رجب طيب أردوغان.. بائع الفطائر والعصير يبحث عن لقب "السلطان الأقوى"
كتب – محمد الصباغ:
كان أحد الأطفال يبيع عصير الليمون وفطائر السمسم (السميط) في مدينة إسطنبول التركية حتى يوفر لنفسه دخلًا إضافيًا، لكن بعد أكثر من خمسة عقود بات هذا الطفل هو الرجل الأقوى في البلاد ويخوض يوم الأحد انتخابات رئاسية ربما هي الأبرز في تاريخ تركيا الحديث.
هذا الفتى هو رجب طيب أردوغان الذي يقود بلاده لأكثر من 16 عامًا ويطمح في عشر سنوات أكثر، وربما أبعد من ذلك.
وتشهد تركيا، الأحد، انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، يبدأ بعدها تطبيق نتيجة استفتاء عام 2017 والذي يمنح رئيس الدولة المزيد من السلطات الواسعة بعدما كان مجرد منصبًا شرفيًا.
وربما يرغب صاحب 64 عامًا، في أن يكون الرئيس الأول الذي يحكم بالصلاحيات الجديدة وفقًا للدستور الذي يمنح الرئيس قيادة السلطات التنفيذية وإصدار المراسيم الخاصة بممارسة سلطاته في العديد من المجالات.
كما من مهام الرئيس في الدستور الجديد إعداد الموازنة السنوية وإصدار المراسيم الرئاسية وسلطة فرض حالة الطوارئ وتعيين نواب لرئيس الجمهورية والوزراء وكبار موظفي الدولة.
وفي حال فوز أردوغان بالانتخابات سيكون الرجل الذي تصفه وسائل إعلام أوروبية بالديكتاتور، أقوى ربما من مؤسس الجمهورية التركية العلمانية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
بكل الطرق يحاول أردوغان تحقيق الانتصار في الانتخابات، ولهذا وقف أمام أنصاره في الحي الذي باع فيه لأيام العصير والمياه والسميط من أجل الحشد وطلب الدعم. وقال أمام حشد انتخابي كبير: "أنا من قاسم باشا. لقد ولدت هنا ، وترعرعت هنا".
صعود
ولد أردوغان في 26 فبراير عام 1954 لرجل عسكري يعمل في خفر السواحل، وعند بلوغة الثالثة عشرة من عمره، قرر والده الانتقال إلى إسطنبول لضمان مستوى دراسي واجتماعي أفضل. وآنذاك قرر أردوغان العمل من أجل دعم الأسرة، كما التحق بأحد أندية الدوري التركي لكرة القدم وتحديدا في السبعينيات.
تقاطعت به السبل خلال الدراسة مع شخص صار بعد ذلك أول رئيس وزراء إسلامي في تركيا، نجم الدين أربكان. فانضم في 1976 إلى أربكان، ثم ابتعد عن المعترك السياسي بعد الانقلاب العسكري في 12 سبتمبر 1980.
وحينما أنشأ أربكان عام 1983 حزب الفضيلة، عاد معه أردغان، وسرعان ما أصبح مسؤوله في اسطنبول عام 1985. ثم تولى منصب رئيس بلدية إسطنبول عام 1994، ليحقق نجاحًا كبيرًا.
استقال من منصبه في عام 1997 بعد سقوط أربكان، وألقي القبض عليه في عام 1999 بعد اتهامات بالتحريض الديني بعد قصيدة قال فيها: "المسجد معسكرنا والمآذن رماحنا"، وقضي 4 أشهر في السجن خلال ذاك العام.
مرت أعوام قليلة ثم سمحت له المحكمة الدستورية بالعودة مرة أخرى إلى السياسة، وتحديدًا في أغسطس عام 2001، وأسس حينها حزب العدالة والتنمية.
تاريخه في رئاسة بلدية إسطنبول جعل حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية عام 2002، لكنه لم يتمكن من رئاسة الوزراء بسبب "عدم أهليته" الانتخابية.
أصبح رئيسًا للحكومة في عام 2003 بدلًا من ذراعه اليمنى آنذاك عبد الله جول، وذلك بعد تعديلات دستورية أقرها البرلمان الذي يسيطر عليه حزبه.
وتولى رئاسة الوزراء لمدة 11 سنة، وبعدها فاز بانتخابات الرئاسة في أغسطس 2014 ليكون أول رئيس تركي منتخب باقتراع مباشر. لكن المنصب الذي كان شرفيًا لم يعد كذلك بعد استفتاء عام 2015.
استقرار في القصر الأبيض
هذه السلطات الكبيرة للرئيس الجديد سبقها بناء قصر فخم في عام 2014، يسكنه الرئيس الجديد والذي هو بالطبع آنذاك كان رجب طيب أردوغان.
هذا القصر الذي يشبه القلاع القديمة في فخامتها وحجمها كان مثار انتقادات كبيرة للرجل القوي في تركيا، ولكن أردوغان الذي تجوّل في شوارع أنقرة في صغره ليقنع الناس بشراء العصير والسميط لم يعتبر أن القصر ملكًا له بل تعبير عن هيبة الأمة التركية.
وقال في خطاب "تنتقد المعارضة المقر الرئاسي الجديد. لكن اسمحوا لي أن أقول لكم أنه يضم ما لا يقل عن 1150 وليس ألف غرفة كما يزعم".
وصرح عن "القصر الأبيض" الذي تبلغ تكلفته حوالي 600 مليون دولار: "لا يجب التوفير عندما يتعلق الأمر بهيبة أمة"، مضيفًا "القصر ليس ملكا له ولا هو ملكيته الخاصة أنه للشعب وملك للشعب".
وظهر أردوغان في القصر بثياب رسمية، لكن بجواره وقف جنود بأزياء عسكرية يمثلون الإمبراطوريات التركية على مدار التاريخ.
فاصطف الجنود حملة رماح، ورجالا يلبسون خوذات ذهبية، وآخرين يلبسون سترات وأقنعة من السلاسل الحديدية، بل وضع بعضهم بعض الشوارب المزيفة.
كما تنتشر الإشارات حول ما إذا كان سيطلق اسم أردوغان على "أكبر مطار" سيتم افتتاحه بتركيا في عام 2023، والذي قال الرئيس التركي إنه قد يصبح الأكبر في العالم ويتعامل مع أكثر من 100 مليون راكب.
فحينما وجهت وكالة أنباء الأناضول سؤالًا لوزير النقل أحمد أرسلان حول الاسم المقترح للمطار قال: "لماذا لا يتم تسميته باسم رجب طيب أردوغان"، مضيفا أن الرئيس هو منن سيحدد الإسم.
ويحمل المطار الرئيسي في تركيا اسم مصطفى كمال أتاتورك، ويقع في مدينة إسطنبول. وبالتالي قد يصبح المطار الأكبر المقرر إقامته في تركيا على اسم الرئيس صاحب النفوذ الأكبر في التاريخ التركي منذ أتاتورك.
فيديو قد يعجبك: