الفاينانشال تايمز: ماذا وراء صورة بن سلمان في "ستاربكس"؟
كتبت- رنا أسامة:
"في قميص مفتوح وبدلة غير رسمية، بدا محمد بن سلمان كأي رجل أعمال في مانهاتن، حيث كان يحتسي القهوة في ستاربكس مع رجل الأعمال مايكل بلومبرج"، هكذا استهلّت صحيفة فاينانشال تايمز البريطاني تقريرها الذي سلّطت فيه الضوء على صور ولي العهد السعودي خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي صورة أخرى من رحلته في نيويورك، ظهر ولي العهد السعودي ذو الـ32 عامًا، مُبتسمًا وهو يحتضن لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي لشركة جولدمان ساكس، وأحد أقوى الشخصيات في وول ستريت، الذي وصف بن سلمان بأنه "مثير للإعجاب" في تغريدة كتبها عبر "تويتر" بعد اللقاء.
وقالت الصحيفة البريطانية، في تقريرها المنشور عبر موقعها الإلكتروني، إن المظهر الذي بدا عليه بن سلمان منذ وصوله الأسبوع الماضي الولايات المتحدة، يُمثّل جزءًا بسيطًا من خطته السحرية الرامية لإعادة تغيير نظرة العالم إلى السعودية، مشيرة إلى أن الرياض "أنفقت ملايين الدولارات في واشنطن في إطار جهودها للاستحواذ على النفوذ وتعزيز العلاقات بين البيت الأبيض والمملكة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات".
غير أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الرياض، وفق الفاينانشال تايمز، هو إقناع الشركات الأمريكية بالاستثمار في السعودية وتوفير التمويل والمعرفة التقنية اللازمة لدعم خطط الأمير الطموحة لتحديث بلاده.
وفي جولة الولايات المتحدة التي دامت 3 أسابيع، بحسب ما تقول الصحيفة، تخلى بن سلمان عن ملابسه التقليدية السعودية ليُظهِر نفسه كمُصلِح عظيم في سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين حكوميين وزعماء دينيين ورجال أعمال بارزين ومشاهير، من الرئيس دونالد ترامب إلى مذيعة البرامج الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري.
واعتبرت الصحيفة أن تغيير سُمعة السعودية المعروفة بكونها بلدًا محافظًا للغاية معروفاً بتفسيره المتشدد للإسلام وضعف دور المرأة به، يُعد أمرًا حاسمًا لإثبات أنه مُهيّأ للاستثمارات الأجنبية، التي بدونها لن تتحقق إصلاحات بن سلمان الاقتصادية والاجتماعية الجذرية.
ونقلت الصحيفة عن جين كينينمونت، كبيرة الباحثين في معهد "تشاتام هاوس" للأبحاث، قولها: "ظلّت الصورة العامة للسعودية سيئة للغاية لفترة طويلة، فلم يحتج الملوك السابقون إلا لمسؤولين حكوميين، ولكن السعوديين الآن بحاجة لإرضاء القطاع الخاص أكثر من أي وقت مضى".
وبعد أن استقبله ترامب، الأسبوع الماضي، في البيت الأبيض، أشارت الصحيفة إلى توقّف بن سلمان في بوسطن قبل أن ينتقل إلى نيويورك، ومحطات تالية مثل سياتل، لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وهيوستن.
وبينما تم الإعلان عن بعض الاجتماعات مع الزعماء الدينيين وكبار المسؤولين التنفيذيين، كان معظمها خاصًا. وتضمّن جدول مواعيد مُسرّباً، تلقّت صحيفة الاندبندنت نسخة منه، لقاء بن سلمان مع الرؤساء السابقين باراك أوباما، وبيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر والنجمة الشهيرة وسيدة الأعمال والتليفزيون أوبرا وينفري.
كما تم إدراج لقاءات مع المليارديرات بيل جيتس، وإيلون موسك، وبيتر تيل، بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين لشركات "أبل"، و"بوينج"، و"أمازون"، و"أوبر"، و"والت ديزني"، و"لوكهيد مارتن".
ولفتت الفاينانشال تايمز إلى أن محاولاته للوصول إلى جمهور أمريكي أوسع دفعته إلى عقد اجتماعات مع رؤساء تحرير صحيفتيّ "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" ومقابلات مع مجلتيّ "فانيتي فير" و"تايم". وتزامنًا مع الزيارة أشادت مجلة "إيه إم آي" الأمريكية بنجم غلافها بن سلمان، واصفة إيّاه "الزعيم العربي الأكثر تأثيرًا، والذي يغير العالم في سن الـ 32".
ومع سعي السعودية المتضافر لتغيير الرأي العام وزيادة الاستثمار، ترى الفاينانشال تايمز أن هناك تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيؤتي بثماره. وفي هذا الصدد، تذكر الصحيفة أن السعودية وظّفت صندوق ثروتها السيادية لتعميق الروابط الاقتصادية التي تتعدى صفقات النفط، كما استثمارها في تطبيق "أوبر".
وبينما تكافح الرياض لتحقيق وعودها على أرض الواقع، ما يزال مديرو الصناديق والشركات الأمريكية أكثر اهتمامًا بالاستيلاء على شريحة من أموال المملكة النفطية بدلًا من الاستثمار في تدريب السعوديين ودعم اقتصادهم.
بدوره، يقول أنس الموفر، المسؤول السعودي المكلف بتنفيذ برامج الإصلاح الحكومي: "نحن بحاجة إلى شركات يمكنها الاستثمار في الرعاية الصحية، والمساعدة في تحسين الخدمات الحكومية مثل برامج الرعاية الاجتماعية، ومساعدتنا على رقمنة اقتصادنا، وما زلنا في بداية هذا الطريق، وآمل أن تأتي هذه الشركات".
وهذا الأسبوع، أعلنت هيئة الحكومة السعودية المسؤولة عن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، أنها منحت تراخيص لـ 13 شركة أمريكية تتطلع إلى الاستثمار في المملكة. كما تم توقيع العشرات من الاتفاقيات الأولية، بما في ذلك مع جوجل، لكنها لم تصل إلى التزامات مالية كبيرة من قبل الشركات الأمريكية.
ويصل بن سلمان، اليوم السبت، إلى محطته الرابعة من زيارته الحالية لأمريكا، وهي مدينة سياتل بولاية واشنطن، الشهيرة بالمدينة "الزمردية" ، والتي لا تقل أهمية عن محطات العاصمة واشنطن ومدينتي بوسطن ونيويورك. وتضم سياتل نحو 500 شركة عملاقة، منها "بوينج ومايكروسوفت وكوستكو وأمازون وستاربكس".
ويرجح أن يلتقي ولي العهد في سياتل بعمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، بحثًا عن صفقات من شأنها أن تساهم في تنوع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط، وتخلق فرصاً تجارية ووظيفية كبيرة للسعوديين .
وسيجتمع في محطة الزمردية مع جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، و ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، بالإضافة إلى مسؤولين كبار من عملاق الطيران بوينج . كما تشير بعض المعلومات التي نقلتها وكالة " بلومبرج " الأمريكية إلى أن بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت سيستضيف الأمير محمد بن سلمان في منزله .
فيديو قد يعجبك: