الغوطة الشرقية .. قوات الأسد تتقدم والهدنة لم تنقذ المدنيين
كتبت – إيمان محمود
محاولات مضنية لتخفيف معاناة السوريين في غوطة دمشق الشرقية المُحاصرة من قوات الرئيس بشار الأسد، لكنها لم تغير من الوضع شيء، في ظل الخروقات المُستمرة والقصف المُتجدد من القوات الحكومية الذي يحاول السيطرة على تلك المنطقة الاستراتيجية المجاورة للعاصمة.
ورغم استمرار التقدم العسكري للقوات الحكومية إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد أن وتيرة الغارات والقصف تراجعت إلى حد كبير منذ فترة سيران الهدنة التي أعلنتها موسكو، الثلاثاء الماضي، لمدة خمس ساعات يوميًا، بهدف فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين الذين يعانون من الحصار المُطبق داخل الغوطة.
ويحاصر الرئيس السوري منطقة الغوطة الشرقية منذ عام 2013، التي يقطنها أكثر من 400 ألف سوري، ليتسبب الحصار في نشر سوء التغذية لدى الأطفال بسرعة كبيرة وخاصة عند حديثي الولادة، فلا طعام ولا غذاء ولا حليب للأطفال، فضلا عن الموت بشظايا القذائف والصواريخ المتساقطة بشكل يومي على الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين.
وبالإضافة إلى الهُدن التي تحاول بعض الأطراف فرضها لتخفيف معاناة المنطقة؛ فإن منطقة غوطة دمشق تقع ضمن مناطق اتفاقية خفض التصعيد، التي دخلت حيز التنفيذ في مايو من العام 2017، لتنص على وقف إطلاق النار وهدنة بين الحكومة والمعارضة السورية، بالإضافة إلى إجلاء الجرحى والمدنيين ودخول المساعدات والقوافل الإغاثية، لكنها لم تُنفذ.
وأعلنت الأمم المتحدة، اليوم الأحد، مقتل 600 شخص وإصابة نحو 2000 آخرين في الغوطة السورية منذ منتصف شهر فبراير.
الجيش السوري يتقدم
أصبحت قوات الأسد تسيطر على حوالي 10% من أراضي الغوطة الشرقية، بعد معارك برية مستمرة منذ أيام ضد فصائل معارضة مسيطرة على القطاع، أبرزها فصيل "جيش الإسلام"، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وعلى مدار ثلاثة أسابيع؛ تعرضت المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة لقصف عنيف من قبل قوات الحكومة السورية، ما تسبب في مقتل 630 مدنيًا، وتزامن مع تعزيزات عسكرية في محيط المنطقة، ما شكل مؤشرًا على نية دمشق شن هجوم بري واسع.
وتمكنت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها في الساعات الـ48 الأخيرة، من التقدم والسيطرة على قريتي حوش الظواهرة وحوش الزريقية، كما سيطرت على قاعدتين عسكريتين سابقتين جنوب بلدة الشيفونية كانتا تحت سيطرة جيش الإسلام، بحسب المرصد السوري.
وتسيطر الفصائل المعارضة على ثلث مساحة الغوطة الشرقية بعدما تمكنت القوات الحكومية خلال السنوات الأخيرة من استعادة العديد من المدن والبلدات.
وأفاد جيش الإسلام بأن "الثوار يخوضون معارك عنيفة على الجبهات الشرقية من الغوطة الشرقية للتصدي لمحاولة قوات الأسد التقدم في المنطقة بدعم جوي روسي"، لافتا إلى أن "مدفعية جيش الإسلام استهدفت مواقع قوات النظام التي تقدمت عليها مؤخراً على الجبهات الشرقية وتحقق إصابات مباشرة".
من جهتها، قالت شبكة الدرر الشامية المعارضة، إن "فصائل المعارضة تصدت لمحاولة قوات النظام اقتحام الغوطة الشرقية وسط غارات جوية وعمليات قصف مكثفة بصواريخ تحوي مادة النابالم الحارقة المحرَّمة دوليا".
وفي السياق نفسه، أكد المجلس المحلي في بلدة مسرابا، أمس، أن "قوات النظام استهدفت 13 موقعاً مدنياً في البلدة بصواريخ تحوي مادة النابالم الحارقة المحرَّمة دولياً، رغم قرار مجلس الأمن 2401 الداعي لوقف إطلاق نار فوري".
قلق دولي
أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس "قلقًا عميقًا"، إزاء الوضع في الغوطة، حيث لا تزال الأمم المتحدة غير قادرة على إيصال المساعدات إلى هذا الجيب المحاصر قرب دمشق، بحسب الإليزيه.
وتابع القصر الرئاسي أن ماكرون وجوتيرس "أكدا مجددا تصميمهما على حمل النظام السوري وحلفائه على تطبيق القرار 2401 (الذي يقضي بوقف إطلاق النار في سوريا)، خصوصًا فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية".
وأضاف أن "مواكب الأمم المتحدة يجب أن تتمكن منذ الآن من إيصال المساعدات الطبية والغذائية الضرورية للسكان المحاصرين".
ومن المقرر أن يجري ماكرون، اليوم الأحد، محادثات حول سوريا مع نظيره الإيراني حسن روحاني الذي تعتبر بلاده أحد أبرز حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد.
كما أجرى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، سلسلة اتصالات هاتفية، السبت، لبحث كيفية ممارسة ضغوط من أجل تطبيق الهدنة في الغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية.
وشكلت فرنسا والسعودية والولايات المتحدة وبريطانيا والأردن "مجموعة صغيرة"، سعيًا إلى إعادة إطلاق عملية السلام حول سوريا تحت إشراف الأمم المتحدة.
فيديو قد يعجبك: