إعلان

النفوذ والمصالح.. أدوات إيران لمواجهة ترامب وحلفائه

08:36 ص الأحد 13 مايو 2018

كتب - سامي مجدي:
في حوار مع وكالة أسوشيتد برس الجمعة، قال السياسي اللبناني المخضرم نبيه بري إن إسرائيل والولايات المتحدة لا يمكنهما تحمل تبعات حرب إقليمية واسعة النطاق، وذلك في معرض تعليقه على التوترات التي تشهدها المنطقة منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني.

قال بري "هناك مصالح أمريكية في سوريا وإذا كانت هناك حرب طويلة، فلا أعتقد أنه حتى الرئيس الأمريكي يمكنه تحمل التبعات."
ربما لا تصمد إيران طويلا أمام الولايات المتحدة في أي حرب بالنظر إلى فارق القدرات العسكرية؛ بيد أن الجمهورية الإسلامية لديها الكثير من الأدوات عبر الشرق الأوسط التي يمكنها أن تؤثر وتؤلم الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة.

فوريثة الإمبراطورية الفارسية تمتلك نفوذا هائلا في أربع دول شرق أوسطية على حدود الحليفين الرئيسيين للولايات المتحدة: إسرائيل والسعودية. الحديث هنا يدور عن العراق ولبنان وسوريا واليمن.

في العراق، الحكومة شيعية ولدى إيران حلفاءها الذين يتحكمون في كل شيء تقريبا في بلاد الرافدين. وفي لبنان هناك حزب الله، الذي حقق انتصارا كبيرا في أول انتخابات نيابية هناك منذ عقد من الزمان. وفي اليمن هناك الحوثيون الذين يخوضون حربا ضارية ضد تحالف تقوده السعودية منذ مارس 2015. أما في سوريا، فطهران هي الحليف الأساسي للرئيس السوري بشار الأسد، ولولاها هي وروسيا لكان نظام الأسد قد سقط منذ سنوات.

سوريا

undefined

أي مواجهة بين إيران واسرائيل سوف تحدث أولا وقبل كل شيء في ميادين المعركة في سوريا، حيث أسست إيران شبكة واسعة ومتنوعة من الجماعات المسلحة الموالية لها والتي تساند الرئيس السوري في حربه الضروس ضد جماعات المعارضة المسلحة وتنظيمي الدولة الإسلامية وجبهة النصرة.

وهناك مستشارون من الحرس الثوري الإيراني وقادة معارك وخبراء يتمركزون في كل القواعد العسكرية السورية تقريبا. هؤلاء يعملون جنبا إلى جنب مع الجيش السوري في معاركه ضد قوات المعارضة والجماعات المتطرفة.

التواجد الإيراني في سوريا، مصدر قلق شديد لإسرائيل، الحليف الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة. في فبراير أسقطت إسرائيل ما قالت إنها طائرة بدون طيار كانت تحمل متفجرات أرسلتها إيران من قاعدة جوية في سوريا، مما أدى إلى ضربات جوية إسرائيلية قتلت سبعة ايرانيين على الأقل، فضلا عن إسقاط طائرة إسرائيلية اثناء المعركة.

وزادت حدة التوترات بين العدوين اللدودين، مع زيادة إيران من تواجدها في الجنوب السوري حيث هضبة الجولان التي تحتل إسرائيل أجزاء منها. هذا التواجد يضع المدن والبلدات الإسرائيلية في مرمى صواريخ إيران أو حلفائها.

وتقول إسرائيل إنها سوف تفعل كل ما بوسعها لمنع الوجود الإيراني العسكري إلى جوارها. ومؤخرا استهدفت الأراضي السورية بضربات جوية مكثفة ضد منشآت تابعة لإيران أو حلفائها. وهددت إيران برد فعل انتقامي من إسرائيل، التي أمرت بفتح ملاجئ للهروب من القصف في الجولان.

ومما لا شك فيه أن تصعيد بين إيران وإسرائيل يفتح الباب أمام صراع واسع النطاق، يعتقد خبراء ومراقبون أن لا تل أبيب ولا طهران مستعدة له في الوقت الحالي.

فرغم أن دعم ترامب اللامحدود لإسرائيل وانسحابه من الاتفاق النووي الإيراني يوفر بعض الجرأة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليمضي قدما في مهاجمة إيران في سوريا، إلا أن هناك في إسرائيل من يخشى من مواجهة مفتوحة مع الجمهورية الإسلامية وحلفائها في المنطقة.

كما أن إيران ربما لا تريد التصعيد غير المحسوب، حيث أنها قوتها لا تقارن بقوة إسرائيل. هذا فضلا عن المشكلات الداخلية التي تواجه النظام الإيراني. كما أن طهران ترغب في أن تظهر بمظهر الدولة المعتدلة على الساحة العالمية خاصة بعد قرار ترامب بالانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي على غير رغبة الحلفاء الأوروبيين وروسيا والصين.
هناك أيضا القوات الأمريكية المتمركزة في سوريا، لدعم عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. هذا القوات قد تكون عرضة لهجمات من إيران أو حلفاءها حال اندلعت حرب إقليمية واسعة النطاق.

لبنان

undefined

لبنان منطقة نفوذ أخرى لإيران. فحزب الله يكاد يبسط سيطرته على الدولة الصغيرة، وخاصة المنطقة الجنوبية المجاورة لإسرائيل. وليست ببعيدة عن الأذهان حرب عام 2006 بين دولة الاحتلال والحزب الشيعي.

وقد تشعل التوترات الحالية الحدود بين إسرائيل ولبنان؛ أو بالأحرى بين إسرائيل وحزب الله الذي قد يجد نفسه مضطرا للرد على استفزازات رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت من الأوقات.

لكن هناك رادع لدى كل طرف؛ فإسرائيل تعلم مدى تطور الترسانة الصاروخية للحزب والتي قد لا تنفع القبة الحديدية في توفير الحماية الكاملة للمدن والبلدات الإسرائيلية.

أما حزب الله، فهو مغروس في الحرب السورية إلى جانب الرئيس بشار الأسد، تلك الحرب التي كلفته المئات من مقاتليه، وكلفته أيضا خسارة جزء كبير من شعبيته في العالم العربي والتي كانت في أوجها ابان حرب 2006. كما أنه يخشى تركيز إسرائيل على البنية التحتية اللبنانية وبالتالي خسارة جزء كبير من الدعم الشعبي لأي حرب يخوضها ضد العدو الإسرائيلي.

العراق

undefined

استغلت إيران غزو الولايات المتحدة للعراق في 2003 وإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، أفضل استغلال؛ حيث تغلغلت في كافة مناحي الحياة والحكم في بلاد الرافدين وباتت المليشيات الشيعية المدعومة من طهران طرف أساسي في معادلة السياسة والاقتصاد في البلد الغني بالنفط.

ويخشى الكثير من العراقيين ان تؤدي زيادة التوتر بين إيران والولايات المتحدة الى زعزعة استقرار العراق في الوقت الذي بدأت فيه البلاد تتعافى بعد سنوات من قتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر في وقت من الأوقات على ثلث الأراضي العراقية.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس في تقرير لها عن أحد قدامي المحاربين العراقيين، رياض هادي، قوله إنه يخشى أن ينتهي الأمر بالعراق إلى دفع ثمن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.

وقال الرجل البالغ من العمر 48 عاما الذي أصيبت ساقيه في انفجار قنبلة في ضاحية ببغداد "إذا حاصروا إيران، فسوف يكون العراق هو من سيخفف الضغوط".

كما نقلت وسائل إعلام عراقية الأربعاء الماضي عن أحد قيادات كتائب حزب الله العراقية قوله إن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي "سوف يشعل المنطقة". وقال جعفر الحسيني "نحن فصائل مقاومة ونحن على استعداد لاستهداف الأمريكيين في المنطقة في حالة ضرب امريكا لإيران. سيكون رد فعل عنيف".

وللولايات المتحدة مصالح جمة في العراق؛ من عقود النفط وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الأمريكية هناك وبعدها الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلى خمسة آلاف جندي أمريكي يعملون في تدريب الجيش العراقي؛ هؤلاء أيضا قد يكونوا عرضة لهجمات انتقامية من وكلاء إيران في العراق وما أكثرهم.

اليمن

undefined

اليمن مسرح مواجهة أخرى بين إيران والسعودية أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة؛ فالحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات بين تحالف تقوده السعودية وتسانده واشنطن والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يعتقد على نطاق واسع أنها تسلحهم. وتنفي إيران تلك المزاعم.

كان الحوثيون قد اجتاحوا العاصمة صنعاء في أواخر 2014، وطردوا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والتي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي. لجأ هادي إلى السعودية التي يقيم فيها منذ فراره في أوائل 2015.

وفي مارس 2015، قادت السعودية تحالفا عربيا بدأ حملة جوية مكثفة ضد الحوثيين، في مسعى لإعادة هادي إلى السلطة. لم يصمت الحوثيون. بدأوا في إطلاق صواريخ باليستية على الأراضي السعودية، وصلت إلى العاصمة الرياض.

ورغم وجود عسكريين أمريكيين على الحدود السعودية-اليمنية، إلا أن صواريخ الحوثيين لا تزال تهدد المملكة.

غزة

undefined

إلى جانب حزب الله في لبنان، هناك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة، وهي عدو لدود اخر لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

فرغم حالة الفتور بين إيران وحماس في بداية الحرب الأهلية السورية، عندما غادرت قيادة حماس في المنفى سوريا وسط حملة الرئيس السوري بشار الاسد على المعارضين السنة، وبعضهم يحمل ايديولوجية مماثلة للإخوان المسلمين، وهي الحركة الأم لحماس.

إلا أن المياه تكاد تكون قد عادت إلى مجاريها بين الدولة والحركة، وإن لم تعد كما كانت في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الثانية أوائل القرن الحالي مع وصول الدعم العسكري والمالي إلى ذروته في أعقاب انتصار حماس الانتخابي عام 2007.

وازدادت التوترات على حدود غزة مع بقية الأرض المحتلة منذ أواخر مارس الماضي؛ حيث تنظم حماس احتجاجات جماعية اسبوعية لكسر الحصار الإسرائيلي الخانق المستمر منذ عشر سنوات على القطاع الساحلي. ويتظاهر آلاف الفلسطينيين أسبوعيا على طول السياج الحدودي الفاصل بين غزة وإسرائيل. وقتل عشرات الفلسطينيين وأصيب أكثر من 1500 بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ومن المتوقع أن تكون ذروة التظاهرات يوم الاثنين في ذكرى النكبة الفلسطينية، والتي تتواكب مع نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس المحتلة. ومن المقرر أن يتدفق الاف الفلسطينيين على المنطقة الحدودية وقد يكون اختراق السياج الحدودي بصورة جماعية أمرا لا مفر منه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان