حلفاء تركيا.. من يقصد أردوغان ببدائل الولايات المتحدة؟
كتب - هشام عبد الخالق:
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الشكوك هذا العام حول "صداقات" الولايات المتحدة، بعد أن هاجم الاتحاد الأوروبي، اليابان، والآن تركيا، وبعد أن فرض تعريفات جديدة على أنقرة، هبطت عملتها إلى الحضيض هذا الأسبوع.
ومثلما كان الأمر مع الاتحاد الأوروبي، هاجمت الحكومة التركية تحركات ترامب بقوة، ولكن على العكس من الاتحاد الأوروبي قد لا يبدو الرئيس رجب طيب أردوغان محقًا عندما أعلن أنه لديه "بدائل" للولايات المتحدة.
وكان الرئيس أردوغان كتب في مقالٍ له بصحيفة "نيويورك تايمز" يوم الجمعة: "قبل أن يتأخر الوقت، يجب أن تتخلى واشنطن عن فكرة أن علاقتنا يمكن أن تكون غير متناسقة، وتوافق على حقيقة أن تركيا لديها بدائل أخرى".
صحيفة "واشنطن بوست" كتبت في تحليل جديد للكاتب ريك نواك، أن الانقسام بين الولايات المتحدة وتركيا ليس غير متوقع، بعد سنوات من الاختلاف حول سوريا والتغييرات الديمقراطية والسياسات الاقتصادية، حتى الآن، لا تزال الدول الغربية مسؤولة عن غالبية الاستثمارات في تركيا، ومع تزايد الخلافات بين تركيا من جانب وأوروبا والولايات المتحدة من جانب آخر، عملت أنقرة على تعزيز شراكاتها مع الدول الأخرى في السنوات الأخيرة، ومن أوائل وأهم هذه الدول روسيا، الصين وقطر.
روسيا
علاقات تركيا القوية مع روسيا ليست سرًا في دوائر السياسة الخارجية بواشنطن، فلطالما كانت لتركيا روابط أكثر قوة بالكرملين من مثيلاتها من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، قوّى أردوغان من خطبه الرنانة المناهضة للولايات المتحدة وللغرب لاستجداء المؤيدين، واتهم الرئيس التركي الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا بكونها متواطئة مع مدبري الانقلاب، وهي الاتهامات التي تزامنت مع تحسن ملحوظ في العلاقات مع موسكو.
وعلى مدار العامين الماضيين، اشترك مسؤولون أتراك في لقاءات مع نظرائهم الروس والإيرانيين لمناقشة وضع سوريا، وحقيقة أن الولايات المتحدة لم تشترك في هذه اللقاءات تبين كيف تباعد حليفي الناتو عن بعضهما البعض (الولايات المتحدة وتركيا).
ويقول آيان إردمير، أحد أعضاء البرلمان التركي السابقين في حوار مع واشنطن بوست في 2016: "إن تحول تركيا من التحالف عبر الأطلنطي وتحركها نحو روسيا وإيران، كان قيد الإعداد لفترة طويلة، وأصبحت الولايات المتحدة، بالنسبة لأردوغان، غير ذات صلة، لأنه في الشرق الأوسط يتم التعامل بواسطة الأفعال وليس الخطب الرنانة، وبالنسبة لأردوغان، كانت واشنطن تتحدث أكثر مما تفعل".
أدى الغضب التركي من تراخي الولايات المتحدة لمنع تكوين دولة كردية موحدة، لتحول أردوغان من كونه خصمًا قويًا للرئيس السوري بشار الأسد، لقبوله الدعم الذي توجهه روسيا له.
وتابع التحليل، قد يتحول التعاون في سوريا قريبًا إلى شراكة أوسع، بعد أن اقترحت تركيا خلال عطلة نهاية الأسبوع أنها كانت تخطط للالتفاف على التعريفات الأمريكية، بالتخلي عن الدولار والتعامل التجاري مع دول مثل الصين أو روسيا بعملات أخرى، وأشار الكرملين إلى أنه على استعداد لقبول الاقتراح.
ولكن، تكمن مشكلة هذه الفكرة، في أن إنشاء مثل هذه الآلية لن يحدث بين عشية وضحاها، وعلى الرغم من أن نزاعها الحالي مع الولايات المتحدة يمكن أن يجعل موسكو شريكًا أكثر جاذبية لتركيا، إلا أن تراجع اعتماد أنقرة على الدولار الأمريكي سيستغرق بعض الوقت.
قطر
كانت الدولة الغنية في الخليج العربي على علاقات قوية مع تركيا منذ زمن، مع تجديد الالتزام بتلك العلاقة في 2015. وتتمركز بعض القوات التركية في قطر، واتفقت الدولتان على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة. وتنظر بعض الدول في المنطقة إلى العلاقات العسكرية بين تركيا وقطر بمزيد من الشكوك، وكان تعليقها مطلبًا أساسيًا من قِبل مجموعة من الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر في العام الماضي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين).
لم يؤدِ قطع العلاقات إلى النتيجة المتوقعة منه، بل على العكس، فبعد أن قطعت السعودية ودولًا أخرى علاقاتها مع قطر وأوقفت إيصال الطعام والبضائع الأخرى إلى قطر، أرسلت تركيا على الفور طائرات إغاثة محملة بتلك البضائع، وقابلت قطرهذه الحركة باستثمار المزيد من الأموال في تركيا.
ولكن، بحسب الصحيفة، في الوقت الذي تواجه قطر أزمتها الخاصة، لا يزال الأمر غير واضح إذا ما كانت الدولة الخليجية الصغيرة سوف تكون قادرة على مساعدة الدولة الصديقة الواقعة في مشكلة.
الصين
قد لا تبدو الصين شريكًا استراتيجيًا بالنسبة لتركيا المسلمة من الوهلة الأولى، بسبب قمع بكين لأقلية الأيغور المسلمة، ولكن تعد الصين تركيا بما أرادته لوقتٍ طويل من الغرب، وهو البديل للاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا لدخوله منذ وقت طويل، ويتمثل هذا البديل في "منظمة شانجهاي للتعاون".
أعلنت تركيا والصين الأسبوع الماضي، عن توسيع العلاقات العسكرية بين الدولتين، في وقت أصبح فيه مستقبل الناتو غير مؤكد بشكل أكبر من أي وقت مضى.
كانت بكين متحمسة لملء الفراغ العالمي الذي خلفته الولايات المتحدة في السلطة، خاصة بعد انسحاب ترامب من الاتفاقات التجارية وإثارة تساؤلات حول مستقبل الناتو، وكجزء من جهودها الرامية إلى إنشاء نظام اقتصادي وسياسي بديل في إطار مبادرة "الحزام والطريق" التي تبلغ قيمتها 1 تريليون دولار، زادت التجارة التركية الصينية إلى 27 ضعفًا على مدار السنوات الخمس عشرة الماضية، لتصل الآن إلى حوالي 27 مليار دولار سنويًا.
ويبدو أن الشعور بين تركيا والصين متبادلًا في سعي الأولى لمزيد من العلاقات مع الأخيرة، ويقول محلل الشؤون الآسيوية فار كيم بينج في مقال بصحيفة "ساوث شاينا بوست": "إذا ما سقطت تركيا.. سيسقط العالم معها".
فيديو قد يعجبك: