حوار- المتحدث باسم الصليب الأحمر في اليمن: 80 % من السكان بحاجة لمساعدات وهناك حالة "انعدام غذائي"
حوار- أحمد الليثي وشروق غنيم:
صراعات دولية. نزاعات مسلحة. أوبئة وأمراض. اقتتال دائر منذ 6 سنوات وتبعاته تزداد يوميا، فيما يبقى أهل اليمن محاصرون، تراقبهم الأعين، وتتناول المؤتمرات الدولية أحوالهم دون تعديل يُذكر.. بينما تحاول المؤسسات الإنسانية والإغاثية تخفيف وطأة ما يجري على الأرض.
حاور مصراوي، عدنان حزام، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن للوقوف على آخر مستجدات الوضع الإنساني هناك. كيف يتابعون انتشار الكوليرا، وهل تتطور الأزمة الغذائية إلى مجاعة كما يردد البعض. كيف تنتقل المساعدات في ظل الحصار ودور الدول التي تقدم المعونات، ومتى يتم التنسيق لذلك. حدثنا عن أعداد المتطوعين والعراقيل التي تواجههم..
- تواجه اليمن حِصار حاليًا.. كيف يؤثر ذلك على دور الصليب الأحمر؟
في الوقت الحالي هناك قيود مفروضة على دخول المساعدات والبضائع التجارية، كذلك هناك قيود على حركتها بين المدن. وهذا ما جعل اللجنة الدولية تدعو جميع الأطراف المنخرطين في النزاع في اليمن إلى تسهيل وفتح جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية لدخول المساعدات والبضائع التجارة وخاصة الغذائية والدوائية. فالمساعدات وحدها لا تكفي في بلد يعتمد على 90% من احتياجاته على الاستيراد.
-هل يواجه الصليب الأحمر عراقيل في استقبال أي مواد إغاثة؟
نحاول من خلال تواصلنا الدائم مع أطراف الصراع تسهيل مهمتنا الإنسانية ودخول المساعدات وإيصالها إلى المناطق المتضررة.
-متى استقبل الصليب الأحمر آخر مساعدات له؟
خلال شهر ديسمبر الماضي وصلت طائرتان تحملان حوالي 60 طن من المساعدات الطبية والغذائية عن طريق مطار صنعاء وكذلك شحنة الأنسولين المقدمة من الصليب الأحمر الدنماركي من خلال ميناء عدن إلى جانب وصول عدد من القاطرات المحملة بالمواد الإغاثية عن طريق منفذ الوديعة الحدودي مع الملكة العربية السعودية.
-ماذا عن طبيعة تواجد الصليب الأحمر في اليمن؟
اللجنة الدولية للصليب الأحمر متواجدة في اليمن منذ 1962. ولدينا بعثة رئيسة في العاصمة صنعاء وبعثات فرعية في عدن وصعدة وتعز والحديدة ومحافظة صنعاء تغطي كل بعثة مساحة جغرافية معينة بحيث نكون متواجدين في كل البلاد. نعمل في اليمن بحوالي 600 موظف محلي ودولي إلى جانب الدعم المقدم من المقر الرئيس في جنيف، وكذلك المكاتب الإقليمية التابعة لنا في المنطقة.
في آخر إحصائية للجنة الدولية للصليب الأحمر قالت إن عدد المصابين بالكوليرا وصل مليون مٌصاب. حدثنا عن التفاصيل
نعم وصل حالات الاشتباه بهذا الوباء إلى حوالي مليون حالة منذ تفشي الكوليرا في أبريل الماضي. وقد بُذلت جهود كبيرة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكذلك المنظمات الأخرى في تقدم العون الطبي وكذلك رفع الوعي المجتمعي بطرق الوقاية من هذا الوباء من خلال جلسات التوعية التي قامت بها فرق الهلال الأحمر اليمني بدعم من اللجنة الدولية في مختلف المحافظات اليمنية.
-ما هي المناطق التي تنتشر فيها الكوليرا في اليمن؟
تأثرت معظم المحافظات بهذا الوباء لكن الأماكن التي سجلت حالات اشتباه أعلى هي الحديدة، عمران، وحجة.
-كيف يتعامل الصليب الأحمر مع الحالات المُصابة بالكوليرا؟
منذ بداية هذا الجائحة قامت اللجنة الدولية بتقدم الدعم الدوائي لحوالي 19 مركز لمعالجة المصابين في 12 محافظة. إلى جانب دعمها للهلال الأحمر اليمني بالقيام بجلسات التوعية للوقاية من هذا الوباء في كافة المحافظات.
وماذا عن حالات الوفيات بسبب الكوليرا؟
وصلت حالة الوفيات إلى أكثر من 2000 حالة.
- ما أبرز المواقف التي يمكن أن ترويها لنا بخصوص أزمة الكوليرا الإنسانية؟
مواقف كثيرة منها أن ترى أم وهي تبكي على فراق ولدها الصغير الذي مات بسبب هذا الوباء، وكذلك مشهد المراكز التي كانت مكتظة بالحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا.
-هل لديكم أية تصورات عن تقليص أزمة الكوليرا في القريب العاجل؟
هناك مؤشرات إيجابيه ظهرت مؤخرًا من خلال نقص في عدد الحالات وهذا يعود إلى الاستمرارية من قبل المنظمات وكذلك السلطات الطبية في البلد على مكافحة هذا الوباء.
-وهل حصرتم عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.. وكيف تواجهون ذلك؟
لا يوجد لدينا إحصائية في هذا الجانب لكن بالفعل هناك أطفال يعانون من سوء التغذية في اليمن وهذا ما دفع اللجنة الدولية -كغيرها من المنظمات العاملة في اليمن- لتقديم العون الإغاثي.
-هل هناك أمراض جديدة ظهرت في اليمن غير الكوليرا؟ وكيف تتعاملون مع ذلك؟
مؤخرًا ظهرت إصابات بالدفتيريا -مرض مُعدي يصيب الحلق- وخاصة في محافظتي "آب" وسط اليمن و"الحديدة" غرب اليمن، وقامت اللجنة الدولية بتقديم بعض المضادات الحيوية والأدوية لتقديم العون في هذا الجانب.
-كيف يتعامل الصليب الأحمر مع أزمة المجاعة في اليمن.. وإلى أين وصلت الأزمة؟
من المبكر الحديث عن مجاعة ولكن هناك انعدام حاد في الأمن الغذائي في البلد. نتحدث اليوم عن حوالي 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات في مختلف المجالات الصحية والغذائية. هناك اقتصاد منهار لا يستطيع الفرد توفير احتياجاته من الغذاء بسهولة.
- ما هي المساعدات الأخرى التي يقدمها الصليب الأحمر إلى الشعب اليمني؟
تركزت مساعدات اللجنة الدولية على الأنشطة المنقذة للحياة وخاصة في مجال الجراحة من خلال تزويد القطاع الصحي بالمواد الجراحية اللازمة، وكذلك تقديم الدعم في هذا الجانب في الخطوط الأمامية للمعارك حيث نُدير مركز جراحي في محافظة عدن وكذلك نقدم الدعم لمستشفى الثورة في الحديدة واللذان يستقبلان عشرات الجرحى من تلك الجبهات يوميًا.
كما قمنا بتقديم مساعدات لمرضى الفشل الكلوي بشكل استثنائي كون تركيز اللجنة الدولية ينصب على الأنشطة المتعلقة بإنقاذ الحياة حيث تم تقديم أدوية الغسيل الكلوي لأربعة مراكز في صنعاء والمحويت وحجة وعدن. كم تم تقديم 120 ألف فيالة –عبوة- أنسولين لوزارة الصحة لتقديمها لمرضى السكري.
إلى جانب تقديم مواد إغاثية على آلاف النازحين والأسر المتضررة في مختلف المناطق في صعدة وصنعاء ومأرب وتعز والمحويت ولحج. وكذلك دعم مؤسسات المياه المحلية في العدد من المحافظات لتتمكن من تزويد مئات الآلاف من المواطنين بالمياه النظيفة.
وكيف تتأكدون من جدوى دوركم في ظل الصراع داخل اليمن؟
قمنا بزيارة المحتجزين من أجل الاطمئنان على مستوي التعامل معهم من قبل سلطات الاحتجاز وكذلك من أجل السماح لهم بالتواصل مع أسرهم.
كذلك قمنا بدعم جمعية الهلال الأحمر اليمن من أجل أن تتمكن من القيام بدورها في تعزيز الإسعافات الأولية وإخلاء الجثث والجرحى من أماكن الصراع.
-يتواجد الصليب الأحمر دائمًا في مناطق الصراع.. ما الفارق في اليمن؟
كل أزمة إنسانية لها خصوصيتها والأزمة في اليمن هي معقدة ولها أبعاد حتى قبل هذا النزاع؛ فقد شهدت اليمن العديد من النزاعات طيلة العقود الماضية إلى جانب أن اليمن تعتبر من أفقر الدول على مستوى العالم.
-هناك أكثر من فئة متناحرة داخل اليمن.. كيف تنسقون أموركم في تلك الأوضاع؟
من خلال حواراتنا مع تلك الأطراف وبناء الثقة والشفافية في التعامل وكذلك المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكذلك الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي من أبرزها مبدأ الإنسانية والاستقلالية والحياد وعدم التحيز.
-بعض الدول الخارجية تقدم مساعدات إنسانية لليمن.. فهل يتعاون الصليب الأحمر مع أي منها؟
نعمل في الأساس بالشراكة مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العالم في تقديم المساعدات وتنسيق الجهود الإنسانية في مناطق النزاع المسلح في العالم، ونتلقى إسهامات المانحين من الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف (الحكومات)، والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، والمنظمات المتخطية للحدود القومية (مثل المفوضية الأوروبية) والمصادر العامة والخاصة.
والحكومات هي الجهات المانحة الرئيسية بالنسبة لنا: فقد ساهمت بقرابة 84% من الميزانية، في المتوسط خلال السنوات الخمس الماضية. لكن تظل هذه الإسهامات طوعية ولا توجد ضمانة بأن هذه الإسهامات ستستمر على المدى الطويل.
-كيف تؤثر شدة الصراعات على دوركم كما جرى في مقتل علي عبدالله صالح كمثال؟
دور وعمل اللجنة الدولية إنساني بحت ولا يتقيد بالمستجدات السياسية، وتتعامل مع كل الأطراف بحيادية وشفافية لتتمكن من القيام بدورها الإنساني الذي جعلها تكون في صف ضحايا النزاعات المسلحة من أجل التخفيف من معاناتهم وتقديم ما يمكن تقديمه في الجانب الصحي والإغاثي.
-أزمة اليمن مطروحة طوال الوقت في الحوارات والمؤتمرات الدولية. فهل لديكم دور فيما يجري خلالها؟
اللجنة الدولية ليس لها أي قوى أو أجندة سياسية، وهمها الأساسي هو تقديم الدعم الإنساني للمتضررين من النزاعات المسلحة، لكنها ترحب بأي مبادرة تصب في صالح هؤلاء الضحايا وتخفف من معاناتهم.
فيديو قد يعجبك: