسات الدولة.
فيديو قد يعجبك: