ترامب × ترامب: كيف أظهرت أزمة سوريا تناقضات الرئيس الأمريكي؟
كتب – محمد الصباغ:
يستمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في استخدام حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر في التعبير عن آرائه السياسية، ووصل الأمر إلى حد التهديد بقصف سوريا بعد الهجوم الكيماوي المزعوم في مدينة دوما.
لكن يبدو أن ترامب لا يدرك أن تغريداته باتت تعارض نفسها وما قاله قبل أشهر عاد وكتب عكسه في هذه الأيام، أو ربما كما وصفه عدد من المحللين الروس والغربيين بأنه لا ينسى أنه رجل أعمال وبالنسبة له الأقوال غير محسوبة والأفعال هي الأساس.
وكتب ترامب، يوم الأربعاء، مهددًا روسيا لمساندتها الحكومة السورية: "انتظروا الصواريخ الذكية تسقط فوق سوريا".
تهديد تبعه تصريحات من الشرق والغرب وجدل كبير في مجلس الأمن واتهامات متبادلة بين مندوبي روسيا وسوريا بمجلس الأمن وبين سفراء دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالأمم المتحدة.
كما انتشرت تقارير إخبارية حول تحركات عسكرية على الأرض السورية وتغيير مواقع للقوات السورية والروسية، وأيضًا ابتعدت قطع بحرية تابعة لموسكو من ميناء طرطوس ربما هربًا من ضربات أمريكية على سوريا أو استعدادًا للمناورة التي لن تكون قادرة عليها إلا إذا ابتعدت قليلًا نحو المياه.
ظل ترامب يكرر تهديداته واجتمع بالقادة العسكريين في الولايات المتحدة لبحث التطورات في سوريا، وصرح اليوم الخميس بأنه سيقرر في اجتماع آخر ما سيقوم به بشأن سوريا.
ترامب واصل التغريد عبر حسابه على تويتر، وواصل في نفس الوقت التناقض مع تصريحات سابقة له سواء خلال فترة حملته الانتخابية أو قبلها.
بعد الهجوم الكيماوي في أبريل من العام الماضي على مدينة خان شيخون، قصفت الولايات المتحدة الأمريكية مطار الشعيرات العسكري السوري. وجاءت الضربة بعد تغريدة للرئيس الأمريكي قال هاجم فيها بشار الأسد وقال له "سترى".
سبقت هذه التغريدة تصريحات من الإدارة الأمريكية جاء فيها أن واشنطن تصب تركيزها في سوريا على القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وليس الإطاحة بالأسد.
وبمتابعة مواقف ترامب من الحرب السورية منذ بدء تغريداته حولها في 2013 نجد أن موقفه تغير تمامًا، لدرجة أنه بدأ في تنفيذ ما كان ينتقد الإدارة الأمريكية السابقة بتنفيذه.
في الأول من سبتمبر 2013؛ غرّد الرئيس الأمريكي مهاجما باراك أوباما "ضعف الرئيس أوباما ربما أنقذنا من القيام بشيء مرعب ومكلف وهو الهجوم على سوريا".
وفي الرابع من سبتمبر 2013؛ قال ترامب موجهًا حديثه للإدارة الأمريكية السابقة "ما أقوله هو ابقوا خارج سوريا".
ثم عاد وكتب في اليوم التالي: "السبب الوحيد الذي يجعل الرئيس أوباما يريد الهجوم على سوريا هو حفظ ماء وجهه... لا تهاجموا سوريا، أصلحوا الولايات المتحدة الأمريكية".
ترامب واصل التغريد وكتب في الخامس من سبتمبر 2013: "مرة أخرى، إلى كل قائدنا الأحمق جدًا، لا تهاجم سوريا- لو فعلت سيكون هناك الكثير من الأشياء السيئة ولن تستفيد الولايات المتحدة بشيء من هذا القتال".
أما خلال حملته الانتخابية التي كان ينافس فيها هيلاري كلينتون، قال ترامب تحديدا في يوم 26 أكتوبر عام 2016: "ما يجب أن نفعله هو التركيز على داعش. ليس علينا أن نركز على سوريا".
وتابع أيضًا القول بحسب رويترز: "سينتهي الأمر بحرب عالمية ثالثة في سوريا لو استمعنا إلى هيلاري كلينتون". وكانت كلينتون قد طالبت حينها بفرض منظمة حظر جوي فوق سوريا ما يفتح الباب أمام صراع مباشر مع الطيران الروسي.
واستمر الرئيس الأمريكي على موقفه من سوريا وصرح في الخامس من أبريل العام الماضي بأن نهجه نحو سوريا وبشار الأسد تغير كثيرًا، وأرجع ذلك إلى "الهجوم على الأطفال كان له تأثير كبير عليّ"، مغامرًا ببدء حرب عالمية ثالثة كما حذر هو في السابق.
وقصد بذلك الهجوم الكيماوي على مدينة خان شيخون والذي قالت مجموعات مسلحة معارضة سورية إن دمشق نفذته وقتلت عشرات الأطفال والمدنيين. ونفت الحكومة السورية آنذاك تنفيذ الهجوم مشيرة إلى أنها قصفت موقعًا للمعارضة كانت تستخدمه كمخزن للمواد الكيماوية.
وعقب الضربة لمطار الشعيرات والتي لاقى بسببها إشادة كبيرة من مجموعات معارضة سورية، عاود مرة أخرى إلى نهجه الأصلي باعتبار أن القضاء على داعش هو الأولوية ثم يأتي بعدها بشار الأسد.
وتطور الموقف مرة أخرى في نهاية الشهر الماضي حينما ذكرت مصادر رسمية بالإدارة الأمريكية لصحيفة وول ستريت جورنال أن ترامب يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وبعد أيام خرج ترامب ليعلن بنفسه أنه يريد مغادرة القوات الأمريكية من سوريا رغبة منه في مساعدتها في بناء الولايات المتحدة الأمريكية داخليًا. وقال في مؤتمر صحفي مع قادة دول البلقان خلال الأسبوع الماضي إن الدول التي تريد للولايات المتحدة البقاء في سوريا أن تدفع فاتورة البقاء.
وبعد إعلان الخارجية الأمريكية والبنتاجون أنه لا علم لديهم بمخطط للخروج الأمريكي من سوريا، قال ترامب في تصريحات أخرى إنه يريد خروج القوات الأمريكية من سوريا في غضون عام، وسيتركون المهمة لحلفاء آخرين.
وبعد المزاعم بهجوم كيماوي على مدينة دوما السورية، خرج الرئيس الأمريكي مرة أخرى ليهدد بضرب سوريا، ويتعاون مع فرنسا وبريطانيا في التخطيط لقرار بعد الاتهامات المتتابعة من الدول الثلاث بأن سوريا من تقف وراء الهجوم في دوما بمساعدة روسية إيرانية.
فيديو قد يعجبك: