إعلان

"الإيمان يأتي أولًا".. أهداف صلاح تواجه الإسلاموفوبيا

03:11 م الإثنين 07 مايو 2018

محمد صلاح

كتبت- هدى الشيمي:

باتت طريقة احتفال اللاعب محمد صلاح بتسجيله للأهداف مألوفة، إذ ينفجر ملعب نادي ليفربول الإنجليزي بالفرحة، ويجري هو نحو أقرب نقطة لمشجعيه ويستقر في مكانه ويمد ذراعيه، وبعد أن يتلقى تهنئة زملائه، يسير ببطء عائدًا إلى نصف الملعب، ثم يهدأ المشجعون تمامًا، ويرفع صلاح يديه إلى السماء، ثم يسجد على الأرض، وعندما ينهض تتعالى صيحات المشجعين مرة أخرى.

تقول صحيفة نيويورك تايمز إن صلاح، الذي أصبح من أفضل لاعبي كرة القدم في أوروبا هذا الموسم، سجل 43 هدفًا في 49 مباراة في موسمه الأول في نادي ليفربول الإنجليزي، وقاده إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ عقد من الزمان، كما أنه حصل على جائزة أفضل لاعب إنجليزي في الموسم الحالي.

وذكرت أن صلاح (25 عامًا) أصبح رمزًا وطنيًا، خاصة بعد أن أحرز هدفًا في أكتوبر الماضي، ساعد على وصول مصر إلى كأس العالم في روسيا، بعد أن تغيبت عن البطولة منذ عام 1990.

1

وتُشير الصحيفة إلى أن المصريين يحتفون بصلاح في كل مكان، رسموا وجهه على العديد من الجدران، ولا يخلو حديث من الكلام عنه، ووصل الأمر إلى إعداد فوانيس رمضان تحمل وجهه.

ورغم أن المصريين يحرصون على متابعة مباريات الدوري الإنجليزي والكرة الأوروبية، تقول الصحيفة إن الأمر الآن وصل إلى ذروته، فتكتظ المقاهي بالمتابعين لمباريات ليفربول على وجه التحديد، للاستمتاع بمشاهدة صلاح.

يقول أحمد عطا، المحلل الرياضي لنيويورك تايمز، إنه لا يوجد لاعب مصري استطاع فعل ما تمكن صلاح منه، مُشيرا إلى أن الناس في جميع أنحاء العالم يحبون حقيقة أنه لا يخشى من السجود في الملعب أمام الجميع، في بلد أجنبي، يزداد فيها الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام)، يومًا بعد الآخر.

ويتابع: "يعتبر الناس ما فعله صلاح انتصارًا لهم".

4

ولا يختلف شعور الجالية المُسلمة في بريطانيا كثيرًا عن شعور المسلمين في مصر أو غيرها من باقي دول العالم، ويقول أبو أسامة الذهابي، إمام مسجد المسرّة داخل أحد أحياء ليفربول، إن الجالية المُسلمة في بريطانيا، والتي ينحدر أغلبها من سوريا واليمن وبنجلاديش، تتعرض لضغوط.

وارتفعت مُعدلات جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا خلال الفترة التي أعقبت الهجمات الإرهابية التي حدثت في باريس عام 2015، وفي لندن عامي 2016 و2017، حسب إحصائيات الشرطة، فيما وجدت منظمة "تيل ماما" أن معدل جرائم الإسلاموفوبيا ارتفع بنسبة 47 بالمئة عام 2016.

وأشار الإمام الذهابي إلى تاريخ ليفربول الطويل مع التنوع، موضحًا أن المدينة بأكملها اتخذت قرارًا بمقاطعة صحيفة "ذا صن" البريطانية، منذ عام 1989، بسبب تغطيتها الإعلامية التي افتقرت للمصداقية عن كارثة هليزبره، التي مات فيها حوالي 96 شخًصا من مُشجعي نادي ليفربول.

واجهت ليفربول مشاكل أيضًا. فالمدينة التي تُعتبر الأكثر ترحيبًا بالمسلمين عن أي مكان آخر في بريطانيا، شهدت عدة جرائم كراهية للمسلمين، دفعت الشرطة لتشديد التأمين على المساجد في المدينة الساحلية عقب أحداث سبتمبر عام 2001، وتعرض مسجد في بريكينهيد للاعتداء في يوليو 2005، وحسب الشرطة فإن مُعدّل جرائم الكراهية ارتفع بنسبة 75 بالمئة منذ عام 2012 وحتى 2016.

يقول الذهابي إن صلاح ساعد على تخفيف حدة الضغط الذي يعاني منه المسلمون، إذ يعلو أصوات مشجعي ليفربول بالأغاني التي تحتفي به، ويحرصون على التقاط صور معه أينما ذهب.

2

يرى جيمس ماكينا، أحد أفراد رابطة "سبيريت أوف شانكلي" التي تُشجع ليفربول، إن هذا أمر طبيعي، في المدينة المعروفة بفريقيها لكرة القدم، وتراثها الموسيقي، فهي موطن فرقة البيتلز العالمية. ويقول: "إنه هادئ، صبي متواضع ارتدى قميص ليفربول، وأصبح بطلاً، تجسيد لحلم كل مُشجع للنادي".

يعتبر المسلمون في بريطانيا صلاح مصدرًا للفخر. يقول علي عدن، بائع في محل بقالة خارج مسجد الرحمة في ليفربول، إن المسلمين كانوا يشعرون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وما فعله صلاح غير من موقف البريطانيين تجاههم، وجعلهم يتعاملون معهم بطريقة أكثر احترامًا.

ألّف مُشجعو ليفربول عدة أغاني على شرف صلاح، من بينهم واحدة تقول كلماتها: "إذا سجلت أهدافًا أخرى، سنكون مُسلمين أيضا"، أي أنهم سيعتنقون الإسلام إذا أحرز اللاعب الشاب المزيد من الأهداف. تقول نيويورك تايمز إن هذه الأغنية جذبت الانتباه، وهناك من انتقدها أيضًا، إلا أن أنور أودين، لاعب الكرة الإنجليزي السابق، يرى أن المشجعين يفعلون ذلك بحسن نية.

يقول أودين، الذي يعمل الآن على برنامج التنوع لدى اتحاد مشجعي كرة القدم، "أشياء كهذه قد تهدم الحواجز وتخلص اللاعبين المسلمين من الوصمة التي تلاحقهم في أوروبا"، في إشارة إلى أفعال صلاح البسيطة في الملعب، مثل السجود أو الانحناء للجمهور بعد إحراز هدف.

فيما يرى الإمام الذهابي أن صلاح قد يساعد على بناء جسر يصل بين الجالية المسلمة وباقي المدن، ويقول: "قد يُظهر للبريطانيين أننا نُشبه صلاح أكثر مما نُشبه الإرهابيين المتطرفين".

أما بالنسبة لآخرين، فإن الرسالة التي يبعثها نجاح صلاح للمسلمين لا تقل أهمية عن ذلك، لأنه تمكّن من العودة إلى إنجلترا منتصرًا، بعد 4 سنوات جلس فيها على مقاعد البدلاء خلال موسم كامل في تشيلسي.

3

يرى الدكتور رضوان البربندي- وهو طبيب سوري انتقل إلى بريطانيا منذ عام 2010، أن صلاح منح مزيد من الثقة للشباب الصغار خاصة، ويقول: "بإمكانك أن ترى وتشعر بتأثيره على الشباب، فهم أكثر نشاطًا وأكثر انفتاحًا، ارتفعت روحهم المعنوية، لأنه جعلهم يشعرون بإنهم إذا انخرطوا في المجتمع، وعملوا بجهد وأثبتوا أنفسهم، لن يمنعهم أحد من الصلاة، أو يعتدي عليهم أحد لأنهم يطلقون لحيتهم، أو يرتدون الجلباب، سيحترمهم الناس بغضّ النظر عمن يكونون".

وخارج مسجد الرحمة، كان عبدالعزيز ومحمد يافي يسارعان للحاق بصلاة الجمعة، وكان يافي سعيدًا بالتحدث عن صلاح، موضحًا أنه أحد مشجعي نادي ليفربول، فُتن باللاعب المصري، ومع ذلك يرى عبدالعزيز أن هذه الأسئلة يصعب الإجابة عليها.

ونظر إليه يافي نظرة يملؤها التعاطف، وقال للصحيفة: "إنه يُشجع نادي إيفرتون"، النادي الثاني في مدينة ليفربول، وتابع مُبتسمًا:" طالما لا يسجل صلاح أهدافًا في مرمى إيفرتون، سيفرح من أجله، وسعيد بما يفعله للمسلمين"، وهنا يتولى عبدالعزيز الحديث ويقول:"هذه هي الفجوة التي ملأها صلاح، فقد تمكن من إثبات أن الإيمان يأتي أولاً".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان