حدد موعد ومكان رحيله.. قصة عالم أسترالي اختار "الموت الرحيم" (صور)

كتب - هشام عبد الخالق:

"نال موتة رحيمة".. عبارة نسمعها كثيرًا في الأفلام السينمائية، وتعتمد في الغالب على قتل الإنسان بطريقة سريعة وغير مؤلمة، ولكن نقل هذه الموتة من شاشات السينما إلى أرض الواقع أمر لم نسمعه أو نشهده كثيرًا، وعادة ما يكون هذا الأمر للأشخاص المصابين بأمراض مستعصية لا يمكن علاجها.

ولكن يبدو أن عالم النباتات والبيئة الأسترالي ديفيد جودال - البالغ من العمر 104 عامًا - كان له رأي آخر، حيث اختار أن يسافر إلى سويسرا ليُنهي حياته في أحد المستشفيات التي تتبع سياسة "القتل الرحيم".

تساءل الجميع عن سبب إقدام جودال على السفر لسويسرا وعدم إتمام هذه العملية داخل أحد المستشفيات الأسترالية، والسبب يكمن في أن القانون الأسترالي الجديد المشرع للموت الرحيم – أو الانتحار بمساعدة الغير- لن يدخل حيز التنفيذ حتى العام القادم، وسيكون أيضًا مقتصرًا على المرضى بأمراض عُضال فقط، وجودال لا يعاني أيًا منها على الرغم من سنّه التي تخطت المائة ببضعة أعوام.

عقد جودال أمس الأربعاء، قبل وفاته، مؤتمرًا صحفيا أجاب فيه عن أسئلة عديدة، منها استعداده للموت حيث قال: "إنه مستعد للموت استعدادًا تامًّا"، ومعربا عن أمنيته في أن تكون حالتُهُ دافعًا لدول أخرى - يقصد أستراليا - نحو إقرار قوانين جديدة تشرع "الموت الرحيم" على غرار سويسرا.

وشدد جودال في المؤتمر الصحفي على حق كل شخص في حرية اختيار الموت، وطريقته وتوقيته، خاصّةً لمن هم في مثل عمره أو أصغر سنًا حتى، وهو ما دفعه للتوجه لمنظمة "إكزيت إنترناشيونال".

تتخصص المنظمة السابق ذكرها في ما يُسمى "الموت الرحيم"، وهو اختيار الطريقة التي يريد بها شخص ما أن يموت وتوقيت هذا الموت وغيره من التفاصيل، وكانت هي من أعلنت عن وفاة العالم الأسترالي اليوم في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحًا بتوقيت جرينتش.

لم تكتفِ المنظمة فقط بتنفيذ "الموت الرحيم" لجودال، بل وفرت له دعمًا كبيرًا، وتمكنت من الحصول على موعدٍ لخضوعه للموت الرّحيم، وساهمت في جمعِ المبلغ اللازم لسفره إلى سويسرا، حيث تم تنفيذ العملية.

وكانت قضية العالم المنتحر شغلت الرأي العام حول العالم، بسبب تصميمه على الانتحار ومطالبته أستراليا وغيرها من الدول بتقنين الآلية التي تساعد على "الموت الرحيم"، حيث أعرب قبيل وفاته، عن رغبته في الموت، قائلًا إنه كان يفكر في الانتحار منذ نحو 20 عامًا، إلا أنه اتخذ قراره الآن مع تراجع قدراته الجسدية.

وولد جودال عام 1914 في لندن، وشهد الحربين العالميتين كلتيهما، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم عام 1935، ثم درجة الدكتوراة في الفلسفة عام 1941، وكلتاهما في جامعة لندن (الكلية الإمبراطورية للعلوم والتكنولوجيا)، وقد أجريت له بحوث الدكتوراه في محطة بحوث الشرق مولينج في كينت، حول الاستيعاب في امتصاص نبات الطماطم.

وتوجّه جودال إلى أستراليا عام 1948، لتولي منصب محاضر في مجال النبات والبيئة في جامعة ملبورن، واحتفل الشّهر الماضي بذكرى ميلاده الرّابعة بعد المائة.