"نحن فقط الخاسرون".. شهادات من داخل فلسطين عن الأوضاع في غزة
كتب - هشام عبد الخالق:
"الجميع يستغلنا.. إسرائيل وحماس وحتى الرئيس محمود عباس"، كانت هذه كلمات أحد مواطني غزة ملخصًا طبيعة العيش في الظروف التي تحيط بالمنطقة الآن.
وتابع، "إذا لم ترد حماس على العنف الذي تقوم به إسرائيل، سينتقدها الفلسطينيون ويشتكون من سلبيتها، وإذا ما ردت على العنف بإطلاقها بعض صواريخ كتائب القسام، يخشى الناس أن تؤدي هذه التطورات إلى تصعيد في العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل وجعلها أشبه بالحرب".
وأضاف، لا يمكنك دخول البحر بسبب مياه الصرف الصحي فيه، ولكن في فترة ما بعد الظهيرة يذهب الناس إلى الشواطئ، وهو المكان الوحيد الذي توجد فيه الرياح، فهم يفرون من بيوتهم الساخنة، التي لا يوجد بها كهرباء أو تكييف، وغالبًا دون مياه جارية.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، نشرت تقريرًا لها اليوم الجمعة، حول الأوضاع في قطاع غزة، استهلته بـ "أوقات القصف لا ينام أحد"، ونقلت الصحيفة عن أحد السكان الذي يعيش في شمال غزة، ورفض ذكر اسمه: "يهتز المنزل بكامله عندما يتم قصف أي شيء بجواره، ويتمايل الأثاث وتهتز أواني الطبخ، ولسوء حظي كان أحفادي يزوروني في آخر قصف تم للميناء يوم الأربعاء الماضي، ولسوء حظهم شهدوا هذا القصف، وعاش الأطفال ليلة من أسوأ لياليهم، خائفين من القنابل الإسرائيلية وصواريخ القسام، فلا نستطيع التفرقة بينهم".
وتابع المواطن الغزاوي للصحيفة، "ومن ثم أتت الأخبار باستشهاد شخص من منطقتنا، علي غندور، والذي استشهد خلال القصف الإسرائيلي، تاركًا زوجة وخمسة أطفال، المشكلة الآن ليست في من قُتل ولكن في من نجا من القتل، فكيف ستتدبر زوجته أمورها هي وأطفالهما؟ كيف سيعيش أطفاله بدون أب؟".
"جزء من الجمهور هنا يؤيد ويبررأي شيء تفعله حماس، ولكن يعارضها البعض خوفًا من اندلاع حرب، ولكن لا يريد أحد حربًا، وفي دير البلح، قتلت شابة كانت حاملًا هي وطفلتها الصغيرة البالغة من العمر عامًا ونصف، ونحن ليس لدينا غرف محصنة أو صفارات إنذار أو قبة حديدية".
"المشكلة الكبرى التي نواجهها هي أننا نعيش في عصر من الجهل، لا سيما بين الشباب. فهم ناقمين على الأوضاع، فالكهرباء تكون موجودة لمدة ثلاث أو أربع ساعات فقط في اليوم، ويجلسون خارج بيوتهم دون وظيفة، ويشعلون السجائر واحدة تلو الأخرى، ولا يفكرون. أو بالأحرى لا يعرفون كيف وفي ماذا يفكرون، أي شخص كان أفضل حالًا من الناحية المالية غادر إلى الضفة الغربية أو سافر خارج البلاد منذ فترة طويلة، الشوارع الآن مليئة بالشباب الذين يتكئون على العكازات، وهؤلاء هم جرحى مسيرات العودة التي بدأت في مارس الماضي".
ويُكمل المواطن الغزاوي، الذي تحدثت معه الصحيفة عبر الهاتف، "من المناسب لإسرائيل أن تكون حماس في السلطة، وتريدها أن تبقى هكذا"، متابعًا: "نحن أمة بائسة، كل شخص يسيء معاملتنا، إسرائيل من ناحية، وحماس من ناحية أخرى، وكذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس كعامل ثالث، إذا فتحت حماس نقطة تفتيش "إيريز" ويتركوا الناس يحصلون على عمل ويكسبون قوت يومهم، سينسى الجميع بوجودهم"، وتضيف الصحيفة، في الواقع، عمل هذا الشخص الغزاوي في إسرائيل لمدة 35 عامًا.
وتقول الصحيفة، أظهر صوت المتحدثة التالية، أنها لم تنم طوال الليل، ولا طوال النهار، وتقول المُتحدثة عبر الهاتف: "خلال القصف الذي وقع ليلة الأربعاء، عشت جميع الأيام الـ 55 لحرب 2014 مرة أخرى، بعد أن تعلمنا من التجربة، فتحنا جميع النوافذ حتى لا ينكسر الزجاج من الانفجارات، ابتعدنا عن النوافذ حتى لا يقرر مشغلو الطائرات بدون طيار أننا كنا نراقب الطريق لحماس ويطلقون الصواريخ علينا".
صورة رقم (1)
وتابعت، رافضة ذكر اسمها أيضًا، "نحن لا نفهم شيئًا مما يجري حولنا، فكلا الجانبين أعلن أنه لا يريد بدء حرب، ومع ذلك يقصف كلًا منهما الآخر كما لو كانا في حرب، مما يزيد من فرص التصعيد، وبعد أن قتلت إسرائيل الأم الحامل وابنتها سمعنا أن صاروخًا انطلق نحو بئر السبع من قطاع غزة، ونسمع حماس تردد أنها لا تريد الحرب، وكل هذا على حسابنا نحن المدنيين".
قال مصدر مقرب من قوات الأمن الفلسطينية لموقع "عماد" المرتبط بمؤيدي القيادي بحركة "فتح" محمد دحلان، أن الصاروخ أطلقته جماعة سلفية متطرفة بعد أن أعلنت مجموعات مسلحة أخرى أنها ستتوقف عن الرد على العدوان الإسرائيلي، وطبقًا للموقع، "كان الصاروخ الذي أطلق في بئر السبع عملًا "مشبوهًا" يتناقض مع استراتيجية الدفاع المشتركة، وأن مرتكبي حادث إطلاق الصاروخ عناصر "غير وطنية" (ملمحًا إلى أن الأشخاص الذين أطلقوه من الممكن أن يكونوا متعاونين مع إسرائيل).
وطبقًا للمصدر، فأن قوات حماس الأمنية تحاول تحديد مكان تلك المجموعة المتطرفة، وهذا يزيد من آمال سكان غزة بأن حماس لا تريد حربًا مع إسرائيل.
أحد مواطني رفح، قال في اتصال هاتفي مع الصحيفة: "كانت صواريخ كتائب القسام يوم الأربعاء، ردًا متوقعًا على مقتل اثنين من مقاتليهم، والحقيقة هي أن إسرائيل توقعت الرد واعترفت بأنه كان من الخطأ إطلاق النار عليهم وقتلهم. يتفهم الناس جيدًا ضرورة أن يكون هناك رد".
إذا ما اشتعلت حرب في هذا الوقت، بحسب الصحيفة، سيكتشف الجميع أن موارد غزة استهلكت وأصبحت أكثر ضعفًا بعد الثلاثة حروب السابقة، فبالإضافة إلى الفقر، الذي تفاقم هذا العام بسبب انخفاض رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، حظرت إسرائيل تدفق الوقود إلى غزة منذ 2 أغسطس، وتتضاءل الاحتياطات منذ توقف التدفق أيضًا في الفترة من 16 إلى 24 يوليو الماضي، ردًا على إطلاق الطائرات الحارقة.
ويهدد النقص الحاد في الوقود، تشغيل المستشفيات التي تمتلئ بالفعل حتى آخرها بالمصابين في مسيرات العودة، وتعاني المستشفيات أيضًا من نقص في الأدوية والإمدادات.
يؤدي نقص الوقود لتدخل بعض البلديات للحد من معالجة مياه الصرف الصحي والتخلص من القمامة، ويوم الأربعاء، حذرت منظمات الصحة ووكالات المياه، من أنه لضمان تشغيل المستشفيات المركزية وخدمات المياه والصحة العامة حتى نهاية الأسبوع، يجب توفير وقود الطوارئ بسعة تصل إلى 60،000 لتر على الأقل.
وقالت المنظمة في بيان: "الوقود هناك ينتظر موافقة السلطات الإسرائيلية حتى يصل لنا".
وتقول الصحيفة في ختام تقريرها: "في غياب إمدادات الكهرباء العادية والكافية، سيذهب وقود الطوارئ إلى مولدات المستشفيات وتشغيل مرافق معالجة المياه والصرف الصحي، إذا لم يتم توفير هذا الوقود الطارئ على الفور، فسوف تصبح حيوات 1.2 مليون شخص مهددة بسبب تدفق مياه الصرف الصحي حول 41 محطة منتشرة في أنحاء غزة".
فيديو قد يعجبك: