إسرائيل وإيران.. كيف تحول التحالف إلى عداء؟
كتبت- هدى الشيمي:
من الصعب تخيل أن إيران وإسرائيل جمعت بينهما علاقات ودية، وتعاونا على عدة مستويات، في ظل العداء الذي سيطر على علاقاتهما خلال العقدين الماضيين. وذكرت صحيفة ها آرتس الإسرائيلية أن التعاون العسكري استمر بين البلدين، بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، عندما قطعت طهران علاقاتها الدبلوماسية فجأة بتل أبيب.
وقالت الصحيفة، في تحليل منشور على موقعها الإلكتروني، إنه حتى اليوم ومع زيادة التوترات بين البلدين، مع وجود احتمالات بإمكانية حدوث حرب أو مواجهة مباشرة بينهما، يمكن الإشارة إلى أن إيران وإسرائيل كانتا حليفتين مقربتين، ولم تكن بينهما أي عدائية، لا سيما وأنهما تتشاركان الحدود نفسها، ولا تجمعهما نزاعات مشتركة، وعلاوة على ذلك، عاش اليهود في إيران حوالي 2700 عام.
وعقب إعلان إسرائيل قيام دولتها عام 1948، عندما شنت العراق حملة شرسة على مواطنيها اليهود، ما دفعهم لمغادرة البلاد وإعادة الاستقرار في الأراضي المحتلة، كانت إيران محطة للكثير من اليهود، الذين دفعوا مبالغ كبيرة للإيرانيين لتسهيل هذه الخدمات لهم.
ولفتت ها آرتس إلى أن إيران صوتت رسميًا لخطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947، وعارضت قبول إسرائيل كأحد أعضاء المنظمة، ومع ذلك، وفي عام 1950، أصبحت إيران ثاني دولة ذات أغلبية مُسلمة، بعد تركيا، تمنح إسرائيل الاعتراف بحكم الأمر الواقع.
لدى كل دولة دوافعها في إقامة علاقات مع البلاد الأخرى. وبالنسبة لإيران فإن إسرائيل كانت بمثابة الوسيلة التي تحصل من خلالها على رعاية الأمم المتحدة، في صراعها مع الاتحاد السوفيتي للهيمنة الإقليمية والعالمية للهيمنة.
وترى الصحيفة أن الصراع الطائفي (بين الشيعة والسنّة) قد يكون أحد أكبر أسباب التنافس بين إيران والدول العربية، إلا أن الأمر كان مُختلفًا تمامًا في الخمسينيات والستينيات، إذ أن طهران كانت ترى نفسها مُهددة بانتشار القومية العربية، التي كان يرعاها الاتحاد السوفيتي.
ومع استمرار الحرب الباردة، كانت إيران أقرب حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها المصدر الأساسي للنفط والبترول، وقتذاك، وخلال الستينيات والسبعينيات، تقول الصحيفة إن إسرائيل أرسلت المتعاقدين ومستشارين عسكريين إلى طهران، وكانت اللغة العبرية تُدرس في المدارس الإيرانية، والتي سمحت بالتحاق الأطفال الإسرائيليين إليها.
"بداية النهاية"
بدأت الأمور تتغير بالتدريج مع بدء الثورة الإيرانية، خاصة وأن الدعاة الإسلاميين في طهران كانوا يتحدثون بنبرة عدائية حادة عن إسرائيل، والانتهاكات التي تقوم بها في فلسطين.
وبعد قيام الثورة الإيرانية وانتهاء حكم الشاه، عاد آية الله خامنئي من المنفي في فرنسا في فبراير 1979، وبعد مرور أقل من 3 أشهر، أي في 18 فبراير، قطع العلاقات مع إسرائيل، وزاد الأمر سوءا هو أن خامنئي حوّل السفارة الإسرائيلية إلى مركز لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي، وهزيمة الرئيس العراقي السابق صدّام حسين في حرب الخليج عام 1991، باتت الولايات المتحدة أكبر تهديد لإيران، ووصف الرؤساء الإيرانيين أمريكا بالشيطان الأكبر، والذي كان يُخدم إسرائيل وهو الشيطان الأصغر.
وزادت حدة العدائية بين إيران وإسرائيل، بعد أن أصبح لطهران يد في العراق، ودعمها لحركة حماس في غزة، وحزب الله الشيعي اللبناني، إلا أن التغيير الكبير في الموقف الإسرائيلي من إيران حدث في نهاية الثمانينيات، ففي عام 1987، دعا إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيران بـ"صديق إسرائيل المُقرب"، وبعد عدة سنوات قال إن نظامها مُجرم، وقاتل. بينما قال شيمون بيريز، الرئيس الإسرائيلي، إن نظام طهران أكثر خطورة من هتلر.
ووصلت عدائية الخطاب والمشادات الكلامية إلى ذروتها، خلال فترتي حكم محمود أحمدي نجاد، 2005 – 2013، الذي دعا إلى إبادة إسرائيل، وأنكر حدوث محرقة الهولوكوست. وحرصت كل الأنظمة الحاكمة الإيرانية على الاحتفال بيوم القدس، للتعبير عن معارضتهم للوجود الإسرائيلي، احتجاجا على أوضاع الفلسطينيين.
تجاوزت العدائية المتبادلة حدود الخطابات والمشادات الكلامية، وذكرت الصحيفة أن نتنياهو حاول إقناع واشنطن بشن هجمات على المواقع النووية الإيرانية، قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015، ويُقال إن إسرائيل أجرت عدة عمليات سرية، خلال السنوات الماضية، بهدف عرقلة الجهود الإيرانية النووية.
فيديو قد يعجبك: