إعلان

"غاز سام في المنزل".. قصة "سكريبال" والحرب الدبلوماسية بين روسيا والغرب

10:54 م السبت 31 مارس 2018

كتب – محمد الصباغ:

وصلت يوريا سكريبال إلى مطار هيثرو في العاصمة البريطانية لندن في الثالث من مارس الجاري، ومعها بالطبع ملابسها وأدوات الزينة وربما هدايا أيضًا. لكن في اليوم التالي لم تكن الروسية صاحبة 33 عامًا قادرة على الحديث أو السير في شوارع بريطانيا.

تعرضت هي ووالدها سيرجي سكريبال إلى محاولة اغتيال باستخدام غاز الأعصاب القاتل "نوفيتشوك"، ومنذ ذلك الوقت ترقد في مستشفى بمدينة سالزبري جنوبي إنجلترا في حالة حرجة بجوار والدها صاحب 66 عامًا.

تبع هذه المحاولة أزمة هزت الدبلوماسية حول العالم وطُرد أكثر من 300 دبلوماسي من البلد الذي يعملون فيه، وذلك بعدما اتهمت بريطانيا روسيا بتنفيذ المحاولة ضد العميل الاستخباراتي الروسي السابق الذي يُقال إنه بدأ يعمل لصالح المملكة المتحدة.

اتهام بريطانيا تم توجيهه إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل شخصي، حيث قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن بوتين على الأرجح هو من أشرف على محاولة اغتيال سكريبال. وهو الأمر الذي اعتبرته روسيا اتهام دون أي دليل واستباق لأي تحقيق، بل وطلبت موسكو المشاركة في أي تحقيق يُجرى لأن السيدة المصابة هي روسية الجنسية.

غاز قاتل في المنزل

وصلت سكريبال على متن طائرة قادمة من روسيا إلى لندن في الثالث من مارس، وقالت صحيفة التليجراف البريطانية إن شرطة مكافحة الإرهاب في إنجلترا اكتشفت أن السم المستخدم في محاولة الاغتيال وضع في حقيبة "يوليا" قبل مغادرة موسكو، ومن المرجح أنها كانت موضوعة في الملابس أو أي من أدوات المكياج الخاصة بها.

وصلت السيدة إلى منزل والدها وفي اليوم التالي عُثر عليهما أمام مركز تجاري في مدينة سالزبري فاقدي الوعي، وتم نقلهم إلى المستشفى. وقالت الشرطة البريطانية إن التحقيقات تشير إلى أن الثنائي تعرضا للمادة السامة في المنزل، بل وتعرض لها أيضًا ضابط شرطة في موقع الحادث.

وقالت الشرطة في بيان الخميس إن الخبراء حددوا أن وجود التركيز الأقوى للمادة السامة كان على مدخل منزل سكريبال. وأضاف البيان "عُثر على آثار المادة السامة في أماكن أخرى عمل فيها المحققون في الأسابيع الأخيرة ولكن بتركيزات أقل من (الآثار) التي تم العثور عليها في المنزل".

ووصف شهود عيان بريطانيين على مشهد العثور على سكريبال وابنته، بأن فم الفتاة كان عليه مادة رغوية وعيناها "بيضاء بالكامل ومفتوحتان تمامًا".
وقال طبيب رأى الابنة وعليها آثار الإصابة إنها كانت فاقدة الوعي وغير قادرة على التحكم في تحركات أعضاء جسدها.

تبادل طرد الدبلوماسيين

الرد البريطاني كان قويًا فبعد اتهام لندن لروسيا بالوقوف وراء مقتل عميل الاستخبارات الروسية السابق الذي بدأ العمل لصالح بريطانيا خلال فترة التسعينيات، طردت المملكة المتحدة 23 دبلوماسيًا روسيًا من أراضيها.
ولم يتوقف الأمر فقط عند هذا الأمر فقد أعلنت رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي إجراءات أخرى ضد موسكو، وعلى رأسها أن الوزراء وأفراد الأسرة المالكة لن يحضروا فعاليات بطولة كأس العالم في يونيو المقبل.

وأشارت إلى أن ممتلكات الدولة الروسية سوف يتم تجميدها لو ثبت بالدليل استخدامها سلاحًا ضد مواطني بريطانيا والقائمين بها. كما أعلنت أنه سوف يتم فحص الطائرات الخاصة، وإيقاف كل الاتصالات رفيعة المستوى بين البلدين.

كما صرح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بأن الريس الروسي بوتين بشكل كبير هو من أمر بمحاولة اغتيال سيرجي سكريبال. وأضاف أن الحكومة البريطانية تمتلك دليلًا على أن روسيا استخدمت الغاز السام.

وتبع التحركات البريطانية بيان من دول فرنسا وألمانيا وأمريكا قالوا فيه إن التورط الروسي في الأمر واضحًا.

وطردت الولايات المتحدة 60 دبلوماسيًا روسيًا، واتهمت موسكو باستخدام الغاز السام المحرم دوليًا. وأغلقت أيضًا القنصلية الروسية في سياتل.

وهذه هي الدول التي طردت دبلوماسيين روس، وردت موسكو بطرد نفس العدد من بلادها.
(أمريكا: 60 دبلوماسيًا - بريطانيا: 23 - أوكرانيا: 13 - فرنسا: 4 - كندا: 4 - بولندا: 4 - ألمانيا: 4 - التشيك: 3 - ليتوانيا: 3 - مولدوفا: 3 - الدنمارك: 2 - إسبانيا: 2 - إيطاليا: 2 - هولندا: 2 - لاتفيا: 1 - النرويج: 1 - رومانيا: 1 - فنلندا: 1 - كرواتيا: 1 - السويد: 1 - إستونيا: 1 - أيرلندا: 1).

الرد الروسي كان الإنكار التام ووصف ما يحدث بأنه حملة غربية تقف ورائها بريطانيا. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكريملن إن على بريطانيا أن تقدم دليلها على تنفيذ روسيا للهجوم.

كما طالبت أيضًا بالمشاركة في التحقيقات الخاصة بمحاولة الاغتيال لأن ابنة سكريبال روسية الجنسية، كما أدانت مشاركة فرنسا في التحقيقات حيث ليس لها أي صفة في القضية.

وتابع بيسكوف: "إن عاجلا أو آجلا سيكون على بريطانيا تقديم دليل لزملائها الذين يقولون إنهم مع بريطانيا. عاجلا أم آجلا سيكون عليهم الوقوف أمام اتهاماتها".

ودافعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن فكرة اتهام روسيا بالوقوف وراء الهجوم بسبب تطويرها بالأساس للغاز السام المستخدم، وقالت أن بريطانيا كانت من بين مصادر غاز الأعصاب في العالم، ومعها التشيك والسويد وربما الولايات المتحدة.

وأضافت أن عدد كبير من العملاء السوفييت السابقين ذهبوا للحياة في الغرب، ونقلوا عديد التقنيات معهم.

من هو سكريبال؟

سيرجي سكريبال عقيد سابق في جهاز المخابرات الروسية طلب اللجوء إلى بريطانيا عام 2010.

ألقى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي القبض على سكريبال عام 2004، بتهمة خيانة عشرات العملاء الروس لصالح الاستخبارات البريطانية، وحكمت عليه بالحبس 13 عامًا في عام 2006 بعد محاكمته سرًا.

واعترف سكريبال، في ذلك الوقت، بخيانته لبلاده لصالح جهاز الاستخبارات البريطانية مقابل حصوله على المال، وأوضح أنه أودع جزء من المبلغ في أحد البنوك الإسبانية، بحسب ما نقلته وسائل إعلامية روسية.

وأعفى عنه الرئيس الروسي وقتذاك ديميتري مدفيديف، من أجل استبداله بـ10 عملاء روس محتجزين في الولايات المتحدة، والسماح لهم بالعودة إلى موسكو.
وبحسب رويترز، فإن عملية استبدال الجواسيس كانت الأكبر منذ الحرب الباردة، موضحة أنها حدثت في مطار فيينا، حيث هبطت الطائرات الروسية والأمريكية جنبا إلى جنب قبل استبدال العملاء السريين.
ومع ذلك، ما تزال روسيا تعتبر سكريبال خائنا، لاسيما وأن الكرملين اتهمه بإحداث أضرار كبيرة في شبكة التجسس الروسي في بريطانيا وأوروبا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان