اللاجئون السوريون يخشون خسارة أردوغان وحزبه الانتخاباب الوشيكة
لندن (بي بي سي)
في مصنع صغير مكون من ثلاث طبقات مقام على مساحة مئتي متر مربع في المنطقة الصناعية بولاية غازي عنتاب بجنوبي تركيا، ينشغل عشرون عاملاً سورياً في تركيب آلة كهربائية لتعبئة السكاكر ومنتجات الشبس.
المصنع تديره عائلة سورية فرت من الحرب في مدينة حلب بعد أن تعرض مصنعها هناك للدمار جراء القصف الصاروخي.
حمل عبد الحميد بكار، مدير المصنع، عائلته وعبر الحدود إلى ولاية غازي عنتاب، حيث يعيش نحو نصف مليون لاجئ سوري فيها منذ تأجج الصراع في بلاده عام ٢٠١١.
فرص أفضل
يقول عبد الحميد، إن فرص العمل تبدو أفضل في تركيا، فالقوانين هنا تشجع الصناعيين، كما أن المواد الخام التي تدخل في صناعة الآلات متوفرة وبأسعار رخيصة، وهو ما شجعه على إعادة فتح مصنعه في تركيا.
وأوضح إن العمال السوريين الذين يعملون في مصنعه هنا، هم ذاتهم العمال الذين كانوا يعملون في المصنع القديم بحلب. ويضيف إنه وبعض عماله حصلوا على الجنسية التركية.
حال عبد الحميد كحال المئات من اللاجئين السوريين الذي يعيشون في تركيا، ممن تغلبوا على ظروفهم الصعبة، وبدأوا باقامة مشاريعهم الخاصة، بعد أن أعفتهم تركيا، من دفع أي ضرائب أو رسوم أو حتى الحصول على تراخيص كتلك التي تفرض على غيرهم من المستثمرين الأجانب.
وتستضيف تركيا نحو أربعة ملايين لاجئ سوري، يتوزع بعضهم على ٢٨ مخيما للاجئين اقيمت قرب الحدود، لكن الغالبية العظمى منهم فضلوا العيش والاندماج في المدن التركية الكبيرة كعنتاب واسطنبول وبورصة.
خوف وهلع
لكن إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عزمه على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في الرابع والعشرين من الشهر الحالي، أصاب الكثيرين منهم بحالة من الخوف والهلع، فمعظم قادة الأحزاب التركية المعارضة، والمرشحون لمنصب الرئاسة أعلنوا عن عزمهم إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، في حال فوزهم في الانتخابات.
ويقول محرم إنجه، المرشح لمنصب الرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري، وهو منافس شرس للرئيس أردوغان: "لو أن القرار بيدي اليوم لما سمحت للسوريين الذي ذهبوا لقضاء إجازة العيد في بلادهم بالعودة الى تركيا نهائيا".
ويضيف إنجه، في حديث لاحدى قنوات التلفزة التركية، "لماذا يبقون، (السوريون) إذا كانوا يستطيعون عبور الحدود إلى بلادهم؟، والسؤال الأهم لماذا ليس لدينا سفير تركي في دمشق؟ أنا سأرسل سفيراً إلى دمشق فور فوزي في الانتخابات المقبلة".
وتنتقد المعارضة كثيرا سياسة أردوغان في التدخل في الشأن السوري وإرسال قوات تركية إلى شمالي سوريا.
مرشحة حزب "الخير" ميرال أكشينار، والمعروفة بالمرأة الحديدية، تعهدت في مهرجان انتخابي لها الشهر الماضي بولاية مرسين بجنوبي تركيا، بإعادة 200 ألف لاجئ سوري موجود في مدينة مرسين إلى بلادهم، في حال فوزها بالانتخابات، في خطاب أمام مؤيديها هناك.
وأكدت أكشينار أنه وبعد فوزها ستقوم بعدد من الإصلاحات في تركيا، وأبرزها "جعل أشقائنا السوريين يتناولون وجبة إفطارهم في رمضان 2019 مع إخوانهم في سوريا".
وشددت أكشينر على أن وجود اللاجئين السوريين في البلاد "نتيجة لسياسة أردوغان الخاطئة"، وتسببت بـ "انخفاض مستوى معيشتنا فالشباب الأتراك أصبحوا يعانون من البطالة، وإلى أن يجدوا فرص عمل لهم تستمر الدولة في منحهم الرواتب" على حد قولها.
موجة كارثية
ويقول حسن (52عاماً) أحد العاملين في مصنع بكار، إنه قلق على مستقبله ومستقبل عائلته في تركيا في حال خسر أردوغان سباق الرئاسة المقبل، مضيفا: "لا أعرف ماذا سنفعل لو قاموا بطردنا من تركيا، لقد بدأنا نشعر بالاستقرار مرة أخرى بعد سنوات صعبة مررنا بها".
ويستبعد عبد الحميد حصول هذا الأمر، ويقول "إن تركيا دولة مؤسسات ولا يمكن أن تتصرف تصرفات غير مسؤولة تجاه عشرات الآلاف من العائلات التي تعيش هنا، أين سيذهبون وكيف سيعيشون؟ إن هذا سيتسبب بموجة نزوح كارثية".
وبينما تلقي المعارضة يوميا باللائمة إزاء ارتفاع نسب البطالة وتراجع الاقتصاد التركي على سياسات أردوغان التي تفتح الباب لاستضافة اللاجئين السوريين داخل تركيا، يعلن أردوغان من جهته، أنه ينوي منح مزيد من السوريين من ذوي الكفاءات والخبرات الجنسية التركية.
وتقول المعارضة إن أردوغان يريد أن يستفيد من أصوات السوريين المجنسين في الانتخابات المقبلة،غير أن إحصاءات رسمية تشير إلى أن أعداد اللاجئين السوريين الذين حصلوا على الجنسة التركية تتراوح ما بين ٦٠-٧٠ ألف سوري فقط، من أصل أقل بقليل من 60 مليون ناخب، وهي نسبة لا تذكر ولا يعول عليها في احداث أي فارق في الانتخابات، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي السوري أحمد مظهر والمقيم في غازي عنتاب.
ويقول مظهر إن إقدام المعارضة التركية على ترحيل السوريين الموجودين على أراضيها، قد يفتح مرة أخرى أبواب الهجرة إلى أوروبا ليعيد إلى الأذهان مشهدا لا تتمنى أوروبا والعالم أن يشاهدونه مرة أخرى.
نتضرع إلى الله
ويقول عبد الغني (٤٧عاما)، وهو صاحب محل لبيع الاكسسوارات والحلي النسائية في سوق الخان بغازي عنتاب: "نحن نتضرع إلى الله كل يوم ليبقى أردوغان وحزبه (حزب العدالة والتنمية) في الحكم فنحن لا نعرف ماذا سيحل بنا لو فاز أي من مرشحي المعارضة بمنصب رئيس الجمهورية التركية"، ويقاطع حديثه جاره أبو يوسف الذي يعمل في صناعة النحاسيات في السوق، قائلا: "إن الله سينصر أردوغان على كل أعدائه ومنافسيه، فنحن معه ولو كان لي حق التصويت في الانتخابات لأعطيته صوتي أنا وكل عائلتي..".
وقبل أيام فقط من موعد الانتخابات، نشر لطفي توركان أحد النواب المرشحين عن حزب "الخير"، صورتين على حسابه الشخصي في موقع تويتر، تظهر الصورة الاولى طابورا من النساء السوريات في ولاية كليس التركية الحدودية وهن يقفن أمام اجهزة الصراف الألي لتقاضي مساعدات مالية شهرية من جمعية الهلال الأحمر التركي، بينما تظهر الصورة الأخرى طابورا طويلا يضم ألف إمرأة تركية وهن مصطفات أمام مكاتب العمل التركية للتقدم لوظائف طرحتها الحكومة.
أصدرت جمعية اللاجئين بيانا أوضحت فيه أن الأموال التي تحصل عليها اللاجئات السوريات هي مقدمة من الاتحاد الاوروبي وليس من الحكومة التركية.
فيديو قد يعجبك: