واشنطن بوست: "وهم" الديمقراطية يجتاح العالم
كتب - هشام عبد الخالق:
"يوم الثلاثاء.. تحدّث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام البرلمان الأوروبي، وعلى الرغم من ذلك وصلت كلماته إلى الجميع حول العالم بعد أن قال إن القومية والديكتاتورية أصبحت مسيطرة الآن، في الوقت الذي تبدو فيه الديمقراطية كشيء مثالي بعيد عن المنال، وتقبع أيضًا تحت الحصار.. وحتى الولايات المتحدة - والتي عادة تمثل منارة للحرية - يبدو أن ضوئها خفت لفترة من الوقت".
كانت هذه كلمات صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في افتتاحيتها اليوم الخميس، حيث أعلن ماكرون في خطابه أن ازدياد "الوطنية الأنانية والسلبية وحالة الانبهار بالليبرالية"، سيؤدي لتدمير أوروبا في الوقت الحالي، محذرًا - على وجه الخصوص - من تصاعد نغمة الاستبداد ضد المهاجرين والتي ظهرت واضحة جلية في الانتخابات المجرية الأخيرة، وازدادت بين الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا.
ولكن - بحسب الصحيفة - فإن كلمات ماكرون قد تنطبق أيضًا على نطاق أوسع من تزايد حالة معاداة الليبرالية في كلًا من تركيا، روسيا، الصين، كمبوديا، فيتنام، وعدة دول أخرى، حيث استطاع قادة هؤلاء الدول إخماد المجتمع المدني وإسكاته، تزييف ورشوة الانتخابات، منع حرية التعبير، تجاهل دور القانون، وقمع حقوق الإنسان الرئيسية، ويتعلم قادة هؤلاء الدول من بعضهم البعض في تحديث طرقهم لقمع الديمقراطية أكثر، وذلك عن طريق منع أو تحديد إمكانية وصول الجمعيات غير الحكومية، ابتكار قوانين تحد من حرية الأصوات المستقلة وتصفهم بـ "عملاء دول أجنبية"، وفرض الرقابة على الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، والأكثر أهمية أن مثل هذه الدول تحبس المعارضة وتكرر مزاعم الدول الأخرى بأنها يمكنها توفير بديلًا قابل للتطبيق للديمقراطية، والذي يمكن أن يكون غير متوقعًا وفوضويًا.
الرئيس الفرنسي، أدان ما وصفه بـ "الوهم القاتل" الذي - حسب تعبيره - "سرّع من هبوط قارتنا الأوروبية نحو الهاوية في الأجيال السابقة"، "وهم القوة المطلقة، الوطنية، التخلي عن الحريات"، وأعلن ماكرون أن "الحل لمواجهة الحكم الاستبدادي الذي يحيط بنا في كل مكان، لا يكمن في الديمقراطية السلطوية، بل في سُلطة الديمقراطية".
ماكرون، الذي لم يكمل عامًا واحدًا في الرئاسة الفرنسية بعد، ووُلد بعد الحرب العالمية الثانية، دعا الأوروبيين إلى عدم الرضا عن الديمقراطية الحالية والكفاح من أجلها، مؤكدًا "لا أريد أن أنتمي إلى جيل من النائمين، لا أريد أن أنتمي إلى جيل سينسى ماضيه أو يرفض رؤية عذاب حاضره، بل أريد أن أنتمي إلى جيل قرر الدفاع عن ديمقراطيته"، وذلك بحسب الصحيفة.
وتابعت الافتتاحية "ليست كل محاولات الولايات المتحدة في الدفاع عن الديمقراطيات تكون ناجحة دائمًا، ولكن ليس هذا سببًا للاستسلام، وكان خطاب ماكرون دافعًا أساسيًا للتحفيز على الدفاع عن الديمقراطية، بينما لا يستطيع ترامب العثور على من يلقي مثل هذه المبادئ الضرورية، وسيكون من اللازم علينا هنا أن نستمع لآراء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقادة الدول الديمقراطية الأخرى".
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "هناك مخاطر عديدة ستحل علينا من خسارة مثل هذه المعركة لصالح الديمقراطية، ستجعل عشرات ملايين الأشخاص يعيشون في مجتمعات أكثر ظلامية، دون أن يجرأوا حتى على مجرد التفكير، الحديث، أو أن يناقشوا فكرة أن يتم حكمهم كما اختاروا".
فيديو قد يعجبك: