مقامرة القرن: هل خدع زعيم كوريا الشمالية ترامب ومون؟
لندن (بي بي سي)
قد يكون الزعيم الكوري الجنوبي مون جي إن عبقريا ديبلوماسيا أو شيوعيا يسعى لتدمير بلده، أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فإما أن يكون سيد سياسة حافة الهاوية أو بيدقا في لعبة خبيثة؟ يتوقف ذلك على من تتحدث إليه.
ولكن هناك عامل آخر في اللعبة هو كيم جونغ مون فهو الوحيد الذي لم يصدر تصريحا مباشرا، وقد يكون أهم لاعب في أكبر مقامرة سياسية.
فمنذ اللحظة التي مد فيها غصن الزيتون للجنوب في رسالته بمناسبة العام الجديد إلى ترحيبه الحار ببعثة بيونغ يانغ في الألعاب الأولمبية الشتوية بات واضحا أن كيم جونغ أون يسيطر على أدواته الدعائية.
وقد يرى بعضهم أن دعوته الشخصية لترامب لإجراء محادثات، فضلا عن تعهده بتجميد التجارب النووية تحركا دبلوماسيا بارعا بعد عام من عداءه الصريح للولايات المتحدة.
ولكن الخطر هنا يحيط بكل من مون جي إن ودونالد ترامب ففي موقف لا يمكن لأحد أن يزعم فيه أنه يسيطر على الموقف دون وجود استراتيجية للخروج منه، وحيث يوجد تعريفات كثيرة للنجاح والفشل، فإن أمورا كثيرة تكون على المحك.
ويرى أنصار مون أنه الدبلوماسي الذي نجح على الأقل في دفع كيم للتحدث عن التخلص من السلاح النووي. وهو الشخص الذي وجد الفرصة في رسالة العام الجديد للزعيم الكوري الشمالي.
ويقول جون ديلوري من جامعة يونسي: " يصف الناس ما يحدث بأنه هجوم السحر والجاذبية من قبل كوريا الشمالية، وفي الواقع أرى أنه هجوم جاذبية من قبل كوريا الجنوبية، فهو أمر يريده الرئيس الكوري الجنوبي مون جي إن بوضوح." كما يحاول الرئيس الكوري الجنوبي، مختارا ألفاظه بعناية، لعب دور الوسيط النزيه بالتعامل مع كيم وترامب في الوقت نفسه.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل خُدع مون وترامب؟
يقول البروفيسور لي يونغ سون من كلية الحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس:" إن كيم يسعى لتخفيف العقوبات، وإجهاض الجهود العسكرية الأمريكية، وخلق حالة يعترف فيها العالم بشرعية كوريا الشمالية كدولة نووية."
وبالنسبة لترامب فإنها أجرأ خطوة تاريخية يتخذها رئيس أمريكي في السياسة الخارجية فلو نجحت هذه المقامرة فإن ترامب قد يقدم نفسه باعتباره الرئيس الذي حل مشكلة كوريا الشمالية، ولا سيما أن انتصارات إدارته محدودة للغاية.
كما أنه يعتقد أن استراتيجيته القاضية بفرض "أقصى درجات الضغوط" واستمالة الصين والضغط على بيونغ يانغ اقتصاديا قد آتت أكلها.
ولكن لقاء كيم يعني وضعه في مرتبة الند الأمر الذي يمثل كارثة في جهود العلاقات العامة التي يقوم بها، كما أن موعد اللقاء بعد أشهر قليلة يعد إطارا زمنيا محدودا لتحقيق أهداف دبلوماسية مع زعيم وصفه منذ أشهر قليلة فقط بأنه "رجل الصواريخ القصير".
وغرد البروفيسور روبرت إي كيلي من جامعة بوسان في كوريا الجنوبية قائلا: "ترامب لم يدرس ولم يقرأ وهو يعتزم التحليق خارج النص، واللقاء في مايو يعني أنه ليس هناك وقت كاف لطاقمه للإعداد".
وبالنسبة لمون فإن الأمر متعلق بالتاريخ كما أنه شخصي أيضا. فقد لعب دورا في محاولات سابقة للتفاوض مع كوريا الشمالية من قبل عام 2007 عندما كان في وفد الرئيس الكوري الجنوب حينئذ روه موه يون لدى لقائه بالزعيم الكوري الشمالي كيم سونغ إيل. وكان ذلك آخر لقاء بين زعيمي الكوريتين.
ومنذ ذلك الحين قدم الجنوب مساعدات بلغت 4.5 مليار دولار للشمال ويرى المنتقدون أنها ساعدت على تطوير برامج السلاح في الشمال.
وكابن لاجئ من الشمال يدرك مون أيضا تأثير النزاع على شبه الجزيرة. وكان والداه قد هربا على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة عام 1950 في بداية الحرب الكورية إلى جانب آلاف اللاجئين.
وقال للصحفيين خلال حملته الانتخابية: "والدي هرب من الشمال كارها الشيوعية وأنا نفسي أكره النظام الشيوعي وذلك لا يعني ترك الناس في الشمال يعانون في ظل نظام قمعي."
ولكن ربما الخسارة السياسية آخر ما يشغل بال مون، وذلك ما ذكره لمجلة تايم العام الماضي عندما قال: "أمي هي الشخص الوحيد الذي هرب من أسرتها للجنوب، وهي تبلغ من العمر 90 عاما، وأختها الصغرى مازالت تعيش في الشمال وأمنيتها الأخيرة هي رؤية شقيقتها ثانية."
تعد هذه المحادثات مقامرة كبرى مع دولة شيوعية من الصعب قراءتها، ولكنه إذا ساعد في تقليص خطر حرب نووية ربما يفوز بجائزة نوبل للسلام وإذا أخفق سيعود لسياسة حافة الهاوية.
فيديو قد يعجبك: