فصائل بالجنوب السوري: أمن إسرائيل هو أولوية الجميع .. ولن نستسلم للنظام ولا لحلفائه
القاهرة- (د ب أ):
"لن نخرج من مناطقنا" و"لن نستسلم للنظام وحلفائه الروس" و"لن نسلم سلاحنا" قد تكون هذه الجمل هي ملخص مواقف قيادات بعض فصائل المعارضة المسلحة المتواجدة بجنوب سورية بشأن ما يتردد بقوة حول أن المنطقة تمضي باتجاه أحد خيارين: المصالحة أو استعادة القوات الحكومية لها بالقوة.
وأكد العقيد أبو حسام رئيس المجلس العسكري لقوات فصيل "شباب السنة"، وهو أحد أبرز الفصائل بدرعا، أن أغلب فصائل المقاومة الجنوبية، التي يقترب عددها من الـ35 فصيلا، مجمعة على خيار المقاومة حتى الرمق الأخير.
وقال، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، :"الإعلام يتحدث عن تقديم الروس لنا عروضا للتسوية، سواء بالخروج إلى أي منطقة أخرى كإدلب أو بقائنا مع تسليم سلاحنا الثقيل والمتوسط، والواقع هو أن أغلب الفصائل لم يتلق أي عرض، نحن كفصيل شباب السنة بالأساس غير مستعدين لمسألة تسليم السلاح أو للخروج من مناطقنا التي حررناها بدماء شهدائنا. ولأننا لا نعلم ما يحاك لنا بالغرف المغلقة، فقد اتفقنا على أن نستعد لكل الخيارات بما فيها العسكري".
واستدرك :"لكننا حتى الآن ملتزمون باتفاق خفض التصعيد، الذي جاء في الأساس لخدمة مصالح إسرائيل، مثله مثل أي محاولة لتسوية مستدامة تهدف إلى إبعاد الإيرانيين ومن يوالونهم من ميلشيات عراقية ولبنانية عن حدود إسرائيل، وللعلم، هؤلاء ينسحبون أمام الإعلام من مناطق معينة وسرعان ما يعودون إليها بزي قوات النظام".
وحول أسباب قيام فصيله، الذي تأسس عام 2013 ، باستعراض عسكري ضخم لأسلحته الثقيلة بدرعا نهاية الشهر الماضي، قال إن "الاستعراض كان رسالة مزدوجة: فهو تحذير للنظام وقواته عبر إعلان مدى جاهزيتنا لمواجهته إذا ما اختار هو وحلفاؤه اللجوء للقوة المسلحة ... ومن ناحية أخرى، كان رسالة طمأنة لأهالي الجنوب ولرفع الحالة المعنوية لمقاتلينا أيضا، ولا علاقة له بوصول حشود عسكرية تابعة للنظام للجنوب كما تردد".
وكشف :"الحقيقة هي أننا لم نلمس وجود حشود وتعزيزات للنظام لبدء معركة إلا بمناطق معينة كالهبيرية بريف السويداء الشرقي، وهي بالأساس خاضعة لسيطرة النظام منذ فترة، وكذلك رصدنا تعزيزات بدير العدس شمال درعا".
وبالمثل، أكد قائد "فرقة أسود السنة" أبو عمر الزغلول رفض فصيله لكل ما يطرح عن تسويات أو تغيير محتمل للوضع القائم بمنطقة الجنوب السوري، وشدد على أن الدول والأطراف الضامنة لاتفاق خفض التصعيد تركز بالدرجة الأولى على إخلاء المناطق الحدودية من أي وجود إيراني لصالح إسرائيل.
ولم ينكر الزغلول، في اتصال مع (د.ب.أ)، قيام فصيله بتهديد قيادات ميدانية بدرعا حاولت التفاوض مع المسؤولين عن ملف المصالحات في قاعدة حميميم الروسية حول إخراج المقاتلين من مواقعهم.
وقال :"أغلب الناس في درعا مؤيدون لنا، ومن يفعلون ذلك هم رجال المصالحات والطابور الخامس: إنهم يحاولون المراوغة وبيع المقاتلين للنظام أو للروس بأي سعر، وبالتالي سيكون مصير الخائن والعميل هو الإعدام، وهناك الآن مناشير تلقى لتحذير عناصر النظام أنفسهم من المساس بأراضينا".
واستبعد الزغلول تكرار سيناريو الغوطة الشرقية بالجنوب، وشدد :"سيكون الجنوب شوكة بحلقهم، لدينا مساحات واسعة وموقع أفضل، الأمر الذي يجهض محاولات تكرار سيناريو الغوطة برمته، بالأساس لا يمكن حصار درعا في ظل تداخلنا الحدودي مع الأردن الذي لطالما أمد المعارضة بالجنوب بمختلف المساعدات".
ونفى في ذات الإطار ما يثار عن أن المملكة الأردنية تفضل وجود الحكومة السورية على معبر "نصيب" بين الجانبين وليس المعارضة، وشدد على أن "الأردن لا يزال حتى الآن يتعاطى مع رغبات المعارضة بالجنوب ويمدهم بالعون".
ولم يستبعد الزغلول أن يقوم النظام باستغلال وجود عناصر من "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم داعش أو "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا)، رغم قلة عددهم، ليبرر أمام الرأي العام أنه قادم للجنوب لتطهيره من الإرهاب.
من جانبه، أكد بشار الزعبي رئيس المكتب السياسي لـ"جيش الثورة"، الفصيل البارز بالجبهة الجنوبية، الرفض القاطع لأي حديث عن رحيل أو استسلام أو تسليم السلاح.
وتحدث عن رصد فصيله مؤخرا لتحركات من قبل قوات النظام، ولكنه اعتبر أنها لا ترقى لدرجة الجاهزية التامة لدخول معركة.
وقال الزعبي، لـ(د.ب.أ)، :"قد يكون الروس جادين في رغبتهم بإبعاد إيران عن الجنوب، في ظل الاتفاقيات بينهم وبين إسرائيل، لكن نظام بشار الأسد لا يستطيع الصمود دون إيران وميليشياتها. ولدى هؤلاء تواجدهم الكبير بالجنوب، وليس من المتوقع أن يخرجوا دون مقابل".
أما سعد الحاج المتحدث باسم فصيل "جيش أسود الشرقية"، الذي يرتكز بالقرب من قاعدة التنف التي تسيطر عليها القوات الأمريكية، فأكد عدم وجود أي "معلومات حول رحيل الأمريكيين من القاعدة".
وقال في اتصال مع (د.ب.أ) :"سمعنا حديث وزير خارجية النظام وليد المعلم حول أنه لن يكون هناك اتفاق حول الجنوب قبل انسحاب القوات الأمريكية من التنف ... ونعتقد أن هذا هو المقابل لرحيل الإيرانيين عن الجنوب. كما أننا نعتقد أن المسألة برمتها، كسائر القرارات المهمة بسورية، ستكون بيد الروس: فهم من سيتفاهمون مع الإيرانيين والأمريكيين".
من جهته، اعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن "الحديث عن معركة في الجنوب لا يزال بعيدا نسبيا"، مرجعا ذلك لعدم اكتمال التفاهمات الروسية الأمريكية وربما تلك المرتبطة بأطراف إقليمية أخرى أيضا حول الجنوب حتى اللحظة.
وقال عبد الرحمن، لـ(د.ب.أ)، "بالأساس لا توجد ميليشيات إيرانية بالجنوب وإنما يوجد مستشارون عسكريون لا يزيد عددهم عن 500 فقط، ولا يعرف أحد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على أن تنسحب من التنف لينسحب هؤلاء من الجنوب أم لا ... فبينما يحقق الانسحاب الإيراني للأمريكيين مصلحة مهمة هي تأمين إسرائيل، فإن انسحابهم من التنف يعني أن الحدود العراقية المشتركة مع سورية باتت بلا عقبات أمام إيران والنظام السوري".
وأضاف :"الفصائل بدرعا أو بالتنف تسيطر على حوالي 70 % من الأراضي بالجنوب، وكل مقاتليها من أبناء الجنوب، وهؤلاء سيكونون أمام خيارين: إما القبول بالمصالحات الروسية، أو الدخول في حرب مع النظام وروسيا، ولكن الحرب كما قلت لن تبدأ قبل وجود ضوء أخضر من الولايات المتحدة وتفاهمات مع دول إقليمية تدعم فصائل الجنوب، وكما هو معلوم فإن الفصائل بدون دعم هذه الدول لن تكون قادرة على الصمود".
فيديو قد يعجبك: